بعدما أجبر تطبيق «واتساب» مستخدميه على الموافقة على عدد من الشروط بما فيها عزمه مشاركة البيانات مع شركته الأم «فيسبوك» مقابل إبقاء التطبيق مفتوحا لهم وإلا سيحذف من قائمة تطبيقاتهم، نشأت موجة من النزوح إلى مجموعة من التطبيقات للمراسلة مشابهة لكن أكثر أمانا. ورغم تراجع «واتساب» عن هذا القرار إلا أن الإجراء جاء متأخرا وتسبب في فقدان عدد كبير من المستخدمين في ظرف يومين فقط.
بدأ عدد من المستخدمين لتطبيق «واتساب»، البالغ عدد مستخدميه حول العالم حوالي 2.2 مليار مستخدم، بالنزوح إلى تطبيقات أخرى للمراسلة، بعد أن أجبرهم «واتساب» على الموافقة على تشارك مختلف بياناتهم مع «فيسبوك»، وإلا سيحذف حسابهم اعتبارا من 8 فبراير المقبل، لكن التطبيق تراجع وقال إن المهلة ستكون حتى ماي المقبل، ولن يحذف الحسابات غير الموافقة على سياسته الجديدة لحماية خصوصية بيانات المستخدمين.
وفي خضم موجات النزوح لتطبيقات أخرى من أفراد ومؤسسات حول العالم، دخلت حكومات على خط الأزمة، والتي رفضت الرضوخ لسياسات الخصوصية وفتحت هيئاتها التقنية تحقيقات في طبيعة تلك السياسات الجديدة، وقامت بنقل حسابات هيئاتها الرسمية، إلى تطبيقات أخرى شبيهة.
ووسط تصاعد الانتقادات واتساع رقعتها عالميا، تعهد «واتساب» ببذل جهود أكبر لتوضيح المعلومات الخاطئة بشأن سياسة الخصوصية والأمن الجديدة، مؤكدا أن التحديث الأخير يوفر شفافية أكبر حول طريقة جمع البيانات واستخدامها، وأن التحديث الأخير لا يوسع قاعدة مشاركة البيانات مع «فيسبوك».
وكان «واتساب» قد بدأ قبل أيام في تنبيه مستخدميه البالغ عددهم ملياري مستخدم إلى تحديث سياسة الخصوصية الخاصة بها وإذا كانوا يريدون الاستمرار في استخدام تطبيق المراسلة الشهير، فعليهم قبوله.
وتسببت الشروط الجديدة، التي تم تسليمها في أوائل عام 2021، في غضب بين خبراء التكنولوجيا ودعاة الخصوصية ورجال الأعمال والمنظمات الحكومية وأثارت موجة من الانشقاقات نحو الخدمات المنافسة.
التنكر لـ «واتساب»
محاولة التدارك تأخرت بعض الشيء، إذ إن خدمتي المراسلة «سيغنال» و»تلغرام» شهدتا إقبالاً قياسياً منذ الخميس 12 من الشهر الجاري.
وأوضح مؤسس «تلغرام» الروسي بافل دوروف عبر شبكته الثلاثاء الماضي أن «عدد مستخدمي تلغرام الفاعلين شهرياً تجاوز 500 مليون في الأسبوع الأول من يناير الجاري، ثم واصلت الأرقام الارتفاع، إذ انضم 25 مليون مستخدم جديد إلى الخدمة في الساعات الاثنتين والسبعين بعد إعلان «واتساب».وأبرزَ أنها «زيادة كبيرة عن العام الماضي» ، شارحاً أن «تلغرام» شهدت سابقاً موجات مفاجئة من الاشتراكات طيلة «سنواتها السبع في حماية حياة مستخدميها الخاصة، لكنّ الأمر مختلف هذه المرة».
