أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط، في جلسة عقدتها يوم الثلاثاء الماضي، حكما قضائيا في ملف ثقيل، لأن أطرافه شخصيات مغربية وقطرية وازنة، حيث قضت المحكمة في الدعوى العمومية بإدانة المتهم الرئيسي «ك.ز»، وهو رجل أعمال شقيق شخصية نافذة سبق أن تقلدت منصبا وزاريا، بالسجن ثلاث سنوات نافذة، وغرامة نافذة قدرها 2000 درهم، وبإدانة المحاسب «أ.ب» الذي تربطه علاقة قرابة عائلية بوزير سابق، بسنة سجنا نافذا وغرامة قدرها 2000 درهم.
وفي الدعوى المدنية التابعة، حكمت المحكمة على المتهم الأول بأداء تعويضات مالية لفائدة شركة قطرية، بصفتها مطالبة بالحق المدني، بمبلغ 10 ملايير سنتيم، وبأداء المتهم الثاني مبلغا قدره مليار سنتيم، مع تحميلهما الصائر والإجبار في الأدنى. وتابعت المحكمة المتهم الرئيسي بتهمة «النصب والتزوير في محررات عرفية واستعمالها، واستعمال عن سوء نية أموال الشركة استعمالا يضر بالمصلحة الاقتصادية للشركاء، ولتحقيق أغراض شخصية، ومحاباة لشركة له فيها مصالح مباشرة». أما المتهم الثاني فتابعته المحكمة بتهمة «المشاركة في النصب والتزوير في محررات عرفية واستعمالها، واستعمال عن سوء نية أموال الشركة استعمالا يضر بالمصلحة الاقتصادية للشركاء، ولتحقيق أغراض شخصية ومحاباة لشركة له مصالح مباشرة».
وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد باشرت التحقيقات في هذا الملف الذي يعود إلى سنة 2016، حيث أبرمت شركة قطرية مع المتهم الرئيسي «ك.ز» اتفاقية للاستثمار من أجل شراء فندق فخم يوجد بمدينة مراكش، حيث أخبر المتهم مسؤولي الشركة القطرية بكون مبلغ الشراء حدد في مبلغ ثلاثين مليون أورو (أزيد من 300 مليون درهم)، وأنه يرغب فقط في تملك 30% من أسهم الشركة التي ستقتني الفندق والباقي أي 70% من الأسهم ستؤول للطرف القطري، وهو ما وافق عليه الطرفان، واعتبارا لنسبة الأسهم فإن المبلغ الذي يملكه الفريق القطري حدد في 20 مليون أورو، عمل الطرف القطري على تحويله من أحد البنوك القطرية لأحد الحسابات البنكية المخصصة للصفقة.
وبعد مدة من استغلال الفندق، فوجئ الطرف القطري باستحواذ الشريك المغربي على كافة عمليات التسيير وتهميشه للشريك القطري ذي الأغلبية في الشركة، بل قام بعقد جمعيات عمومية للشركة في غياب الشريك، وصنع محاضر تؤكد على حضور ممثل الطرف القطري في إحدى الجمعيات العمومية، وموافقته على عدة قرارات، خلافا للواقع. وأمام استفحال الصراع بين الشريكين، طالب الطرف القطري بأحقيته في تسيير الفندق وهو الطلب الذي قوبل بالرفض. وأفادت المصادر بأنه اعتبارا للثقة التي كانت بين الطرفين، لم يكن الطرف القطري يتوفر على الوثائق المتعلقة بالصفقة، مما حذا به إلى بذل مجهودات جبارة من أجل الحصول عليها من عدة إدارات عمومية.
وبعد حصول الطرف القطري على وثائق الصفقة، اكتشف أنه كان ضحية نصب، لأن مبلغ الصفقة، حسب عقد التفويت، حدد في مبلغ 20 مليون أورو، خلافا لما أكده الشريك المغربي الذي حاز 30 في المائة من الأسهم دون مساهمته ولو بسنتيم واحد في الصفقة، علما أن هاته النسبة يوازيها مبلغ 90 مليون درهم مغربي، بمعنى أن الفندق تم اقتناؤه بأموال الطرف القطري، كما اكتشف الطرف القطري أن مبلغ الصفقة تم التصرف فيه مباشرة من طرف المتهم بأداء ديون كانت على الفندق خلافا لما تم التنصيص عليه في اتفاقية الاستثمار التي نصت على بقاء المبلغ مجمدا بالبنك إلى حين تسوية الصفقة بصفة نهائية، وفي ذلك مخالفة خطيرة ساهمت فيها المؤسسة البنكية التي كان المبلغ مودعا لديها.
وثبت، من خلال التحقيق، إضافة لعدم مساهمة الشريك المغربي في أداء قيمة ما حصل عليه من أسهم الشركة، بتصرفه في المبالغ المحولة وتنازله عن جزء كبير منها لفائدة مالك الفندق، واستفراده بتدبير الفندق وتسييره في تغييب للشريك القطري، أما المتهم الثاني، بصفته محاسبا، شارك في كل هذه العمليات.
وفي اتصال لجريدة «الأخبار» بدفاع الشركة القطرية، الأستاذ النقيب محمد بركو، للتعليق على الحكم الصادر في القضية، أكد أن الحكم الصادر في القضية كان منصفا، وعادلا وشجاعا، ويثبت استقلالية القضاء، بل وجه رسائل واضحة عنوانها أن لا أحد فوق القانون، وأن القضاء منخرط في حماية حقوق المستثمرين، وفاعل أساسي في خلق مناخ سليم يسوده الأمن الاقتصادي والاطمئنان والثقة والاستقرار، وداعم قوي للاستثمار.