طيلة الأسبوع الجاري تكثفت عمليات الاستفزاز التي يقوم بها الكيان الانفصالي لدفع المنطقة الحدودية المحمية بقرارات وقف إطلاق النار إلى التوتر، بداية بعرقلة ممر الكركرات ثم محاولة الاحتجاج المتكرر أمام نقاط عسكرية. وارتفع منسوب التوتر يوم الأربعاء حينما لجأ أعضاء الحركة الانفصالية إلى إغلاق المعبر الحدودي أمام حركة السيارات والشاحنات، قبل أن تتدخل الأمم المتحدة عن طريق ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، الذي وجه صفعة للبوليساريو معترفا بضلوع 50 شخصا، من بينهم رجال ونساء وأطفال، في عملية منع حركة المرور التي تمر عبر المنطقة العازلة في الكركرات، مذكرا بأنه لا ينبغي إعاقة حركة المرور المدنية والتجارية العادية، وأنه لا ينبغي اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يشكل تغييراً في الوضع الراهن للقطاع العازل.
للأسف، بدل أن تفجر جبهة البوليساريو غضبها على الطريقة البشعة والوحشية التي قتل بها شخصان ممن تدعي حمايتهم حرقا من طرف الجيش الجزائري، ومطالبة المؤسسة العسكرية الجزائرية بترتيب المسؤوليات الجنائية، حاولت تحوير الغضب داخل المخيمات نحو المغرب لخلق معارك وهمية قد تنسي المحتجزين بشاعة الجرم الذي هز مشاعر الخصوم قبل الأصدقاء. لكن ما أصاب قادة البوليساريو بنوع من السعار هاته الأيام وجعلهم يلجؤون لتصرفات جنونية، هو أن بلادنا ظلت طيلة السنوات الأخيرة تحقق اختراقات ديبلوماسية كبيرة، خصوصا في مجال سحب الاعتراف الدولي وتقرير الأمين العام، وقد أصبح قادة الانفصال مقتنعين بكون المسار الديبلوماسي لا يخدم أجندتهم ولا يساير أحلام سكان قصر المرادية والطغمة العسكرية التي تحلم بممر إلى المحيط الأطلسي، فبدأ التفكير في اللعب بالنار وجر المنطقة للعنف واللااستقرار.
صحيح أن المغرب وقواته العسكرية ملتزمان بضبط النفس أمام أشكال الاستفزازات الانفصالية ليس من منطق الخوف أو التردد، فالحل العسكري قد يحسم الأمر لصالح المغرب في بضعة أيام أو شهور، بل لأن بلدنا حريص كل الحرص على احترام الشرعية الدولية ما لم يتحول هذا الاحترام إلى مس بسيادتنا ورمزية مؤسساتنا، لكن إذا زاد الأمر عن حده فلا شك أن رد الفعل سيكون قويا بما يتناسب مع الوقائع على الأرض دفاعا عن السيادة.