مايزال حزب العدالة والتنمية يتلقى الضربات بشكل متواصل وينكشف زيف ادعاءاته، ففي الوقت الذي لم يندمل فيه بعد جرح استقالة 21 عضوا من حزب العدالة والتنمية بإقليم إنزكان- آيت ملول، ها هو الحزب يتجرع مرة أخرى مرارة التدبير السيئ لبعض منتخبيه للشأن العام، والذين أظهروا حقيقة تسيير أعضاء الحزب لعدد من المدن والجماعات.
وفي هذا الصدد أيدت محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، يوم الخميس الماضي، عزل رئيس جماعة آيت ملول الحسين العسري من مهامه على رأس الجماعة، كما أيدت عزل نائبه الثالث المفوض في قسم التعمير الحسين العوامي، ورئيس لجنة التعمير وإعداد التراب والبيئة بالمجلس ذاته أحمد نجيري، والمنتمون جميعهم إلى حزب المصباح، الذي يسير هذه الجماعة بأغلبية مريحة. وجاءت الأحكام الاستئنافية النهائية القطعية لتأييد الأحكام الابتدائية التي صدرت بتاريخ 10 فبراير 2020، والتي قضت أيضا بعزل هذا الثلاثي من العضوية بمجلس جماعة آيت ملول.
وتعود تفاصيل هذا الملف الذي وضع حزب العدالة والتنمية في حرج كبير مركزيا وعلى مستوى جهة سوس- ماسة، وداخل جماعة آيت ملول أيضا، إلى تقدم وزارة الداخلية بطلب إلى المحكمة الإدارية بأكادير قصد عزل الرئيس ونائبه ورئيس لجنة التعمير، وفوضت لعامل إنزكان آيت ملول تتبع الإجراءات القانونية، والتي باشرها نيابة عنه الوكيل القضائي للمملكة.
وجاء طلب عزل الرئيس ومن معه بناء على خلاصات لجنة من المفتشية العامة للإدارة الترابية، والتي رصدت اختلالات وصفت بـ «الجسيمة»، في قطاع التعمير بمدينة آيت ملول، من بينها حوالي 13 مخالفة ارتكبها رئيس الجماعة و6 مخالفات ارتكبها نائبه الثالث ومخالفتان ارتكبهما رئيس اللجنة. وتمت إحالة التقرير النهائي للمفتشين على وزير الداخلية، الذي قرر بدوره إحالته على القضاء وتكليف عامل إنزكان بتتبعه ميدانيا.
واستنادا إلى المصادر، فقد رصدت لجنة التفتيش المركزية «اختلالات» كثيرة، استفاد من بعضها منتخبون وأعضاء في الحزب، منها تسليم شواهد إدارية كثيرة لاستعمالها من أجل التجزيء السري، وبناء مجموعات سكنية دون إيداع ملفاتها التقنية لدراستها، إضافة إلى حدوث «تلاعبات» في بعض التجزئات عبر احتلال قطع أرضية مخصصة لبعض التجهيزات والمرافق الأساسية. كما وقفت اللجنة على قضية توظيف أحد المهندسين المعماريين المنتمي إلى إدارة أخرى، في الوقت الذي توجد بالجماعة مهندسة معمارية تم توظيفها بعد نجاحها في مباراة نظمت لهذا الغرض.
ومن بين ما أثار تساؤلات عديدة هو برمجة مجموعة من الطرق من مالية الجماعة، والتي تمر قرب ووسط مشاريع سكنية لبعض المنتخبين «المحظوظين» المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية، إضافة إلى عدم تتبع ومراقبة مشاريع عقارية، رغم أنها لا تحترم المواصفات التقنية المنصوص عليها في القانون، وخرق المادة 103 من القانون التنظيمي للجماعات من خلال تفويض مهام وصلاحيات لمستشار جماعي دون أي سند قانوني، والإذن ببناء مجموعة سكنية على عقار أعفاه مكتب المجلس من أداء الرسوم والواجبات المستحقة لخزينة الدولة.
وحاول منتمون إلى حزب العدالة والتنمية ربط طلب العزل بادعاء وجود خلافات ما بين عامل إنزكان آيت ملول إسماعيل أبو الحقوق، ورئيس المجلس الجماعي الحسين العسري، إلا أن «الخروقات» التعميرية الجسيمة المكتشفة دفعت إخوان العدالة والتنمية إلى ابتلاع ألسنتهم. وفي حالة رئيس جماعة آيت ملول ومن معه، فإن العامل طبق في حقهم المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية.