تبقى قضية الصحراء المغربية على رأس أولويات الدبلوماسية المغربية، التي تتجند للدفاع عنها في كل الظروف داخل المحافل الدولية وتحشد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل في المنطقة المغاربية. وأمام التطورات التي عرفتها منطقة الكركرات، أخيرا، بعدما تمكن المغرب من كسب المعركة ديبلوماسيا بمختلف المحافل الدولية، والاستمرار في سياسة جعل مدينتي الداخلة والعيون قطبين ديبلوماسيين، من خلال افتتاح قنصليات دول إفريقية وعربية، يواصل المغرب نهج سياسة الوضوح والحزم في ما يخص القضية الوطنية الأولى بالتأكيد على أنه لا يمكن أن يكون ثمة حل سياسي نهائي إلا بتكريس سيادته على كافة مجاله الترابي.
المغرب يربح المعركة الديبلوماسية بالأمم المتحدة
قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام واحد، مع تأكيده، مرة أخرى، على سمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي لحل النزاع المصطنع حول الصحراء المغربية. ورحب مجلس الأمن، في قراره رقم 2548 الذي يمدد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2021، بـ «التدابير والمبادرات المتخذة من قبل المغرب، وبالدور الذي تقوم به اللجنتان الجهويتان للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بالعيون والداخلة، وكذا تفاعل المغرب مع آليات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة»، كما أعرب مجلس الأمن عن «بالغ انشغاله إزاء المعاناة المستمرة» التي يتكبدها سكان مخيمات تندوف بالجزائر، كما جدد قرار مجلس الأمن طلب الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة تسجيل وإحصاء سكان مخيمات تندوف، مشددا على «ضرورة بذل الجهود بهذا الشأن».
جاء في القرار رقم 2548 الذي قدمته الولايات المتحدة، وتمت المصادقة عليه عبر إجراء خطي لأعضاء المجلس الخمسة عشر، عقب إلغاء الاجتماعات الحضورية بمقر الأمم المتحدة، على خلفية اكتشاف حالات إصابة بفيروس كورونا، أن «مجلس الأمن قرر تمديد ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2021»، وأكد مجلس الأمن، في هذا القرار الجديد، للسنة الرابعة عشرة على التوالي، سمو مبادرة الحكم الذاتي، التي قدمتها المملكة في 11 أبريل 2007، مشيدا «بجهود المغرب الجادة وذات المصداقية والتي تجسدها مبادرة الحكم الذاتي».
إلى ذلك، جدد القرار الأممي تكريس موقع الجزائر كطرف رئيسي في المسلسل السياسي حول الصحراء، مؤكدا على ضرورة «التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم» لقضية الصحراء «على أساس التوافق»، وبعد أن دعا إلى تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء، جدد مجلس الأمن التأكيد على ضرورة مواصلة مسلسل الموائد المستديرة وتشجيع «استئناف المشاورات بين المبعوث الشخصي المقبل» وأطراف هذا النزاع الإقليمي، ويتعلق الأمر بكل من المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو.
وفي هذا السياق، شدد القرار الأممي على أهمية تجديد الأطراف لالتزامها بالدفع قدما بالعملية السياسية، برعاية الأمين العام للأمم المتحدة، مع التأكيد على أنه من «الضروري» أن يتحلى الأطراف بالواقعية وبروح التوافق للمضي قدما»، كما دعا المجلس إلى الأخذ بعين الاعتبار «الجهود المبذولة منذ عام 2006 والتطورات اللاحقة لها، بهدف التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من كل الأطراف»، وحث القرار الأممي على إظهار الإرادة السياسية والعمل في مناخ ملائم للحوار، بما يضمن تنفيذ قرارات مجلس الأمن منذ عام 2007، الذي يصادف تقديم المغرب لمبادرته بشأن الحكم الذاتي. وسجل مجلس الأمن، في هذا الصدد، أن «التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع طويل الأمد وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، من شأنه أن يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار، وهو ما سينعكس بدوره على خلق فرص الشغل والنمو لكافة شعوب منطقة الساحل».
وجدد القرار رقم 2548، الذي صادق عليه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مرة أخرى، تكريس موقع الجزائر كطرف رئيسي في المسلسل الرامي للتوصل إلى «حل سياسي واقعي وبراغماتي ودائم» لقضية الصحراء «قائم على التوافق»، وبالفعل، فإن قرار مجلس الأمن ذكر الجزائر خمس مرات، أي نفس عدد المرات التي ذكر فيها المغرب، ويعبر القرار أيضا عن «الدعم الكامل» لمجلس الأمن لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي المقبل للحفاظ على الزخم الجديد للمسلسل السياسي الرامي للتوصل إلى حل لقضية الصحراء.
