يسابق وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، الزمن لإخراج المغرب من اللائحة الرمادية لـ«الملاذات الضريبية»، حيث يقبع في هذه اللائحة منذ ثلاث سنوات، وكان مهددا بالتصنيف ضمن اللائحة السوداء من طرف الاتحاد الأوروبي، لولا بعض الإجراءات المتخذة في قانون المالية لسنة 2020.
ويتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2021 المعروض على أنظار البرلمان، مقتضيات سيتم بموجبها إلغاء بعض الامتيازات الضريبية التي تستفيد منها الشركات المستوطنة بالقطب المالي للدار البيضاء. وأوضحت المذكرة التقديمية لقانون المالية، أنه تم تحديد أجل تطبيق النظام الجبائي السابق المتعلق بالقطب المالي للدار البيضاء في نهاية 2022، حيث نص قانون المالية لسنة 2020 على أن النظام الجبائي القديم المتعلق بالقطب المالي للدار البيضاء، الذي كان معمولابه قبل فاتح يناير 2020، يظل مطبقا على شركات الخدمات التي حصلت على صفة القطب المالي للدار البيضاء قبل هذا التاريخ، دون تحديد فترة زمنية لهذا التدبير الانتقالي، إلا أنه تم اعتبار هذا التدبير غير مطابق للمعايير الدولية التي التزم المغرب باعتمادها.
وأفادت مصادر مطلعة بأن إبقاء المغرب في هذه القائمة راجع بالأساس إلى وضعية القطب المالي للدار البيضاء، وخاصة الحوافز الضريبية التي يقدمها للشركات التي تختار الاستقرار فيه، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتبر هذه التحفيزات غير تنافسية ما نتج عنه استمرار ظهور اسم المغرب في القائمة الرمادية. وأوضحت المصادر أن تصنيف المغرب في اللائحة الرمادية منذ ثلاث سنوات، يعود بالأساس إلى بعض الأمور التي يعتبر وزراء الاتحاد الأوروبي أنها مازالت غامضة وتتطلب التوضيح، مثل المناطق الحرة للتصدير ووضعية الشركات المستوطنة فيها. وأكدت المصادر ذاتها أن لجنة مختصة من الاتحاد الأوروبي قامت بزيارة المغرب للحصول على كل المعلومات المتعلقة بالنظام الضريبي في المغرب.
وفي هذا الصدد، قامت لجنة افتحاص تابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، بإجراء عملية لتقييم النظام الضريبي لـ«القطب المالي للدار البيضاء»، حيث لم تصدر تقريرها بشأن تقييم النظام الضريبي المعمول به بالقطب المالي، ولذلك لم تمكن الوزراء من تأكيد ملاءمة هذا النظام أيضا مع المعايير الجديدة. وأشارت وزارة المالية إلى أنه من خلال التأكيد المنتظر من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ستكون المملكة قد استوفت جميع التزاماتها بخصوص جعل نظامها الضريبي ملائما للمعايير الجديدة مع الحفاظ على مصالحها الوطنية، وذلك بعدما اطلع وزراء مالية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي ببروكسل على الإصلاحات التي قامت بها المملكة بهدف الملاءمة مع المعايير الضريبية الجديدة، واعتبروا أن الأنظمة الضريبية الخاصة بقطاع التصدير ومناطق التسريع الصناعي أضحت موافقة للمعايير المطلوبة.
واتخذ المغرب العديد من التدابير من أجل الإفلات من اللائحة الرمادية الأوروبية، حيث وقع في يونيو 2019، مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على الاتفاقية متعددة الأطراف لتنفيذ تدابير معاهدة الضرائب، كما أجاز قانون مالية العام الحالي للمديرية العامة للضرائب تبادل البيانات والمعلومات بشكل آلي مع الإدارات الجبائية الأجنبية، ومن بين الإجراءات المتخذة في قانون المالية للسنة الحالية، إلغاء كل الامتيازات الضريبية التي كانت تستفيد منها الشركات المستقرة بالمناطق الصناعية الحرة، حيث تم فرض ضرائب على هذه الشركات، وكذلك إلغاء العمل بنظام «المناطق الحرة» وتغيير اسمها إلى «مناطق التسريع الصناعي».
ويتضمن قانون المالية للسنة الحالية إجراءات لتوحيد أسعار النظام الجبائي التفضيلي المطبق على المناطق الحرة للتصدير التي ستصبح تسميتها «مناطق التسريع الصناعي». وتهدف التدابير المقترحة إلى اعتماد مقاربة جديدة فيما يخص ملاءمة النظام التحفيزي المنصوص عليه في المنظومة التشريعية الجبائية المغربية مع المعايير المتعارف عليها دوليا التي تجيز اعتماد سعر مخفض شريطة ألا يقتصر تطبيقه على رقم الأعمال الموجه للتصدير، والإبقاء على الإعفاء المتعلق بالخمس سنوات الأولى وكذا إعفاء الأرباح وغيرها من عوائد الأسهم، ويمكن التدبير المقترح في تطبيق سعر نوعي موحد محدد في 15 في المائة بالنسبة للضريبة على الشركات و20 في المائة بالنسبة للضريبة على الدخل، بعد انقضاء مدة الإعفاء المحددة في خمس سنوات.