باتت جمعيات القروض الصغيرة تعرف مشاكل كبيرة وتعاني من مواجهة الارتفاع المذهل في الديون غير المسددة، وذلك نتيجة عجز زبنائها عن أداء ديونهم بسبب مخلفات وآثار جائحة كورونا على الأسر المغربية عموما، وذات الدخل المحدود خاصة. وتطالب جمعيات القروض الصغرى في هذا الخصوص بالتدخل العاجل للدولة، ممثلة في والي بنك المغرب ووزير الاقتصاد والمالية، من أجل إنقاذ القطاع.
زبناء عاجزون عن تسديد قروضهم
تسببت جائحة كورونا في فقدان العديد من مناصب الشغل، خاصة للعاملين في القطاع غير المهيكل وأرباب المقاولات الصغيرة جدا، الذين يشكلون غالبية زبائن مؤسسات القروض الصغرى. في حديث مع «تيلي ماروك»، قال مسؤول في مؤسسة للقروض الصغرى إنه ما بين 80 و90 في المائة طالبوا بتأجيل أقساطهم، وذلك بعدما قررت الفيدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى تأجيل سداد مستحقات القروض الصغرى، بالنسبة إلى الزبناء الذين يطلبون ذلك والذين تأثر نشاطهم بالأزمة الصحية الحالية.
وأضاف المسؤول أن تأجيل سداد المستحقات تم بدون مصاريف أو نسبة إضافية، عكس البنوك، مما أدى إلى تأزيم وضع القطاع والتأثير سلبيا على خزينة العديد من مؤسسات القروض الصغرى والمتوسطة، مما سينعكس بالسلب على النتائج المالية لهذه المؤسسات خلال هذه السنة. وهكذا، يضيف المسؤول من أجل إنقاذ وإنعاش القطاع، تطالب مؤسسات القروض الصغرى وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب، من خلال الفيدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى، بإنشاء صندوق ضمان موجه إلى هذه المؤسسات لضخ السيولة في الخزينة، ومواجهة التأثيرات السلبية للجائحة.
في المقابل، ومن أجل دعم مؤسسات القروض الصغرى خلال الجائحة، قامت «جيدة»، فرع صندوق الإيداع والتدبير، وهي شركة تمويل معتمدة من بنك المغرب منذ أبريل 2007، وتتدخل في إعادة تمويل مؤسسات القروض في المغرب، فور إعلان حالة الطوارئ، (قامت) بتأجيل استحقاق القروض، للسماح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمنح تأجيل سداد القروض الصغيرة لأصحاب المشاريع الصغيرة؛ تمويل استمرارية الأعمال للسماح لمؤسسات القروض الصغرى بضمان استمرارية خدمات الشمول المالي التي تقدمها شبكات التوزيع الخاصة بهم على المستوى الإقليمي، أثناء الحجر الصحي وبعده. ولكن رغم هذه الإجراءات، تطالب هذه المؤسسات بتدخل عاجل من الوزارة وبنك المغرب، من أجل إنقاذها من الزوال.
قروض بـ7.5 مليارات درهم
خلال سنة 2019، منحت جمعيات القروض الصغرى قروضا بلغت 7.5 مليارات درهم بزيادة بـ 9.4 في المائة مقابل 2.5 في المائة سنة 2018. وحسب معطيات لبنك المغرب حول الإشراف البنكي سنة 2019، ارتفع متوسط إجمالي القروض بنسبة 8.6 في المائة إلى أكثر من 8 آلاف درهم.
وتضيف المعطيات المتوفرة أنه ما يناهز 96 في المائة من القروض، يتم منحها من قبل أكبر أربع جمعيات. وأشار بنك المغرب إلى أن حوالي 88 في المائة من هذه القروض مخصصة للمقاولات الصغرى، دون تغيير مقارنة بسنة 2018، وتتركز 78 في المائة منها بالمناطق الحضرية مقابل 76 في المائة، بينما زادت حصة القروض الفردية بأربع نقاط إلى 77 في المائة. وبخصوص القروض المتعثرة، فقد سجلت زيادة بنسبة 12 في المائة لتبلغ 228 مليون درهم بعد انخفاض بنسبة 8 في المائة، مما أفضى إلى تسجيل معدل مخاطر قدره 3.1 في المائة، مستقرا عند المستوى نفسه للسنة الماضية تقريبا. وبلغ معدل تغطية هذه الديون بموجب الاعتمادات 78 في المائة مقابل 86 في المائة، وانخفض معدل شطب هذه الديون إلى 4 في المائة.
وانخفضت ديون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، والتي تتكون أساسا من الودائع لدى البنوك، بنسبة 53.3 في المائة لتصل إلى 376 مليون درهم، أي 5 في المائة من إجمالي المبالغ المستحقة. وفي ما يتعلق بموارد جمعيات القروض الصغرى، ارتفعت ديون مؤسسات الائتمان التي تمثل أكثر من نصف هذه الموارد، بنسبة 5.8 في المائة لتصل إلى 4.3 مليارات درهم، بعد زيادة قدرها 3.8 في المائة، قبل سنة. وتتكون 86 في المائة منها من ديون لدى البنوك المحلية.
وأنهى قطاع جمعيات القروض الصغرى السنة المالية 2019 بصافي أرباح قدره 216 مليون درهم، بزيادة 15 في المائة مقابل 5 في المائة في 2018. يشار إلى أنه مع نهاية سنة 2019، ضم قطاع القروض الصغرى 12 جمعية تتوفر على شبكة من 1778 نقطة بيع، و898 ألف زبون، بزيادة قدرها 0.7 في المائة، نصفهم تقريبا من النساء.
ارتفاع حالات العجز بـ 15 في المائة
حسب دراسة أجرتها أخيرا مؤسسة(Inforisk) ، حول تأثيرات «كوفيد- 19» على المقاولات، فإن حالات العجز عن السداد سترتفع بنحو 15 في المائة في نهاية عام 2020، أو حتى بنحو 25 في المائة خلال الفصل الأول من عام 2021، مما يجعل المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تمثل أكثر من 86 في المائة من النسيج الاقتصادي المغربي، تجتاز فترة غير مسبوقة بسبب الغموض بشأن التأثيرات المحتملة مستقبلا لتفشي الوباء.
وتشير الدراسة نفسها إلى أن الإجراءات التي اتخذتها المملكة خلال فترة الحجر الصحي، وكذلك المبالغ الكبيرة التي استثمرتها الدولة (صندوق كوفيد- 19)، مكنت من دعم عدد من المقاولات حتى نهاية شهر يونيو المنصرم، ما يفسر أيضا المستوى الضعيف من حالات إفلاس المقاولات المسجل حتى الآن.
غير أنه ومع انتهاء أجل أداء مستحقات البنوك في شتنبر الماضي، فإن مخاطر الإفلاس ستزداد بالنسبة إلى العديد من المقاولات. وفي هذا السياق، اقترح الاتحاد العام لمقاولات المغرب في إطار مشروع قانون المالية لعام 2021، تدابير تهدف إلى تسهيل وتشجيع عمليات إعادة هيكلة المقاولات، بما في ذلك تخفيض رسوم تسجيل عمليات الاندماج والأقسام والتحويلات الجزئية للأصول بنسبة 0,5 في المائة، بدل 1 بالمائة في الحالية.