وتؤكد «تلغرام»، التي أسسها في 2013 الأخَوان بافل ونيكولاي دوروف، وهما أيضاً مبتكرا شبكة التواصل الاجتماعي الروسية الشهيرة «فكونتاكتي»، أن الأمان أولويتها وترفض التعاون مع السلطات، ما أدى إلى محاولات لمنعها في بعض البلدان، خاصة في روسيا.
بينما نشر حساب تطبيق سيغنال (Signal) على موقع التواصل «تويتر» صورة تظهر عدد مرات تحميل التطبيق خلال الأيام الماضية والتي وصلت إلى 50 مليون مرة، عبر متجر «غوغل بلاي» فقط. وأظهرت الصورة عدد مرات التحميل قبيل أزمة مشاكل الخصوصية الجديدة من واتساب (WhatsApp) وبعدها، والتي تبين زيادة عدد مرات تحميل التطبيق لـ5 أضعاف.
وكان رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك قد نصح متابعيه عبر حسابه على «تويتر»، باستخدام تطبيق المراسلة سيغنال، مما ساهم في الترويج للتطبيق بشكل واسع مؤخرا.
ووصلت كثافة الإقبال المستجد على التطبيق إلى حد التسبب في مشاكل تقنية الخميس والجمعة 12 و13 من الشهر الجاري.
وتعد «سيغنال» و«تلغرام» من التطبيقات التي تحظى بأكبر عدد من التنزيلات مجاناً على منصتي «آبل ستور» و«آبل بلاي» في كثير من البلدان. حتى أن خدمة «سيغنال» بادرت، سعياً منها إلى جذب المزيد من المستخدمين الجدد، إلى نشر برنامج تعليمي تشرح فيه للمنضمين إليها طريقة نقل محادثاتهم الجماعية بسهولة من تطبيق مراسلة آخر.
تركيا تختار BIP
أبلغ المكتب الإعلامي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزارة الدفاع الصحافيين بأنهما سيغادران تطبيق واتساب وبذلك ينضمان إلى موجة هجرة عالمية من تطبيق المراسلة الشهير بسبب شروط استخدام جديدة أثارت مخاوف بشأن الخصوصية.
ونقلت الرئاسة مجموعات «واتساب» الخاصة بها إلى تطبيق المراسلة المشفر بيب (BiP) التابع لشركة «ترك سيل» للاتصالات (Turkcell Iletisim Hizmetleri AS) يوم 11 يناير، حسبما قالت في رسائل إلى المجموعات المشاركة.
وقد شهد تطبيق المراسلة التركي إقبالاً كبيراً الأيام الأخيرة، عقب إعلان تطبيق واتساب عن اعتزامه إجراء تغيير في سياسات الخصوصية لعملائه.
وأفاد بيان صادر عن «تورك سيل» بأن الأيام الثلاثة الأخيرة، بعد إعلان «واتساب»، شهدت اشتراك 4.6 ملايين مستخدم جديد بتطبيق «بيب» المطور محلياً. وأوضح البيان أن «بيب» يتصدر منافسيه حول العالم عبر تطويره للعديد من الميزات قبل منافسيه، مبيناً أن جميع البيانات ذات الصلة تخزّن عبر معايير أمنية عالية في مراكز حفظ بيانات تابعة لـ «تورك سيل» في تركيا. وأضاف أن التطبيق المطور من قبل مهندسين أتراك، عام 2013، لا يسمح بالوصول إلى البيانات الشخصية للمستخدمين، دون الحصول على إذن مسبق منهم.
ويتزامن هذا التحول مع حملة أردوغان الأوسع نطاقًا ضد منصات التواصل الاجتماعي التي يدعي نشطاء أنها تهدف إلى خنق المعارضة.
وقررت هيئة المنافسة التركية فتح تحقيق بحق شبكتي فيسبوك (Facebook) وواتساب حول المشاركة الإلزامية لبيانات مستخدمي واتساب. وأوضحت، في بيان، أنها فتحت تحقيقا بحق فيسبوك وواتساب، لتحديد ما إذا كان هناك انتهاك لمادة إساءة الاستخدام في قانون حماية المنافسة.