وفي هذا الصدد، تذكر الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة أن المبعوث الشخصي السابق، هورست كوهلر، قد اتفق مع المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو على عقد اجتماع جديد «بنفس الصيغة» التي عرفتها المائدتان المستديرتان المنعقدتان بجنيف في دجنبر 2018 ومارس 2019، وفي هذا السياق، يدعو القرار إلى إظهار الإرادة السياسية والعمل في جو موات للحوار، بما يضمن تنفيذ قرارات مجلس الأمن منذ عام 2007، وهو العام الذي قدم المغرب فيه مبادرته للحكم الذاتي.
وأشاد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالزخم الجديد الذي أسفرت عنه الموائد المستديرة بين المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو، مجددا تأكيده على ضرورة مواصلة وتكريس هذه الموائد المستديرة باعتبارها العملية الوحيدة التي تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي توافقي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. وهكذا، نوهت الهيئة التنفيذية للأمم المتحدة في قرارها رقم 2548، بالزخم الجديد المنبثق عن المائدتين المستديرتين حول قضية الصحراء، اللتين انعقدتا في دجنبر 2018 ومارس 2019 في جنيف، بمبادرة من المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كوهلر، مشيدة ب «التزام» المغرب بالانخراط في المسلسل السياسي الأممي «بشكل جاد ومحترم».
وبعد أن دعا إلى تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء، شجع مجلس الأمن في هذا السياق، «استئناف المشاورات بين المبعوث الشخصي المقبل» وأطراف هذا النزاع الإقليمي، ويتعلق الأمر بكل من المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو. كما عبر المجلس عن دعمه الكامل «للمجهودات المبذولة حاليا من طرف الأمين العام، ومبعوثه الشخصي المقبل، والتي تهدف إلى مواصلة عملية المفاوضات المتجددة للتوصل إلى حل لقضية الصحراء». وأشار القرار أيضا، إلى أن المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة، قد اتفق مع المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو على عقد اجتماع جديد «بنفس الصيغة» التي عرفتها المائدتان المستديرتان المنعقدتان سابقا بجنيف.
من جهة أخرى، دعا المجلس المبعوث الشخصي إلى الارتكاز على التقدم الذي أحرزه سلفه في إطار عملية الموائد المستديرة، وبالتالي البدء من حيث توقف هورست كوهلر. وفي السياق ذاته، نوه مجلس الأمن ب «تعهد المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو بمواصلة التزامهم، في إطار روح من الواقعية والتوافق، طوال مدة هذه العملية من أجل ضمان نجاحها»، كما دعا القرار إلى التحلي بالإرادة السياسية والعمل في مناخ مناسب للحوار بهدف دفع المحادثات إلى الأمام، وبالتالي ضمان تنفيذ قرارات مجلس الأمن منذ 2007.
قضية الصحراء على رأس أولويات الدبلوماسية المغربية
تبقى قضية الصحراء المغربية على رأس أولويات الدبلوماسية المغربية، التي تتجند للدفاع عنها في كل الظروف داخل المحافل الدولية، وتحشد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل في المنطقة المغاربية. وتزامنا مع التطورات التي يعرفها الملف، أعلن ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، أمام لجنة الخارجية بمجلس النواب، عن ستة أهداف حددتها الوزارة في هذا الملف، خلال السنة المقبلة.
وتتمثل هذه الأهداف، حسب تقرير صادر عن اللجنة البرلمانية، في تکریس شرعية تمثيلية منتخبي الصحراء المغربية داخل اللجنة 24 بالأمم المتحدة لجعلها ممارسة اعتيادية، وتوسيع دوائر الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، والاستمرار في المطالبة بتسجيل وإحصاء سكان تندوف، ومواكبة تفعيل النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية والجهوية المتقدمة، والعمل على تحقيق المزيد من سحب الاعترافات بالجمهورية الوهمية، ثم تعزيز الحضور المغربي داخل المنظمات الدولية، علما بأن المغرب تمكن للسنة الرابعة على التوالي من تحقيق 100 في المائة كمعدل نجاح الترشيحات المغربية في المنظمات الدولية والإقليمية.
