يمثل، اليوم الثلاثاء، عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، أمام اللجنة البرلمانية الاستطلاعية حول مقالع الرمال، المنبثقة عن لجنة البنيات الأساسية بمجلس النواب، وذلك بعد الضجة الكبيرة التي أحدثتها فضيحة توقيع الوزير على شهادة الموافقة البيئية لإحدى الشركات المتخصصة في جرف الرمال، من أجل فتح مقلع في عرض البحر لاستخراج الرمال من سواحل إقليم العرائش، وهو القرار الذي اعترض عليه عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، وأسقطته اللجنة الإقليمية للمقالع.
زيارة ميدانية إلى إقليم العرائش
ستقوم اللجنة البرلمانية التي يترأسها البرلماني رشيد حموني، عن المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، بزيارة ميدانية إلى إقليم العرائش للوقوف على الكوارث التي خلفها جرف رمال البحر بالمنطقة، وذلك بعد الاستماع إلى المعطيات التي سيقدمها رباح بخصوص موافقته على فتح مقالع لاستخراج الرمال من قعر البحر، رغم وجود تقرير أنجزته زميلته نزهة الوافي، كاتبة الدولة السابقة المكلفة بالتنمية المستدامة، خلال سنة 2017، والذي اعتبر الترخيص لجرف الرمال بمثابة خط أحمر بالنسبة إلى قطاع البيئة، حيث طالبت اللجنة البرلمانية رباح بتزويدها بهذا التقرير. وكشفت المصادر أن هذا الملف الذي أثار الكثير من الجدل والاحتجاجات في صفوف مهنيي الصيد البحري، وضع رباح في ورطة حقيقية، لأن قطاع التنمية المستدامة التابع لوزارته، والذي من المفروض أن يكون على رأس المدافعين عن حماية البيئة، أصبح يقوم بالعكس، حيث اتضح أنه من أشد المدافعين عن منح الترخيص لفتح مقالع في عرض البحر، رغم التحذيرات الصادرة عن قطاع الصيد البحري، الذي اعترض على منح الموافقة البيئية لجرف رمال البحر.
وبعد «الفيتو» الذي أشهره أخنوش في وجه رباح، دعا عامل إقليم العرائش إلى عقد اجتماع طارئ للجنة الإقليمية للمقالع، حيث قررت اللجنة بإجماع كافة أعضائها رفض الترخيص لأي نشاط يتعلق بجرف رمال البحر، نظرا للمخاطر التي يلحقها بالبيئة البحرية والثروة السمكية. وحسب محضر اللجنة، فقد غابت المصالح التابعة لوزارة الطاقة والمعادن عن هذا الاجتماع، ويتعلق الأمر بالمديرية الجهوية للبيئة بطنجة، والمديرية الإقليمية للطاقة والمعادن. وأكدت تدخلات الأعضاء بالإجماع، خاصة مهنيي وممثلي قطاع الصيد البحري، أن عملية جرف الرمال من قعر البحر سوف تكون لها آثار سلبية مباشرة وغير مباشرة على التنوع البيولوجي للموارد والثروة السمكية والبيئة البحرية، وهو ما يؤكده حجم الكميات المصطادة التي تراجعت بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة، وانتقل من 20 ألف طن إلى 8 آلاف طن، خلال هذه السنة.
وأشار محضر اللجنة إلى أن قطاع الصيد البحري بالإقليم يلعب دورا محوريا في التنمية المحلية، ويشغل يدا عاملة تتجاوز 11 ألف منصب شغل، وأن أي اختلال في بيئة المصايد السمكية سوف تكون له تبعات اجتماعية يصعب تجاوزها.
اعتراض قطاع الصيد البحري
وجه أخنوش رسالة إلى عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، باعتباره المسؤول الأول عن منح التراخيص لفتح المقالع البحرية، يعلن من خلالها عن اعتراض قطاع الصيد البحري على جرف رمال البحر بالمحيط الأطلسي. وأوضح أخنوش في رسالته أنه توصل بعدة ملتمسات من مهنيي الصيد البحري في ما يخص ملف جرف الرمال بساحل العرائش، يثيرون فيها التداعيات السلبية لجرف الرمال على نشاط الصيد البحري، بسبب تأثيره على التوازنات البيئية البحرية، وما ينجم عنه من اختلالات مهمة على صحة وغزارة مخزون الثروة السمكية.
وحسب رسالة أخنوش، فإن المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري أنجز سنة 2015 دراسة تم تحيينها سنة 2019، أثبتت وجود أضرار لحقت الثروة السمكية بسواحل إقليم العرائش، وعلاقة ذلك بنشاط جرف الرمال، وهو ما يؤكد توجس مهنيي الصيد. وأشارت الرسالة إلى أن الرأي العلمي للمعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، يؤكد علاقة نشاط جرف رمال البحر بالاختلالات التي تصيب مساكن الأحياء القعرية، وتلك التي تصيب جودة المياه، وما لذلك من آثار مدمرة لكل الكائنات الحية التي تعيش بالمنطقة التي يشملها نشاط الجرف. وأبرز الوزير أن كل الجهة الشمالية الأطلسية بساحل العرائش تعتبر مسكنا وموئلا حساسا يضمن دورة الحياة لعدة أجناس من الأحياء البحرية، ويحتوي على مناطق توليد وحضانة أنواع كثيرة من الأسماك، مثل الأنشوجة (ANCHOIS) والنازلي (MERLU) والجمبري الوردي (CREVETTE ROSE)، حيث تشكل هذه الأحياء البحرية أهم المصايد بالمنطقة. وأكدت رسالة أخنوش أن نشاط جرف الرمال يكون له تأثير مباشر على إنتاجية هذه الأنواع على المدى الطويل. ومن جهة أخرى، توجد بالمنطقة عدة مواطن بحرية عالية الأهمية من حيث البيئة ومن حيث الصيد البحري، كالأعماق المرجانية التي تحتوي على المرجان الأحمر والتي تضمن صيدا مستداما، لكنها لا تحتمل تأثير نشاط فتح مقالع لجرف الرمال في البحر.
وأكد أخنوش أنه نظرا لعدد مصايد الأسماك الموجودة بساحل العرائش، والتي تعتمد استمراريتها على حماية مواطن الأحياء البحرية والنظام البيئي الذي يأويها، فإنه يعلن اعتراض قطاع الصيد البحري على منح أي ترخيص لجرف الرمال بتلك المنطقة، لأنه يهدد استدامة الصيد البحري، الذي يعتبر نشاطا اقتصاديا واجتماعيا يحظى بالأولوية بالنسبة إلى تلك الجهة.