شرع يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلفة بالجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بمراكش، يوم الأربعاء الماضي، في التحقيق التفصيلي مع عمدة المدينة، والنائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، العربي بلقايد، ونائبه الأول، البرلماني عن نفس الحزب، يونس بنسليمان، بعد قرار متابعتهما في حالة سراح بتهمة تبديد أموال عمومية في صفقات مؤتمر المناخ «كوب 22».
وكان قاضي التحقيق قد استمع للعمدة بلقايد ونائبه تمهيديا بعد قرار النيابة العامة تحريك المتابعة في حقهما رفقة موظفين ومقاولين على خلفية التلاعبات التي شابت صفقات «كوب 22»، وتتعلق هذه التهم بـ«تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، وجنحة استعمال صفة نظمت السلطات العمومية شروط اكتسابها دون استيفاء الشروط اللازمة لحملها للتوقيع على صفقات دون أن تكون له الصفة للإشراف عليها». وكشفت التحقيقات التي أشرفت عليها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حصول شركتين يساهم فيهما البرلماني بنسليمان، على صفقات أشرف على تفويتها بنفسه، وعلى ضوء ذلك طلب الوكيل العام من قاضي التحقيق ضم هذا الملف الجديد الذي يتضمن معطيات وتهما جديدة إلى الملف الأول.
وقرر قاضي التحقيق تحريك المتابعة في حق العمدة ونائبه، وذلك بعد الاستماع إليهما من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بجرائم الأموال بولاية أمن مراكش، بناء على تعليمات من الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالمدينة نفسها، بخصوص الشكاية التي وضعتها الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، من أجل فتح تحقيق بشأن الخروقات والاختلالات التي شابت صفقات تفاوضية فوتها مجلس المدينة تبلغ قيمتها المالية حوالي 28 مليار سنتيم.
وحسب معطيات موثوقة فقد أكد البرلماني بنسليمان، خلال مراحل البحث في هذا الملف، أنه حصل على تفويض من طرف عمدة المدينة، العربي بلقايد، النائب البرلماني والقيادي البارز بحزب العدالة والتنمية، بصفته النائب الأول لرئيس المجلس، لإبرام صفقات تفاوضية بمناسبة استعداد مدينة مراكش لاحتضان المؤتمر المتعدد الأطراف حول التغيرات المناخية «كوب 22» سنة 2016، وأوضح، في معرض تصريحاته، أن عملية تفويت الصفقات بشكل مباشر إلى الشركات عوض اللجوء إلى مسطرة طلب العروض، تمت بتعليمات كتابية من الوالي السابق لجهة مراكش آسفي، عبد الفتاح البجيوي، الذي طلب من المجلس التسريع في عملية إطلاق الأشغال والأوراش استعدادا لهذا الحدث العالمي، وذلك عن طريق الصفقات التفاوضية، لتفادي تعقد مسطرة طلبات العروض.
وأوضح بنسليمان أن رئيس مجلس المدينة كلفه بالإشراف على هذه الصفقات بسبب غياب أمال ميسرة، نائبة الرئيس المكلفة بالصفقات العمومية، حيث قام بتفويت 49 صفقة بشكل مباشر إلى الشركات المستفيدة دون اللجوء إلى مسطرة طلب العروض، تتعلق بتهيئة المساحات الخضراء، وترميم وإصلاح الشوارع والطرق والإنارة العمومية، وبلغ المبلغ الإجمالي لكل هذه الصفقات ما مجموعه 221.572.242,00 درهما، أي ما يفوق 22 مليار سنتيم. وكشف بنسليمان أنه، بخصوص الصفقات المتعلقة بإصلاح وترميم الشوارع والطرق، التي تم تفويتها يوم 30 دجنبر 2016، تحت إشراف العمدة بلقايد، وذلك تفعيلا لطلب والي الجهة السابق، من خلال مراسلة رسمية مؤرخة بتاريخ 27 دجنبر 2016، يطالب من خلالها المجلس بتسريع وتيرة الأشغال قبل حلول موعد زيارة ملكية كانت مبرمجة إلى المدينة في بداية سنة 2017.
وسبق لمصالح الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بجرائم الأموال، أن استمعت إلى أزيد من 100 مقاول فازوا بهذه الصفقات، كما استمعت إلى المهندس البلدي رئيس قسم الأشغال، وإلى أربعة من زملائه، ويتعلق الأمر بمهندسين وتقنيين يشغلون مهام رئاسة مصلحة البنايات، مصلحة الطرق، مصلحة الإنارة والتشوير ومصلحة الأغراس.
وكانت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان قد وضعت شكاية مباشرة إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، تطلب من خلالها إجراء بحث قضائي في شأن تبديد أموال عامة، عبر عقد صفقات تفاوضية خارج القانون كلفت خزينة المجلس الجماعي لمراكش حوالي 28 مليار سنتيم والاستماع إلى محمد العربي بلقايد، رئيس المجلس الجماعي لمراكش بصفته آمرا بالصرف، إلى جانب نائبه الأول يونس بنسليمان، بالإضافة إلى تورطهما في خرق قانون الصفقات العمومية عبر إلغاء بعض الصفقات العمومية وحرمان عدد من المقاولات من حقوقها في الحصول عليها بعد مشاركتها فيها وفق القانون، قبل أن يتم إلغاؤها من طرف رئيس المجلس الجماعي، ويدخل نائبه الأول في تفاوض أحادي مع شركة بعينها ويمنحها عددا من الصفقات فاقت قيمتها مليارين ونصف المليار سنتيم.