وأكد بوريطة أن المغرب يواصل نهج سياسة الوضوح والحزم في ما يخص القضية الوطنية الأولى، بالتأكيد على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل سياسي نهائي، إلا إذا كان يندرج في إطار المعايير الأساسية الأربعة، وهي السيادة الكاملة للمغرب على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لهذا النزاع المفتعل، والمشاركة الكاملة لجميع الأطراف في البحث عن حل نهائي، والاحترام التام للمبادئ والمعايير التي كرسها مجلس الأمن الدولي في جميع قراراته منذ سنة 2007، وهي أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسيا واقعيا وعمليا ودائما ومبنيا على التوافق، ثم رفض أي اقتراح متجاوز، والذي أكد الأمين العام للأم المتحدة ومجلس الأمن، منذ أكثر من 20 سنة، بطلانه وعدم قابليته للتطبيق، والهادف إلى حرف المسلسل السياسي الحالي عن المعايير المرجعية التي اعتمدها مجلس الأمن.
وأوضح بوريطة أن هذه المحددات هي التي أعاد مجلس الأمن الدولي، قبل أيام، التأكيد عليها وكرسها في القرار رقم 2548 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر الماضي، من خلال إبراز عناصر مهمة، وهي الحل السياسي، الواقعي، العملي والمستدام، القائم على التوافق، والإشارة بالاسم إلى أطراف النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، حيث ذكر الجزائر خمس مرات، في حين لم تذكر قط في القرارات السابقة لسنة 2016 واعترف بأن انخراطا قويا، ومستمرا، وبناء للجزائر يعد أمرا ضروريا طيلة العملية السياسية، وأخيرا تعزيز مكتسبات المغرب في القرارات السابقة بشأن أولوية مبادرة الحكم الذاتي وضرورة إحصاء سكان مخيمات تندوف في الجرائر، ووجوب احترام «البوليساريو» لوقف إطلاق النار، والوفاء بالتزاماتها بشأن الامتناع عن الأعمال المزعزعة للاستقرار، والماسة بالوضع القائم شرق وجنوب المنظومة الدفاعية المغربية. واعتبر بوريطة تبني مجلس الأمن لهذا القرار الهام، جاء في الوقت الذي يواصل فيه الأمين العام للأمم المتحدة مشاوراته لتعيين مبعوث شخصي جديد خلفا لهورست كولر، وذلك في سياق يتسم بالموقف الواضح والحازم للمغرب، وبثبات المرجعية الأممية المؤطرة للمسلسل، واتباع الأطراف الأخرى استراتيجية استفزازية تجاه المغرب والأمم المتحدة.
وأضاف بوريطة أن الأمين العام للأمم المتحدة استبق قرار مجلس الأمن، وأكد في تقريره 2020/938 بتاريخ 23 شتنبر الماضي، معطيات محينة حول الوضع في الصحراء المغربية، مما يفند أكاذيب الجزائر و«البوليساريو»، كما أشار إلى مضمون خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة المسيرة الخضراء، علاوة على الرسائل التي وجهها المغرب بخصوص الجزائر وصنيعتها البوليساريو والمتعلقة بوقف إطلاق النار وحقوق الإنسان والوضع الأمني، كما أوصى بتمديد ولاية بعثة المينورسو حتى متم 31 أکتوبر 2021. في مقابل إشادته بتعاون المغرب مع بعثة المينورسو في شقها العسكري والمدني، وتسليط الضوء على استثمارات المغرب في أقاليمه الجنوبية والجهود المبذولة للنهوض بتنميتها، أكد التقرير خروقات «البوليساريو» المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار، شرق وجنوب المنظومة الأمنية.
