عرت مجريات الدورة العادية الأخيرة للمجلس الإقليمي لطانطان، المنعقدة قبل أيام، حقيقة ابتعاد التنمية الحقيقية عن فهم منتخبي هذا المجلس، ففي الوقت الذي تتعالى الأصوات مطالبة بترشيد النفقات وحماية المال العام، وفي الوقت الذي تطالب مذكرات وزير الداخلية بضرورة برمجة الفائض الحقيقي في الأمور الأساسية خلال الدورات، والالتزام الحرفي بالتعاقدات والاتفاقيات المبرمة، صادق المجلس الإقليمي لطانطان، خلال دورته الأخيرة، على برمجة اعتمادات مالية كبيرة في ما هو ثانوي وغير آني، كبناء وتجهيز مقره الجديد.
هذا المشروع يطرح أكثر من علامة استفهام، حيث إن مقر المجلس كان داخل بناية عمالة الإقليم لسنوات طويلة، لكن ذات يوم فكر الرئيس الحالي للمجلس في نقل مقر المجلس وتهريبه إلى جماعة الوطية، التي تبعد عن مركز الإقليم بما يزيد على 23 كيلومترا، في الوقت الذي توجد مقرات هذه المجالس وطنيا بمركز كل إقليم. هكذا قرر رئيس المجلس ومن معه، نقل هذا الأخير إلى الوطية التي يترأس جماعتها شقيقه. غير أن المثير للاستغراب أيضا هو قيام المجلس الإقليمي، خلال دورته الأخيرة، ببرمجة اعتماد مالي قدره 20 مليون سنتيم من أجل تجهيز قاعة للاجتماعات بالمقر المؤقت بالوطية، والتابع لجماعة الوطية بأجهزة الصوتيات، الأمر الذي يفسر تبذيرا حقيقيا للمال العام، خصوصا أن المجلس صوت في الدورة ذاتها على بناء مقر المجلس وسط مدينة طانطان، ما يعني بشكل مكشوف أن المجلس الإقليمي سيجهز قاعة الجماعة الترابية ويتركها له، بعد أن يعود المجلس إلى طانطان المركز.
من جهة أخرى، دار نقاش خلال مجريات الدورة عن أن مقر المجلس سيكون في المدخل الجنوبي للمدينة، وسط حديقة عمومية مقابلة لبناية المحكمة الابتدائية، وهذا في حد ذاته إجهاز على متنفس حقيقي للسكان، سيما وأن المجلس الإقليمي سبق أن وقع اتفاقية مع الجماعة الترابية لطانطان، مقابل تنازل هذه الأخيرة عن فضاء المستودع الجماعي الموجود بشارع ابن سينا، وتخصيصه لبناء مقر المجلس الإقليمي، لكن مياها كثيرة جرت تحت الجسر، وجعلت «صقور» المجلس الإقليمي يعدلون عن قرارهم ويختارون الإجهاز على الحديقة العمومية، التي عرفت هي الأخرى قبل أشهر صراعا وحربا حول ملكيتها ما بين الجماعة الترابية للمدينة والمجلس الإقليمي.
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن المجلس الإقليمي لطانطان تراجع بشكل «غامض» عن عشرات الاتفاقيات والمقررات المصادق عليها في دوراته منذ بداية الولاية الحالية، وحول الاعتمادات المالية المخصصة لها إلى الفائض لغاية «غامضة»، ومن ثم قام من جديد ببرمجتها في بناء مقره، بالرغم من أن بعض هذه الاتفاقيات والمقررات المصادق عليها لها أهمية تنموية كبيرة على السكان وملزمة قانونا للرئيس، باعتباره ينفذ مقررات المجلس فقط، كما هو الشأن بالنسبة إلى مقرر تهيئة «الباطو» السياحي، ومقرر تمويل دراسة تقنية لبناء قنطرة على واد بن خليل، وتهيئة الطرق الحضرية وغيرها. وقد أسفرت مقررات المجلس عن تخصيص هذا الأخير اعتمادات مالية لتمويل مشاريع ببعض الجماعات الترابية، فيما تجاهل البعض الآخر لأسباب انتخابية محضة، كما هو الشأن بالنسبة إلى جماعة الوطية التي صادق على اتفاقيتين معها لتمويل وتنفيذ برنامج التأهيل الحضري 2020- 2021، وجماعة تلمزون، التي صادق المجلس على تمويل شراء آليات لها للحماية من الفيضانات، في الوقت الذي ما زالت جماعات كبيرة كمركز المدينة تنتظر أن يلتفت المجلس الإقليمي إليها دون جدوى.