علمت «تيلي ماروك» من مصادر خاصة أن الفرقة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن القنيطرة، وعبر التنسيق مع أجهزة الاستعلامات، باتت تسابق الزمن من أجل الإطاحة بالأشخاص المتورطين في فضيحة «الاتجار بالبشر»، التي يتزعمها مهاجر مغربي يملك أوراق الإقامة بالديار الأوروبية، والذي تمكن رفقة شركائه، وعدد من الوسطاء والسماسرة، من النصب على أزيد من 450 مواطنا يتحدرون من مدن (سيدي سليمان، القنيطرة، سيدي قاسم، فاس، تازة، طنجة، كلميم، مكناس وسيدي يحيى الغرب)، بعدما تم إيهام الضحايا، منذ أزيد من عشرة أشهر مضت، بتمكينهم من عقود عمل بالخارج في القطاع الفلاحي بكل من فرنسا وكندا، مقابل تسبيقات مالية راوحت قيمتها بين خمسة وستة ملايين سنتيم، على أساس أداء بقية المبلغ المالي المتفق عليه عند الحصول على تأشيرة السفر نحو الخارج.
وحسب المصادر نفسها، فإن عددا من شركاء المشتبه فيه الرئيسي الذي تجهل الوجهة التي فر إليها، مباشرة بعد تفجر الفضيحة، أقدموا بدورهم على إغلاق محلاتهم وهواتفهم، والاختفاء عن الأنظار، من بينهم صاحب محل لتنظيف السيارات، وصاحب محل لبيع الوجبات السريعة، وميكانيكي، وصاحب محل لبيع الزليج التقليدي، والذين تورطوا في عملية إعادة بيع استمارات عقود العمل، التي اقتنوها بمبالغ مالية معينة من المشتبه الرئيسي، على أساس الرفع من قيمتها بهدف الفوز بهامش الربح، الذي تصل قيمته إلى نحو ثلاثة ملايين سنتيم، قبل أن تنكشف فضيحة النصب، ويعجز الجميع عن رد المبالغ المالية الكبيرة إلى الضحايا، الذين ما زالوا يتقاطرون على مدينة سيدي سليمان من مختلف المدن المغربية، من أجل وضع شكايات في الموضوع لدى المصالح الأمنية المختصة، في وقت لا يزال عدد من الضحايا رفقة أسرهم يداومون على الحضور أمام مقهى ومنزل زعيم الشبكة، غير بعيد عن مقر المنطقة الإقليمية للأمن الوطني.
وأضافت المصادر ذاتها أن تطورات الملف كشفت عن وقوع عدد من أقارب بعض الموظفين العموميين بشتى القطاعات المدنية والأمنية، وأعوان السلطة، ضحايا لعملية النصب غير المسبوقة، مع العلم أن المقهى الذي يملكه زعيم الشبكة، والذي كان يعقد بداخله جلسات التفاوض مع الراغبين في الحصول على تأشيرة العمل بفرنسا وكندا، عبر عقود عمل في القطاع الفلاحي، تختلف مدتها بين ستة أشهر وسنة كاملة، كان يتردد عليه بشكل يومي، عدد من أعوان السلطة والأمنيين والمخبرين والموظفين، حتى أن المقهى الموجود بشارع حمان الفطواكي، الشهير بشارع «شُوفُونِي»، تحول إلى قنصلية عشوائية. في حين جرى نهاية الأسبوع الماضي، إيقاف نادل أحد المقاهي، وهو في العشرينات من العمر، بعدما وضعت ضده شكاية من طرف بعض الضحايا يتهمونه بالوساطة في العملية، وتسليمه جوازات السفر، حيث تم اقتياده إلى مقر المنطقة الأمنية بهدف التحقيق معه، قبل أن يتم إخلاء سبيله، لعدم كفاية الأدلة. في وقت يضع بعض «السماسرة» المعروفين لدى الرأي المحلي السليماني، والذين كانوا يداومون على مجالسة صاحب المقهى، ويحضرون عملية البيع والشراء في عقود العمل، أيديهم على قلوبهم، كلما انتشر خبر يفيد بظهور مستجد في مجريات البحث، مخافة افتضاح أمرهم، وجرهم إلى التحقيق، سيما أن مصدرا أمنيا كشف لـ«الأخبار»، أن الوسطاء ضمن عصابة الاتجار بالبشر يعتبرون الخيط الناظم، الذي سيوصل المحققين للكشف عن عناصر الشبكة الإجرامية وامتداداتها، وسط نداءات من طرف أسر الضحايا بضرورة تسريع عملية البحث، والحيلولة دون طمس الملف، الذي تسعى بعض الأطراف إلى التخفيف من حدته، ومحاصرة امتداداته.