وحسب الوزير، فإن ما يميز التقرير، كذلك، تجديد التأكيد على أن الهدف من المسلسل السياسي هو التوصل إلى حل سياسي واقعي براغماتي ودائم مبني على التوافق، ودعوة جميع الأطراف إلى الانخراط بحسن نية في العملية السياسية، وهي المبادئ نفسها التي ترتكز عليها المبادرة المغربية للحكم الذاتي. كما أشار الوزير إلى مواصلة الدينامكية التي أطلقها المغرب حول مغربية الصحراء، وإقناع مجموعة من الدول بسحب اعترافها بالكيان الوهمي، حيث سحبت كل من السلفادور وبوليفيا اعترافهما بالجمهورية الوهمية، ليصل بذلك عدد الدول التي لا تعترف بها إلى 164 دولة، علما بأن الاستراتيجية التي اتبعها المغرب تجاه بعض الدول التي كانت تناصر وتدعم الجمهورية الوهمية قد أثمرت عن مراجعة 11 دولة من الكرايبي من أصل 14، لموقفها من قضية الصحراء المغربية، وأصبحت تساند الوحدة الترابية للمملكة وسيادتها على أقاليمها الجنوبية، وتدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وتطرق الوزير إلى الاستمرار في سياسة جعل مدينتي الداخلة والعيون قطبين دبلوماسيين، بما يكرس سيادة ووحدة الأراضي المغربية ويسفه أطروحات الخصوم، حيث تمکن المغرب خلال سنة 2020 من إقناع 16 بلدا إفريقيا بفتح قنصليات عامة بالمدينتين (جزر القمر، ليبيريا، ساوتومي وبرنسيب، الغابون، الكوت ديفوار، الرأس الأخضر، إفريقيا الوسطى، غينيا، غينيا بيساو، غينيا الاستوائية، السينغال، الملاوي، زامبيا والكاميرون). وتعزز هذه النهج بفتح قنصلية جديدة لدولة الإمارات العربية المتحدة في العيون، التي احتضنت في شهر فبراير من هذه السنة، المنتدى الوزاري الثالث «المغرب - دول جزر المحيط الهادي»، والذي تبني إعلانا سياسيا داعيا لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي.
الدبلوماسية الهادئة.. سلاح المغرب لإسقاط وهم الانفصاليين
بعد مفاوضات ماراثونية وموائد مستديرة جمعت أطراف الصراع منذ سنوات، أيقن المغرب أن الحل السياسي لقضية الصحراء ليس ممكنًا إلا ضمن تصور سياسي إداري ودستوري يسمح لسكان الصحراء بإدارة شؤونهم المحلية على مختلف المستويات، ما يعني احترام الوحدة الترابية للبلاد، فذلك هو المدلول الفعلي والغاية الممكنة لعملية البحث عن الحل السياسي المتوافق عليه، في إطار مقترح الحكم الذاتي الذي مازالت العديد من الدول عبر العالم، تعبر عن دعمها له والتشبث به كحل وحيد للقضية.
وفي ظل التغيرات الجيوإستراتيجية وخريطة التحالفات الدولية، اعتمد المغرب إستراتيجية جديدة قوامها الدبلوماسية الاقتصادية والسياسية وربط مبادرة الحكم الذاتي بسياق دولي ينادي بمشروع يكفل الأمن والاستقرار في المنطقة ويحفظ مصالح الدول الكبرى في إفريقيا، وقد شكلت عودة المغرب إلى عضوية الاتحاد الإفريقي في يناير 2017، بعد انسحابه في 1984، من منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد حاليًّا)، احتجاجًا على عضوية "البوليساريو"، تتنزل في إطار تفعيل خطة الرباط في تحريك المياه الراكدة وفرض سيادتها الترابية على كامل مجالها الجغرافي، وذلك بتعزيز موقعها الإفريقي وربط خيوط علاقات مع دول المنطقة التي تعرف تحولات كبرى على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية وحتى في بنية العلاقات الدبلوماسية.
ويشهد ملف الصحراء المغربية اليوم تحولات استراتيجية دبلوماسية وتنموية جديدة ينتهجها المغرب بهدف تعزيز سيادته على الإقليم، وبالتالي ستُمكنه هذه الخطوة من اكتساب دعم إقليمي ودولي يقوي طرحه للحكم الذاتي، ومن المرجح أن تفتتح المزيد من الدول، خاصة العربية، قنصليات لها وذلك بعد أن سبقتها دول إفريقيا، وقد قدم تدشين قنصليات إفريقية وعربية في الصحراء المغربية تطورا يأتي في سياق انفتاح المغرب على مجاله الحيوي (إفريقيًا) واستغلاله لبنية العلاقات المتحولة والتغيرات في خريطة الفعل العربي.
ويرى المغرب أن التمثيل الدبلوماسي سيهيئ له الأرضية لتعزيز موقفه ويثبت سيادته على إقليم الصحراء المتنازع عليه وسيعطيه الأحقية والشرعية السياسية، وذلك بالارتكاز على مبادئ اتفاقية جينيف لعام 1963 التي تؤكد أن فتح قنصلية في دولة ما هو إقرار بسيادتها على الإقليم، بحسب القانون الدولي.
