اهتز حزب العدالة والتنمية على وقع فضيحة أخلاقية من العيار الثقيل، بعد توصل اللجنة المركزية للنزاهة والشفافية بشريط فيديو بالصوت والصورة يوثق لاعترافات رئيس سابق لجماعة بنمنصور بإقليم القنيطرة، بحصوله على رشوة بمبلغ 30 مليون سنتيم، مقابل تفويت صفقة كراء السوق الأسبوعي لإحدى الشركات.
وعلمت «تيلي ماروك»، من مصادر موثوقة، أن سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ومصطفى الرميد، عضو الأمانة العامة، الذي يترأس اللجنة المركزية للنزاهة والشفافية، توصلا بشريط فيديو صوره أحد أعضاء الحزب وهو مستشار بنفس الجماعة، يوثق لاعترافات القيادي بالحزب، عبد الكبير الطاعلي، الرئيس السابق لجماعة بنمنصور التابعة لإقليم القنيطرة، بحصوله على رشوة بمبلغ 30 مليون سنتيم، مقابل تفويت صفقة كراء السوق الأسبوعي لإحدى الشركات. وأدلى الرئيس السابق، وهو عضو بمجلس العمالة، وعضو بالكتابة الإقليمية للحزب، بمعطيات دقيقة حول حصوله على الرشوة، وتوزيعها على ستة مستشارين جماعيين ينتمي بعضهم لحزب العدالة والتنمية، بمبلغ مليوني سنتيم لكل مستشار، فيما حصل مستشارون آخرون على مبلغ 8 آلاف درهم من «الغنيمة»، كما اعترف بمنح مبلغ مليوني سنتيم لموظف بالعمالة، وثلاثة ملايين سنتيم لموظف مسؤول يعمل بإحدى المصالح التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية لها علاقة بالتأشير على الصفقات، من أجل التأشير على تفويت الصفقة. وأكد الرئيس، من خلال الشريط المسجل بمكتبه بمقر الجماعة، أنه منح مبلغ 4 آلاف درهم لموظفتين بالجماعة، ولم يتبق له من مبلغ الرشوة سوى 5 آلاف درهم.
وسارع كل من العثماني والرميد إلى احتواء الفضيحة وفرض سرية صارمة على الشريط حتى لا يتسرب إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وأحيل الملف على اللجنة المركزية للنزاهة والشفافية، حيث اتخذت قرارا، في اجتماعها المنعقد بتاريخ 24 فبراير الماضي، بإحالة الملف على الأمانة العامة للحزب، التي تدارست حيثياته، وتداولت في التهمة المنسوبة للمعني بالأمر، وخلصت إلى أن هذه التهمة ترقى إلى مستوى المخالفات التي تستوجب المتابعة الانضباطية طبقا لمقتضيات المادة 92 من النظام الأساسي للحزب، وأصدرت قرارا احترازيا يحمل رقم 27/2020 بتاريخ 7 شتنبر الماضي، يحمل توقيع الأمين العام للحزب، سعد الدين العثماني، تم بموجبه تعليق المسؤوليات الحزبية التي يتولاها القيادي المعني بالأمر، وتعليق تزكيته للمسؤوليات الانتدابية أو السياسية التي يتولاها، مع تعليق عضويته في الهيئات الحزبية التي ينتمي إليها، كما قررت الأمانة العامة تحريك المتابعة الانضباطية ضده وإحالة ملفه على هيئة التحكيم الجهوية لجهة الرباط سلا القنيطرة للبت فيه.
وأوضحت مصادر من المجلس الجماعي الذي يترأسه حاليا، الوزير السابق، محمد الغراس، القيادي بحزب الحركة الشعبية، بعد عزل الرئيس السابق المتهم من طرف المحكمة الإدارية، أن اللجنة المركزية للشفافية والنزاهة توصلت بالشريط بتاريخ 13 يناير الماضي، وبعد التحقيق الذي باشرته اللجنة توصلت إلى أن تهمة الحصول على رشوة ثابتة في حق الرئيس السابق لجماعة بنمنصور، أثناء فترة رئاسته للمجلس الجماعي، قبل نحو سنة، واعتبرت اللجنة التي يرأسها الرميد، أن القيادي المتهم ارتكب مخالفة جسيمة لقيم النزاهة والشفافية. وأثناء الاستماع إلى المعني بالأمر بالمقر المركزي للحزب، أقر أمام أعضاء اللجنة أنه تلقى مبلغا ماليا بعد إجراء عملية سمسرة لأحد الأسواق الأسبوعية، وبعد محاصرته من طرف لجنة الرميد حول أسباب حصوله على الرشوة، اعتبرها مجرد «هدية» منحها له صاحب الشركة التي نالت الصفقة، ووزع المبلغ على بعض أعضاء المجلس الجماعي، وهو ما يتطابق حرفيا مع الاعترافات الواردة في الشريط المصور من طرف مستشار ينتمي إلى الحزب.
وبعد القرار الذي اتخذته الأمانة العامة للحزب، أثيرت أسئلة حول محاولة احتواء هذه الفضيحة داخليا وعدم إحالتها على القضاء في إطار التبليغ عن جريمة فساد مكتملة الأركان، خاصة أن العثماني بصفته رئيسا للحكومة، يحث المواطنين على تبليغ النيابة العامة بجرائم الفساد المالي، وفي هذه الحالة يتوفر على شريط مصور بالصوت والصورة، وكذلك اعترافات المعني بالأمر المدونة في محضر الاستماع إليه من طرف اللجنة المركزية للشفافية والنزاهة، التي يترأسها مصطفى الرميد، وزير العدل السابق، الذي صرخ في إحدى الجلسات البرلمانية وهو يخاطب البرلمانيين بالقول «هاتو الملفات.. هاتو الملفات التي فيها فساد وسترون كيف سنتعامل بالجدية التي ربما ستفوق تصوراتكم وطموحاتكم».
وتفجرت العديد من الفضائح الأخلاقية في وجه رؤساء ومستشارين جماعيين ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية بإقليم القنيطرة، بينها اعتقال مستشار جماعي بجماعة الحدادة من طرف الشرطة القضائية وهو متلبس بتلقي رشوة داخل حانة، وكان صاحب الكمين الذي أطاح به، هو رئيس الجماعة المنتمي للحزب نفسه، والذي تم عزله من منصبه بعد إدانته بثمانية أشهر حبسا نافذا، فيما أدين المستشار بنفس العقوبة الحبسية، وقبلها تفجرت فضيحة أخرى، بعد اعتقال رئيس جماعة مجاورة لجماعة بنمنصور، بعدما تسبب في حادثة سير بضواحي القنيطرة، وهو يقود سيارة مصلحة تابعة للجماعة في حالة سكر طافح، وكان مرفوقا بفتاة قضى معها ليلة صاخبة بإحدى العلب الليلية بمنتجع المهدية.