تطبيقات أكثر أمانا
Signal
يعتبر تطبيق Signal الأكثر أماناً بين جميع تطبيقات التراسل الأخرى فهو مملوك لمنظمة البرمجيات Open Whisper Systems، وهو التطبيق الذي يوصي به المدافع عن الخصوصية والموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن.
والسبب في أن Signal هو أكثر التطبيقات أماناً يرجع إلى وجود بروتوكول تشفير يسمى «Signal Protocol» وهو عبارة عن بروتوكول تشفير يستخدم لتوفير التشفير من طرف إلى طرف للمكالمات الصوتية ومكالمات الفيديو والمراسلة الفورية للمحادثات.
بالإضافة إلى أن التطبيق مفتوح المصدر مما يعني أنه بإمكان أي مستخدم من التحقق من أمانه بسهولة من خلال مراجعة الكود الخاص بالمستخدم، ويعتبر التطبيق من أهم التطبيقات التي تستخدم ميزة التشفير مفتوحة المصدر والذي يمكن خبراء الأمن من مراجعة معايير الأمان داخل التطبيق والتأكد من عدم وجود ثغرات داخل التطبيق، ويتوفر تطبيق Signal للتحميل مجانا لكل من مستخدمي أندرويد من خلال متجر جوجل بلاي ومستخدمي آيفون وآيباد عبر متجر آبل للتطبيقات.
Hike
يعتبر تطبيق هايك Hike بديلاً رائعاً عن تطبيق «واتساب»، حيث اكتسب مؤخراً شهرة لتمتعه بميزة حماية خصوصية مستخدميه، فتطبيق Hike يسمح للمستخدمين بإخفاء دردشاتهم الخاصة باستخدام كلمة مرور.
ومن أهم ميزات هذا التطبيق أنه لا يمكن لأي شخص إرسال رسالة للمستخدم، إلا إذا كان رقمه مسجلاً في جهات الاتصال الخاصة به على الهاتف، والميزة الأخرى للتطبيق هي احتواؤه على وضع عدم الاتصال فإذا أرسل أحدهم رسالة تظهر كأنها لم تصل حتى يتيح المستخدم وصولها إلى الدردشة.
كما يوفر Hike العديد من الملصقات Stickers في المحادثات. وفي ما يتعلق بمشاركة الملفات يمكن إرسال ملفات الفيديو، والصور، والموسيقى، بالإضافة إلى الملاحظات الصوتية والتي تصل إلى مساحة 100 ميغابايت.
Telegram
يعتبر تطبيق «تلغرام» هو أفضل بديل لتطبيق «واتساب»، حيث يعد واحداً من التطبيقات الأكثر تداولاً واستخداماً للتراسل الفوري، فهو تطبيق مراسلة يهتم بالسرعة والخصوصية، وسهل الاستخدام ومجاني. وأهم ما يميز «تلغرام» هي ميزة المزامنة الفورية للرسائل عبر الأنظمة الأساسية المختلفة، حيث يمكن للمستخدم استخدام التطبيق على جميع الأجهزة الخاصة به في نفس الوقت، لتتزامن رسائلك بسلاسة عبر الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية والحواسيب.
وباستخدام «تلغرام»، يمكنه إرسال الرسائل، والصور، والمقاطع المرئية، والملفات من أي نوع (doc، zip، mp3 …الخ) مع إمكانية إنشاء مجموعات تصل إلى 100 ألف شخص. إضافةً إلى القنوات حيث يمكنه نشر المحتوى إلى جمهور غير محدود. كذلك بإمكانه مراسلة جهات الاتصال الخاصة به وأن يجد الأشخاص باستخدام أسماء مستخدميهم. كما تتوافر به ميزة المكالمات المشفرة.