كما أن الدبلوماسية الناعمة التي ينهجها المغرب، أكسبته الدعم السياسي الذي تلقاه، والذي لم يتوقف عند الإمارات، فسلطنة عمان أعربت في وقت سابق أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغربية كـ "حل نهائي" للخلاف الإقليمي بشأن الصحراء المغربية، وقال وفد عُمان الدائم لدى الأمم المتحدة، عبر بيان مكتوب قدم للجنة ونشر على موقع الأمم المتحدة، "تدعم بلادي مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية التي تقدمت بها المملكة المغربية للمجتمع الدولي كحل نهائي لهذا الملف".
ويوصف المغرب بدبلوماسيته الواقعية والهادئة وبفعاليته البراغماتية على أكثر من صعيد، إذ نجح نسبيًا في تقريب وجهات نظر الفرقاء السياسيين الليبيين واحتضن مؤتمر الصخيرات الذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني ولقاءات بوزنيقة الأخيرة، وقاد وساطة لإنهاء الأزمة في مالي عقب الانقلاب، وحتى في ملف الصحراء المغربية، عمل المغرب على مناقشة كل الصيغ والبدائل التي لا تخرج بطبيعة الحال عن خط السيادة التي رسمت ملامحه في مراحل الصراع كافة.
ويتبع المغرب استراتيجية جديدة في التعاطي مع ملف الوحدة الترابية، تتمثل في توسيع مجال انخراطه في المحيط العربي والدولي عبر دبلوماسية معتدلة تراعي من جهة علاقته بالقوى المهيمنة على النظام الدولي من أجل استثمار هذه الروابط لدعم مصالحه الحيوية، وعلاقاته مع دول الجوار من خلال إعادة رسم الأولويات الجديدة ووضع أجندة لتعزيز التعاون والتقارب مع هذه البلدان، وهو ما تجلى في دعواته المتكررة لتفعيل الاتحاد المغاربي.
المغرب يبسط سيادته القانونية على كافة مجالاته البحرية
قال الملك محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة تخليد ذكرى المسيرة الخضراء، إن المغرب أكمل خلال هذه السنة ترسيم مجالاته البحرية، بجمعها في إطار منظومة القانون المغربي، في التزام بمبادئ القانون الدولي، مؤكدا على التزام المغرب بالحوار مع إسبانيا، بخصوص أماكن التداخل بين المياه الإقليمية للبلدين الصديقين، في إطار قانون البحار، واحترام الشراكة التي تجمعهما، وبعيدا عن فرض الأمر الواقع من جانب واحد.
ودخل القانون رقم 37.17 المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية الوطنية، والقانون رقم 38.17 بتغيير وتتميم القانون رقم 1.81 المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية، حيز التنفيذ منذ نهاية شهر مارس الماضي، وذلك بعد مصادقة مجلسي البرلمان عليهما بالإجماع، بهدف إدراج المجالات البحرية قبالة سواحل الصحراء المغربية بشكل صريح في المنظومة القانونية الوطنية، وتثبيت الولاية القانونية للمملكة عليها، وسد الباب أمام كل الادعاءات المشككة في أنها لا تدخل في نطاق السيادة المغربية، وتحيين وتتميم الإحداثيات الجغرافية المتعلقة بخطوط الأساس وخطوط انسداد الخلجان على الشواطئ المغربية، على أساس المعطيات العلمية الجديدة، بما يمكن المغرب من تحديد مجالاته البحرية بشكل أكثر دقة وملاءمة مع مقتضيات القانون الدولي للبحار، في أفق تقديم الملف النهائي لتمديد الجرف القاري، وكذلك ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة في عرض سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة، وإدراجها صراحة ضمن المنظومة القانونية الوطنية، وكذا حذف الإحالة إلى الخط الأوسط كمنهج وحيد لترسيم الحدود البحرية، والتنصيص على مبدأ الإنصاف الذي يعتبر أكثر تجاوبا مع مصالح المملكة وأكثر مسايرة للممارسة والقانونين الدوليين.
ويهدف القانون المعينة بموجبه حدود المياه الإقليمية، إلى إدماج ملاءمة أحكام هذا النص مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار الموقعة بمونتيغوباي في 10 دجنبر 1982، وهو ما سيمكن الدولة المغربية من خلال الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة من إنجاز العمليات التقنية الخاصة بوضع خطوط الأساس الضرورية عرض البحر الإقليمي للمملكة وعرض المنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري، والتي تعتبر مرجعا لها، ويحمل هذا القانون بعدا سياديا، باعتبار أنه يدمج المجالات البحرية قبالة سواحل الصحراء المغربية بشكل صريح في المنظومة القانونية الوطنية، وذلك لتثبيت الولاية القانونية للمملكة على هذه المجالات البحرية.
ويتعلق النص الثاني، بقانون المنشأة بموجبه منطقة اقتصادية خالصة على مسافة 200 ميل بحري عرض الشواطئ المغربية، يهدف إلى ملاءمة أحكام القانون رقم 1.18 مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار الموقعة بمونتيغوباي، وكذا مع الممارسات الدولية في مجال رسم حدود المجالات البحرية، من خلال مراجعة الفصلين الأول والحادي عشر، وذلك للسماح بتوسيع الامكانيات المتاحة للتوصل إلى رسم الحدود عن طريق المزج بين كل الإمكانيات التي توفرها هذه الاتفاقية. ومن شأن هذا القانون في صيغته الجديدة، أن يكون أساسا شاملا لأي تفاوض حول أي اتفاق. كما ينص هذا القانون أيضا على تغيير عنوان القانون رقم 1.18، ليصبح على النحو التالي: قانون رقم 1.18 يتعلق بالمنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري للمملكة المغربية.
وأشار ناصر بوريطة، وزير الخارجية، أثناء عرضه للقانونين أمام البرلمان، إلى المحددات التي كانت وراء إعداد وعرض هذه المشاريع في هذه الظرفية بالذات، وهي محددات يتداخل ويتقاطع فيها السياسي والقانوني والاقتصادي، وحتى الإجرائي التقني، حسب قوله، والتي تدخل في إطار حرص المغرب على الحفاظ على مصالحه العليا، سواء على مستوى ترابه الوطني، وأيضا على مستوى الجيوسياسي بالمنطقة، وتأتي لملء الفراغ التشريعي الذي تتسم به المنظومة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات البحرية. وتطرق بوريطة إلى تنبيهات مجموعة من المصالح المغربية، من منطلق ممارستها الميدانية، إلى وجود ثغرات بالمنظومة القانونية المؤطرة للمياه الإقليمية المغربية، وأضحت بالتالي منطوية على العديد من المخاطر، مشيرا إلى أن بعض الشركات الأجنبية حاولت استغلال هذه الثغرات، من أجل البدء في عمليات التنقيب عن النفط في المناطق بين جزر الكناري والسواحل المغربية، في انتهاك صريح للمجالات البحرية المغربية قبالة طرفاية، وقال في هذا الصدد: «لذا، فأول خطوة نبتغيها من خلال التحيين القانوني، هي استكمال بسط الولاية القانونية للمملكة على كافة مجالاتها البحرية، وذلك في أفق خطوات أخرى، منها استكمال بسط الولاية القانونية على المجال الجوي جنوب المملكة، حيث دخلنا في حوار ودي وصريح مع الدول المعنية بشأن التسوية النهائية لهذا الملف»، حسب بوريطة.
وأكد بوريطة أن تحيين النصوص القانونية، سيمكن من إدخال أحكام جديدة ستسهل تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة وتمديد الجرف القاري، وهما هدفان يكتسيان أهمية قصوى بالنسبة إلى المغرب، خاصة مع ازدياد الحاجة إلى مصادر جديدة للطاقة وللموارد الطبيعية الأخرى التي تزخر بها المناطق البحرية، مشيرا إلى أن التحديات على المستوى الاقتصادي تعتبر من بين المحددات الحاضرة بقوة، وهي الأخرى ضمن توجهات المغرب نحو ضبط وترسيم امتداداته البحرية، سيما المنطقة الاقتصادية الخالصة، وذلك بهدف الاستفادة من مختلف الإمكانيات وتسخيرها في خدمة مسلسل التنمية بالبلاد وتعزيزها بشكل دائم، وقال الوزير: «في هذا السياق الزمني والسياسي، إذن، وضمن البعد القانوني والتقني بالتحديد، جاء إعداد وصياغة مشاريع القوانين المتعلقة بتحديد المجالات البحرية، لكي تشمل كل الأقاليم البحرية الخاضعة للسيادة أو الولاية المغربية، بدون استثناء أو حرج».
