ينص الدستور الجديد لأول مرة على ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، لكن حكومتي «البيجيدي» بقيادة عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، وضعتا الأمازيغية في ذيل المخطط التشريعي، ولم يصدر القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، إلا بعد مرور ثماني سنوات على دسترة الأمازيغية.
ويندرج القانون التنظيمي المتعلق بترسيم الأمازيغية في إطار تفعيل مقتضيات الفصل الخامس من الدستور، الذي ينص في فقرته الرابعة على أنه «يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية». ويهدف هذا القانون إلى تعزيز التواصل باللغة الأمازيغية في مختلف المجالات العامة ذات الأولوية، باعتبارها لغة رسمية للدولة ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، ودعم قيم التماسك والتضامن الوطني، وذلك من خلال المحافظة على هذه اللغة وحماية الموروث الثقافي والحضاري الأمازيغي، والعمل على النهوض به، وترصيد المكتسبات الوطنية المحققة في هذا المجال وتطويرها.
ويعتمد هذا القانون على مبدأ التدرج في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ويتضمن مقتضيات تهم المبادئ العامة المؤطرة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجالات التعليم والتشريع والعمل البرلماني والإعلام والاتصال، ومختلف مجالات الإبداع الثقافي والفني، وفي الإدارة والمرافق والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، والفضاءات والخدمات العمومية، والتقاضي. كما يشمل المشروع مقتضيات تهم مراحل وآليات تتبع تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
وينص القانون على بث الخطب والرسائل الملكية والتصريحات الرسمية للمسؤولين العموميين على القنوات التلفزية والإذاعات العمومية، مصحوبة بترجمتها الشفوية أو الكتابية إلى اللغة الأمازيغية. كما ستبث أيضا البلاغات والبيانات الموجهة إلى عموم المواطنين باللغة ذاتها، فضلا عن أنه ستكتب البيانات المضمنة في الوثائق الرسمية باللغة الأمازيغية؛ منها بطاقة التعريف الوطنية وجوازات السفر ورخص السياقة بمختلف أنواعها، وبطاقات الإقامة المخصصة للأجانب المقيمين بالمغرب، ومختلف البطائق الشخصية والشهادات المسلمة من قبل الإدارة.
وبموجب القانون المذكور آنفا الذي طال انتظاره، ستكتب أيضا البيانات المضمنة في القطع والأوراق النقدية والطوابع البريدية وأختام الإدارات العامة باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية. كما ستعمل السلطات الحكومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على توفير الوثائق باللغتين معا، خصوصا المطبوعات الرسمية والاستمارات الموجهة إلى العموم، والوثائق والشهادات التي ينجزها أو يسلمها ضابط الحالة المدنية، والوثائق والشهادات التي تنجزها أو تسلمها السفارات والقنصليات المغربية.
ووفق ما جاء في القانون التنظيمي الخاص بالأمازيغية، ستلتزم الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وسائر المرافق العمومية بتوفير بنيات الاستقبال والإرشاد باللغة الأمازيغية، كما ستوفر خدمة مراكز الاتصال التابعة لها باللغة الأمازيغية. ويلزم القانون إدارات الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بتأهيل موظفيها المعنيين، بما يمكنهم من التواصل باللغة الأمازيغية مع المواطنين المتحدثين بها، بالإضافة إلى أنها ستدخل إلى جانب اللغة العربية في اللوحات وعلامات التشوير المثبتة على الواجهات وداخل مقرات الإدارات والمرافق العمومية والمجالس الجهوية والهيئات الدستورية، وداخل مقرات السفارات والقنصليات المغربية بالخارج، إضافة إلى علامات التشوير في الطرق والمطارات والموانئ والفضاءات العمومية، والطائرات والسفن المسجلة بالمغرب والقطارات.
وينص القانون التنظيمي في مادته الثالثة أن تعليم اللغة الأمازيغية يعد حقا لجميع المغاربة بدون استثناء، إذ ستدرس بكيفية تدريجية في جميع مستويات التعليم الأساسي. كما ينص على تعميمها بالكيفية نفسها في مستويات التعليم الثانوي الإعدادي والتأهيلي، ويقترح كذلك إدماجها في برامج محو الأمية والتربية غير النظامية. أما في ما يخص إدماجها في مجال التشريع والعمل البرلماني، فينص على إمكانية استعمالها في أشغال الجلسات العمومية واللجان البرلمانية، ويتعين توفير الترجمة الفورية لهذه الأشغال من اللغة الأمازيغية وإليها.
ويحق للمتقاضين، بحسب القانون ذاته، بطلب منهم سماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية، ما يفرض على القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات والمنشآت العمومية والمؤسسات والهيئات الدستورية وضع مخططات عمل تتضمن كيفيات ومراحل إدماج اللغة الأمازيغية، بكيفية تدريجية في الميادين التي تخصها، وذلك في أجل لا يتعدى ستة أشهر من دخول القانون التنظيمي حيز التنفيذ.