بعد حسم وزارة الداخلية في قرار تنظيم جميع الاستحقاقات الانتخابية، خلال السنة الجارية، تنتظر الحكومة مهمة صعبة، تتجلى في إخراج القوانين المؤطرة لهذه الانتخابات، قبل نهاية الدورة التشريعية المقبلة.
وفي هذا الصدد، فقد وضعت الوزارة نفسها اللمسات الأخيرة على مشاريع القوانين التي ستؤطر الاستحقاقات الانتخابية، وذلك بعد إدخال التعديلات المتوافق بشأنها من طرف الأحزاب السياسية، وستحال هذه المشاريع على المسطرة التشريعية في أقرب أجل ممكن، وذلك للمصادقة عليها من طرف غرفتي البرلمان، قبل نهاية الدورة الخريفية الحالية.
وأوضحت المصادر أنه في أفق الإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، سواء منها الوطنية أو الجهوية أو المحلية أو المهنية، بادرت وزارة الداخلية إلى عقد عدة لقاءات مع الفاعلين السياسيين، وذلك وفقا للمنهجية التشاورية المعتمدة في مجال مراجعة المنظومة المؤطرة للانتخابات.
وأكدت المصادر أن هذه المشاورات أسفرت عن توافق الفاعلين السياسيين حول جل التعديلات، التي سيتم إدراجها في مشاريع القوانين المؤطرة للعمليات الانتخابية المقبلة. ومن المنتظر أن يتوصل زعماء الأحزاب السياسية بمشاريع النصوص القانونية، قبل عرضها على المجلس الحكومي، خلال الأيام القليلة المقبلة.
ومن بين أهم النقاط التي تم التوافق عليها بين وزارة الداخلية وزعماء الأحزاب السياسية، بخصوص القوانين الانتخابية، إجراء جميع الاستحقاقات الانتخابية التشريعية والجماعية والجهوية في يوم واحد، وتم الاتفاق كذلك على تغيير يوم الاقتراع من الجمعة إلى الأربعاء، وتشكيل اللجنة الوطنية واللجان الإقليمية للانتخابات لمتابعة ومراقبة العمليات الانتخابية، كما تم الاتفاق على توسيع حالات التنافي في تقلد المهام الانتخابية، خاصة الجمع بين منصب برلماني ورئاسة مجالس المدن الكبرى، والعضوية بمكاتب مجالس الجهات والعمالات. ومن أبرز النقاط المتفق بشأنها، تقليص عدد مكاتب التصويت الفرعية، سيما بالمدن لتعزيز المراقبة من طرف ممثلي المرشحين والمرشحات.
وفي ما يتعلق باللوائح الانتخابية، تم الاتفاق على تنقية ومراجعة اللوائح الانتخابية وتبسيط مساطر تحيينها انطلاقا من مصالح الحالة المدنية، وحذف المقتضبات التي تمنع الأجانب من التصويت أو الترشح في الجماعات بشرط المعاملة بالمثل، مع تمكين الأجهزة الحزبية الوطنية من نسخة من اللوائح الانتخابية جماعة جماعة. كما سيتم اعتماد التسجيل الإلكتروني للناخبات والناخبين بشكل فردي، أي باسم واحد وعنوان واحد، وتم الاتفاق كذلك على تقليص مدة الحملة الانتخابية، ومراجعة طريقة استعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية من طرف الأحزاب السياسية.
وبخصوص مراجعة نمط الاقتراع، أفادت المصادر بأن وزارة الداخلية توصلت بعدة مقترحات تتراوح بين الإبقاء على نظام الاقتراع باللائحة وتعميمه على جميع الدوائر الانتخابية، وبين إلغائه والعودة إلى اعتماد نمط الاقتراع الفردي، وتم التوصل إلى اتفاق بشأن توسيع نمط الاقتراع الفردي بالنسبة إلى الجماعات الترابية التي يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة.
ومن بين النقاط المتفق عليها كذلك، تعزيز مراقبة السير السليم للعمليات الانتخابية من خلال العمل على اشتراك مكونات المجتمع المدني ومؤسسات الحكامة ذات الصلة بالاستحقاقات الانتخابية، وخاصة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، مع التنصيص على إجراءات جديدة لمحاربة الفساد الانتخابي، وتدقيق التدبير المالي للمرشحات والمرشحين للعمليات الانتخابية، بتعيين محاسب مسؤول عن الجانب المالي مداخيل ومصاريف، وفتح حساب بنكي خاص بها.
ولم تتوصل وزارة الداخلية إلى أي توافق بخصوص النقاط الخلافية التي بقيت مطروحة، ومن المنتظر إحالتها على مجلسي البرلمان للحسم فيها عن طريق مسطرة التصويت، أو التوصل إلى اتفاق بين الفرق البرلمانية، ومن أبرز هذه النقاط، مراجعة طريقة احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين عوض عدد الأصوات الصحيحة، وفي هذا الصدد أفادت المصادر بأن هناك مقترحا يروج داخل الأحزاب السياسية، بإمكانية التوصل إلى توافق بشأن هذه النقطة، بمراجعة طريقة احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المصوتين، أي باحتساب جميع الأصوات المعبر عنها، سواء كانت صحيحة أو ملغاة.
وهناك نقطة خلافية أخرى، لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بشأنها، وهي إلغاء اللوائح الوطنية للنساء والشباب، وتعويضها بلوائح جهوية، مع إضافة لائحة الأطر والكفاءات، وكذلك تمثيلية مغاربة المهجر في المجالس المنتخبة.