عتيق السعيد: المغرب نجح من خلال ديبلوماسيته الحكيمة في الترويج للنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية
1- ما دلالات افتتاح مجموعة من القنصليات العامة لعدد من الدول بالأقاليم الجنوبية للمغرب؟
بدء افتتاح مجموعة من القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة يعد بكل تأكيد وواقعية انتصارا للديبلوماسية المغربية الناجعة، التي انتقلت من مرحلة تحصين المكتسبات بخصوص القضية الوطنية، إلى مرحلة فرض واقع جديد، قوامه اعتراف دولي متزايد بمشروعية مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام لهذا النزاع المفتعل. هذه الخطوة تندرج في إطار الدينامية القوية التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، والتي تجسدت خلال الأسابيع الأخيرة بتفاعل دولي أكد دعم المجتمع الدولي الكامل والصريح لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها المملكة.
اليوم، وفي وقت قياسي له دلالاته، بلغ عدد القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة ما مجموعه 16 قنصلية، 8 منها بالعيون و7 بالداخلة، وبالتالي أصبحت كل مناطق القارة الإفريقية ممثلة بالصحراء المغربية من خلال ست دول من غرب القارة، وخمس من وسطها، إضافة إلى ثلاث دول من جنوب القارة الإفريقية ودولة من شرق إفريقيا، بالإضافة إلى قنصلية الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
هذا الطلب المتزايد من بلدان إفريقية بغية فتح قنصليات تابعة لها بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وفق القوانين المنظمة والمؤطرة للعلاقات القنصلية، يجسد إيمان هذه الدول الشقيقة بأن الصحراء المغربية تتوفر على جميع المؤهلات الضرورية لتكون قطبا للتنمية وبوابة نحو القارة السمراء، وبالتالي فهي تترجم نظرة تلك الدول للصحراء المغربية كمصدر إشعاع ونقطة ارتكاز للمملكة المغربية في القارة التي تنتمي إليها، وكشهادة منها على دعمها الواقعي والصريح للوحدة الترابية للمملكة، وإقرار منها بما تعرفه الأقاليم الجنوبية من مميزات الأمن والاستقرار في سياق إقليمي مضطرب، حيث إن المملكة المغربية تتفاعل بشكل قانوني مع الطلبات المقدمة لها من طرف العديد من الدول الشقيقة والرامية لافتتاح قنصلياتها بالأقاليم الجنوبية، كما أنها تبرهن بشكل ملموس، مع كل خطوة افتتاح للقنصليات، على تنفيذها للوعود التي قطعتها للقارة بعد العودة للاتحاد الإفريقي.
وجدير بالذكر أن مبادرة افتتاح القنصليات بالأقاليم الجنوبية تستند قانونيا للمعايير والممارسات الديبلوماسية طبقا لاتفاقية فيينا حول العلاقات القنصلية لسنة 1963، والتي تواكب أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بسيادة المساواة بين الدول وصيانة السلم والأمن الدوليين، ونمو العلاقات الودية بين الأمم، لاسيما المادتين 2 و4، حيث تنص المادة الثانية من الاتفاقية بشكل واضح وصريح على أن إنشاء العلاقات القنصلية يتم بين الدول بالاتفاق المتبادل بينها، كما تدعم هذا الإجراء المادة 4 من الاتفاقية نفسها، التي تعد تجسيدا قانونيا لسيادة المغرب على أراضيه وفقا لما هو متعارف عليه في القانون الدولي.
هاته الخطوات الديبلوماسية تساهم، أيضا، في استدامة الأهداف المشتركة القائمة على إنعاش النشاطات الاقتصادية، وتوطيد العلاقات التجارية وتنميتها وتطويرها، حيث إن المغرب تبنى منذ 2011 تفعيل الجهوية المتقدمة القائمة في فلسفتها على الانتقال المستدام إلى نظام اللاتمركز الإداري كنظام تدبيري وتنظيمي لتنمية المجال الترابي. وبالتالي فخطوة افتتاح القنصليات في الجهات الترابية للمملكة تنسجم مع هذا التوجه، الذي قدم هندسته جلالة الملك محمد السادس بتصور فعال ومستدام للمقاربة التنموية الشاملة للتراب الوطني.
2 - هل افتتاح تلك القنصليات دليل على أن المغرب كسب المعركة الديبلوماسية لصالحه؟
هاته المبادرات تساهم في تجويد وتمتين السياسة الإفريقية للمملكة، التي تبلورت في ظل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، والتي عززت مكانة المملكة كفاعل أساسي ومحوري في عملية التنمية بدول القارة السمراء، كما تجسد بشكل فعال وناجع في أزيد من 1629 اتفاق تعاون ما بين سنة 2000 والعام الماضي مع عدد من الدول الإفريقية، وبأكثر من خمسين زيارة أجراها جلالة الملك إلى بلدان القارة، مكنت من إرساء تحالفات استراتيجية على مختلف المستويات، وبناء أسس تعاون أعمق مع مختلف البلدان الإفريقية.
