مرة أخرى تهتز مدينة عين العودة على وقع جريمة قتل بشعة ذهب ضحيتها حارس ليلي، بعد الهجوم عليه من طرف عصابة إجرامية وتعريضه لاعتداء خطير أرداه قتيلا وسط صدمة أولاده وزوجته وعموم سكان المدينة. وتأتي هذه الجريمة على بعد أسابيع قليلة من واقعة مماثلة بعد العثور على جثة شاب مقتول ذبحه مجهولون وتركوه مرميا بأرض فلاحية محاذية للمدينة.
وأفادت مصادر مؤكدة «الأخبار» بأن قتل الحارس الليلي الشاب، وهو أب لطفلين، استنفر كل الأجهزة الترابية والأمنية بالمنطقة، حيث باشرت مصالح الدرك الملكي بسرية عين العودة تحقيقا على الفور، توج بإيقاف شخصين من مواليد 1996، وهما من ذوي السوابق القضائية المتعددة في قضايا الإجرام والسرقة والاعتداءات المسلحة، حيث تم وضعهم رهن الحراسة النظرية لصالح البحث الذي أنجزته فرقة خاصة من المركز القضائي بسرية عين العودة، قبل عرضهم، بداية الأسبوع الجاري، على أنظار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، ثم قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها الذي قرر إيداعهما سجن العرجات ومتابعتهما بتهمة الضرب والجرح المفضي إلى الموت.
وتشير معطيات البحث الأولية، حسب مصادر الجريدة، إلى أن الجانحين المسجلين خطرا لدى كل الأجهزة الأمنية بالمنطقة، داهما موقع الحارس الليلي في حدود الساعة الثانية من صباح الأحد الماضي، وانهالا عليه بالضرب باستعمال سلاح أبيض، ما جعله يلفظ أنفاسه الأخيرة مباشرة بعد نقله للمستشفى متأثرا بالجروح والإصابات الخطيرة التي تعرض لها، وهو ما عكسته خلاصات التشريح الطبي حسب مصادر الجريدة.
وخلفت الجريمة البشعة التي أودت بحياة الحارس الشاب سخطا وغضبا شديدين بعين العودة، حيث احتج مواطنون على الانزلاق الأمني الذي باتت تعرفه المدينة بسبب ضعف التغطية والنجاعة الأمنية، حيث تواصل مؤشرات الإجرام ارتفاعها بالمنطقة التي تضاعف عدد سكانها في الآونة الأخيرة متجاوزا 100 ألف نسمة، وهو ما تجدد معه مطلب إحداث مفوضية للأمن الوطني من أجل مواجهة المد الإجرامي الذي أصبح يقض مضجع المواطنين.
وأكدت مصادر متتبعة للشأن الأمني بالمدينة والنواحي لـ"الأخبار" أن مساعي رجال الدرك للتصدي للجريمة بهذه المنطقة لم تتحقق لحد الساعة، رغم التعيينات الأخيرة التي أقدمت عليها القيادة العليا للدرك الملكي، حيث تم إعفاء كبار مسؤولي السرية، وتعويضهم بفريق جديد قد تخونه التجربة في مواجهة المد الإجرامي الكبير بالمنطقة، والاعتداءات على المارة في واضحة النهار وعربدة السكارى بالشارع العام ومحيط المدارس، ثم السرقات الموصوفة والسرقة بالنشل، فضلا عن الانتشار المريب لتجار المخدرات والأقراص المهلوسة بمجموعة من الأحياء التي تعتبر بؤرا سوداء وباتت خارجة عن سيطرة الدرك الذين لا يتجاوز عددهم بالمنطقة 20 دركيا مطلوب منهم توفير الخدمة الأمنية والإدارية لحوالي 100000 نسمة، في وسط يعج بالاختلالات والبطالة والفقر وضعف النخبة السياسية التي تعدم الإرادة والقدرة على مساعدة السلطات لمواجهة الجريمة، وهي الوضعية المخيفة التي أعادت سؤال «الأمن» إلى واجهة الأحداث الاجتماعية بتراب عمالة الصخيرات تمارة، حيث طالب محتجون بضرورة إحداث مفوضية للأمن الوطني، إسوة بمدينة تامسنا التي عرفت استقرارا أمنيا ملحوظا بعد تدشين مفوضية للشرطة .
وكشفت مصادر «الأخبار» أنه، رغم مرور سنوات عديدة على تغيير الطابع الإداري للمنطقة من جماعة قروية إلى بلدية تعتبر أكبر حاضرة بالعمالة بعد مدينتي تمارة والصخيرات، إلا أن الوضع الأمني لا يزيد إلا سوءا بسبب انتشار الجريمة والاتجار في المخدرات في مجموعة من الأحياء، ما يفرض بالضرورة، حسب مطالب السكان، إحداث مفوضية للأمن الوطني إسوة بالعديد من المدن المغربية التي تشبه بنيتها وتركيبتها السوسيواقتصادية والعمرانية والديموغرافية مدينة عين العودة، واستفادت من مفوضية الشرطة كما حصل بتامسنا التي شهدت طفرة مهمة على مستوى استتباب الأمن ومواجهة الجريمة.