قرر وكيل الملك بالمجلس الجهوي للحسابات، بجهة بني ملال خنيفرة، متابعة المستشار البرلماني والقيادي بحزب الحركة الشعبية، الذي يترأس لجنة الداخلية بمجلس المستشارين، أحمد شدا، بعد عزله من رئاسة مجلس جماعة بني ملال بموجب حكم صادر عن المحكمة الإدارية، وذلك على ضوء الاختلالات والخروقات التي رصدها تقرير أسود أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية.
وحسب وثائق الملف، فقد توصل المجلس الجهوي للحسابات بطلب من وزير الداخلية، من أجل رفع قضية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، تتعلق بجماعة بني ملال، استنادا إلى نتائج مهمة تدقيق العمليات المالية والمحاسبتية للجماعة برسم سنتي 2016 و2017 المنجزة من طرف المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية. وبعد دراسة الأفعال المضمنة بالتقرير والاطلاع على المستندات المثبتة، نظرا لقيام قرائن على وجود أفعال من شأنها أن تدخل ضمن نطاق التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، فقد قرر وكيل الملك بالمجلس الجهوي للحسابات متابعة الرئيس المعزول، أحمد شدا، من أجل المآخذ المسجلة في حقه.
وحسب التقرير الذي أنجزته لجنة الافتحاص التابعة للمفتشية العامة للداخلية، تتوفر «الأخبار» على نسخة منه، فقد سجل على مستوى تدبير المداخيل، ارتفاع كبير لمبلغ الباقي استخلاصه بين الفترة الممتدة بين 2013 و2017، حيث ناهز في نهاية سنة 2017، مبلغ 105 مليارات درهم، تمثل فيه الضرائب المحولة «الرسوم المدبرة من طرف الدولة» 77 في المائة. كما رصد التقرير عدم طلب تحيين قرار تعيين أعضاء اللجان المحلية لإحصاء الملزمين، الذين يمارسون نشاطا مهنيا، وإحصاء العقارات الخاضعة لرسم السكن ورسم الخدمات الجماعية، وإنجاز عملية الإحصاء بدون المساهمة الفعلية لممثل الجماعة، وعدم استخلاص الواجبات المفروضة على استعمال سيارة الإسعاف الجماعية ورسم نقل الأموات المنصوص عليها في القرار الجبائي، وكذلك التأخر في مباشرة مسطرة فرض الرسم بصورة تلقائية على بعض الملزمين الذي لم يدلوا بإقراراتهم، وعدم تحيين عدد الملزمين برسم السكن ورسم الخدمات الجماعية، ما يضيع على الجماعة موارد مهمة تقدر بحوالي 600 مليون سنتيم، فقط بالنسبة لسنة 2017، وعدم أداء العديد من الملزمين لواجباتهم المتعلقة بالرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، ما ضيع على الجماعة مداخيل تقدر بـ28 مليون درهم برسم سنتي 2016 و2017، وعدم أداء العديد من الملزمين لواجباتهم المتعلقة بالرسم المفروض على النقل العام للمسافرين والرسم المفروض على وقوف العربات المعدة لنقل المسافرين، ما ضيع على الجماعة مداخيل تفوق قيمتها المليون درهم برسم سنتي 2016 و2017.
أما على مستوى تدبير النفقات، فقد سجل التقرير بالنسبة إلى الصفقات العمومية، عدم احترام البرنامجين التوقعيين للصفقات، وعدم احترام المقتضيات التنظيمية المتعلقة بمسك سجل إيداع الأظرفة، وبإخبار صاحب المشروع المتعهد الذي قبل عرضه، والمتعهدين الذين تم إقصاؤهم برفض عروضهم، وعدم احترام المقتضيات التنظيمية المتعلقة بالثمن التقديري وأجل المصادقة المنصوص عليه في المادة 152 من مرسوم الصفقات العمومية. كما رصد التقرير إقصاء شركات من المشاركة في طلبات العروض، دون تحديد طبيعة عدم مطابقة الشروط التقنية، والإدلاء بشهادة القيد في السجل التجاري منتهية الصلاحية ضمن الملف الإداري التكميلي لنائل الصفقة، وعدم مطابقة بعض الوثائق بالنسبة لطلب العروض رقم 4 - 2017، وتجاوز أجل تبليغ المصادقة على الصفقة المحدد في مرسوم الصفقات العمومية بالنسبة لطلب العروض رقم 1 -2017 دون تطبيق المقتضيات التنظيمية.
وبالنسبة إلى سندات الطلب، سجل التقرير عدم وجود معايير لبرمجة الاعتمادات المالية تساعد المصالح المكلفة في تحديد الحاجيات الحقيقية، وعدم احترام المقتضيات القانونية في ما يخص إعداد وتبليغ رسائل الاستشارة، وتوجيه هذه الرسائل إلى الشركات نفسها، رغم أنها تخص سندات طلب مختلفة، كما أنها لا تحمل أرقام التسجيل بمكتب الضبط بالجماعة، مما يتنافى مع مبدأ المنافسة وقواعد الشفافية. كما تم تسجيل تأخر كبير بين تاريخ إجراء الاستشارة وتاريخ الالتزام بالنفقة في الكثير من الحالات. ورصد التقرير، توزيع المنح على الجمعيات دون اعتماد معايير واضحة لتحديد قيمة مبالغ الدعم السنوي، ودون التوصل بتقارير صرف أغلب الجمعيات المستفيدة من المنح السابقة، وعدم إبرام اتفاقيات مع الجمعيات المستفيدة من الإعانات والمنح.
وبالنسبة إلى تدبير حظيرة السيارات، رصد التقرير غياب الشفافية في تدبير الوقود من قبل مصالح الجماعة عبر اللجوء إلى إيصالات لأجل«bon pour» ، بالإضافة إلى استهلاك مفرط لعدد من العربات وعدم تبرير مبلغ 49 ألف درهم تم صرفه من أجل التزود بالوقود، وعدم احترام مبدأ المنافسة عند التزود بالوقود وشراء قطع الغيار والقيام بالصيانة والإصلاحات.
وبخصوص تدبير ممتلكات الجماعة، تطرق التقرير إلى تقاعس عدد من مكتري المحلات التجارية عن أداء الوجيبات الكرائية بمبلغ إجمالي يناهز 3 ملايين درهم، وعدم اتخاذ أي إجراء قانوني في حقهم، بالإضافة إلى ضعف السومة الكرائية لهذه المحلات، وعدم تسوية الوضعية العقارية لعدد من الأملاك الجماعية.
وبخصوص التدبير المفوض للمرافق الجماعية، فقد سجل التقرير بالنسبة إلى التدبير المفوض لقطاع النظافة، خصم شركة«C.T» خلال سنتي 2016 و2017، لمبلغ يقارب 97 ألف درهم دون سن قانوني أو تعاقدي من كتلة الأجور ومصاريف تأمين الموظفين الجماعيين، بالإضافة إلى وجود تقصير واضح في مراقبة وتتبع عقد التدبير المفوض من قبل الجماعة ومكتب الدراسات«A.E» ، نتج عنه تسجيل فارق مهم في الاستثمار يقدر بـ8 ملايين درهم. ورصد التقرير كذلك، أن طريقة حساب أتعاب مكتب الدراسات، لا تضمن استقلاليته وحياده في أداء مهام المراقبة والتتبع المنوطة به.