المملكة المغربية نجحت من خلال ديبلوماسيتها الحكيمة في الترويج للنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة على الصعيد الدولي، ما يدفع بالعديد من الدول إلى اتخاذ قرار افتتاح قنصليات عامة بمدينتي العيون والداخلة، ودولة الإمارات العربية الشقيقة تعد اليوم من أول الدول العربية التي سارت في هذا التوجه وأكيد سنشهد عما قريب دولا عربية أخرى تتخذ المبادرة نفسها.
المغرب والإمارات العربية يجمعهما تنسيق مشترك سواء في القضايا الدولية أو الإقليمية، وافتتاح الإمارات قنصليتها بمدينة العيون من شأنه أن يفتح لرجال الأعمال الاستثمار في المجالات الاقتصادية التي تمتاز بها هاته المدينة المغربية، وتواجد أبوظبي في هذا الإقليم المغربي هو، أيضا، دفعة كبيرة في مستوى العلاقات بين البلدين، في سبيل الارتقاء بها إلى مستوى أكبر. وتترجم هاته المبادرة موقف الإمارات الثابت في الوقوف مع المغرب في قضاياه العادلة في المحافل الإقليمية والدولية، لما للبلدين من علاقات متينة تاريخية راسخة وشراكة استراتيجية تقوم على أعلى المستويات.
المملكة المغربية تسعى بشكل جاد وقوي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية وفقا للمبادئ الدولية، وتعزيز وضعية حقوق الإنسان، والمساهمة في النهوض بتنمية الصحراء المغربية بوابة إفريقيا على القارة الأوروبية، وكلها عوامل تدفع بالدول الصديقة للمملكة في اتجاه اتخاذ قرار تعزيز الحضور الديبلوماسي في الصحراء المغربية، وقطع جميع الروابط مع الأوهام الانفصالية.
3 - هل هذه الخطوات الديبلوماسية من شأنها فتح الباب لمزيد من التنمية للأقاليم الجنوبية؟
الصحراء المغربية تشهد دينامية تنموية مستمرة قدم هندستها جلالة الملك، عنوانها البناء والنماء مكنت الأقاليم الجنوبية على غرار باقي أقاليم المملكة من سلسلة أوراش تنمية مستدامة، سواء المتعلقة بتطوير وعصرنة البنية التحتية من طرق ومطارات ومرافق عمومية/خدماتية، وكذا جلب الاستثمارات في مختلف المجالات، ومنه تعرف أقاليمنا الجنوبية تعددا في الأوراش الاقتصادية والمجالية، وبالتالي فالأقاليم الجنوبية باتت تعرف وتيرة مستمرة من المشاريع التنموية تعززت منذ إطلاق جلالة الملك للنموذج التنموي الجديد في 2015، بتكلفة مالية تبلغ 77 مليار درهم، أي بما يساهم في تحقيق حوالي 695 مشروعا، بحيث إن جهة العيون الساقية الحمراء خصص لها أزيد من 268 مشروعا بميزانية تناهز 44.7 مليار درهم، وجهة الداخلة بأزيد من 136 مشروعا بتكلفة مالية 22.8 مليار درهم، وجهة كلميم وادنون 282 مشروعا بميزانية 11 مليار درهم، وهي كلها تبرهن على أن المغرب يسعى بجهد وجدية إلى تنمية الصحراء المغربية، وبالتالي تحقيق استقرارها وأمنها ورخائها وهو هدفها.
وبالتالي فإن مشاريع متعددة أطلقها جلالة الملك في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء، تبرهن بالملموس على نجاحات مكثفة ومستمرة بالقارة الإفريقية يقودها جلالة الملك، تبعث إيمان دول عديدة بأن الصحراء المغربية تتوفر على جميع المؤهلات الضرورية لتكون قطبا للتنمية وبوابة نحو القارة السمراء جنوبا وللقارة الأوروبية شمالا، وكمصدر إشعاع ونقطة ارتكاز للمملكة المغربية في إفريقيا التي تنتمي إليها، وكشهادة منها على دعمها الواقعي والصريح للوحدة الترابية للمملكة، وإقرار منها بما تعرفه الأقاليم الجنوبية من مميزات الأمن والاستقرار في سياق إقليمي مضطرب.