شرعت الحكومة في تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو مشروع ملكي يهدف إلى توفير التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة. وفي هذا الصدد، صادق مجلس الحكومة في اجتماعه الأخير، على مجموعة من المراسيم التطبيقية لهذا الورش الكبير، فضلا عن إحداث لجنة وزارية وتقنية ستسهر على القيادة وتتبع تنزيل المشروع، ويهدف هذا المشروع الملكي الكبير إلى توفير التغطية الاجتماعية والصحية لما يزيد على 22 مليون مغربي لا يتوفرون حاليا على أي حماية اجتماعية، وسيمتد تنزيل هذا المشروع على مدى خمس سنوات إلى غاية سنة 2025.
وصادق مجلس الحكومة في اجتماعاته الأخيرة، برئاسة عزيز أخنوش رئيس الحكومة، على مجموعة من مشاريع مراسيم قدمها وزير الصحة والحماية الاجتماعية، تتيح تعميم الحماية الاجتماعية لتشمل فئات مهمة من المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء. ومنذ تعيينها شرعت الحكومة في تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو مشروع ملكي يهدف إلى توفير التغطية الصحية والاجتماعية لكل المغاربة في أفق سنة 2025، حيث تمكنت إلى حدود الآن من توفير الحماية الاجتماعية لما ينهاز 11 مليون مغربي ومغربية، وتطمح الحكومة إلى ربح رهان توفير الحماية لـ22 مليون مستفيد، خلال نهاية السنة المقبلة.
أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، في كلمته الافتتاحية لمجلس الحكومة الأخير، الالتزام الكبير للحكومة بتنزيل مشروع الحماية الاجتماعية في الآجال المحددة لذلك. وذكر رئيس الحكومة، بالعناية الشخصية والخاصة التي يوليها الملك محمد السادس لهذا المشروع، مبرزا أنه «بعد أن تم فتح باب التأمين الصحي والمعاش لفائدة 3 ملايين مواطن ومواطنة، بفضل إسراع الحكومة بإخراج المراسيم التي تهم عددا مهما من الفئات المعنية، ها هي اليوم، ومن خلال مشاريع المراسيم المهمة المعروضة على المصادقة، تواصل بانتظام وثبات استكمال المنظومة القانونية لهذا الورش الوطني».
وأشار المتحدث ذاته إلى أن مشاريع المراسيم الجديدة ستضمن التأمين الصحي وتوفير المعاش لفائدة ما يناهز 8 ملايين مغربي ومغربية، منهم على الخصوص، مليون و600 ألف فلاح، ونصف مليون حرفي، و170 ألفا من سائقي سيارات الأجرة، بالإضافة إلى ذوي الحقوق المرتبطين بهم. وأبرز أخنوش أنه في الحصيلة العامة، ستكون الحكومة قد فتحت باب التأمين والمعاش أمام ما يقرب من 11 مليون مغربي ومغربية وذوي الحقوق المرتبطين بهم، بالخدمات وسلة العلاجات نفسها التي يستفيد منها أجراء القطاع الخاص وموظفو القطاع العام.
تعميم الحماية الاجتماعية لكل المغاربة
في سبيل تقليص الهوة الاجتماعية، تطمح الحكومة إلى تسريع وتيرة تعميم الحماية الاجتماعية، وتعزيز التضامن الأسري والمجتمعي، بتضامن مؤسسي إجباري تجاه العاملين وإزاء كبار السن والأشخاص الأكثر فقرا وهشاشة، ومن أجل ذلك يتجسد أول التزامات للحكومة في تعزيز دولة حامية وبناء نظام حماية اجتماعية للجميع.
وتعززت الترسانة القانونية بإخراج القانون الإطار رقم 21. 09، المتعلق بالحماية الاجتماعية إلى حيز الوجود، بعدما صادق عليه مجلسا البرلمان، ويروم هذا القانون الإطار تحقيق الحماية الاجتماعية، باعتبارها مدخلا أساسيا للنهوض بالعنصر البشري لكونه الحلقة الأساسية في التنمية، ولبناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمجالية.
وتلتزم الحكومة بتطبيق الرؤية الملكية الرامية إلى تعميم الحماية الاجتماعية، من خلال توسيعها لتشمل سائر الفئات النشيطة. وأكد البرنامج الحكومي أن نحو نصف السكان النشيطين لا يستفيدون إلى حدود اليوم من تغطية صحية، وفي العديد من القطاعات، يعاني العاملون الهشاشة ويستسلمون للشعور بعدم الأمان إزاء وضعهم القانوني. وغداة الأزمة الصحية، أورد البرنامج الحكومي أنه صار الوعي بضمان الاستفادة من حماية اجتماعية رافعة أساسية لتشجيع هذا الانتقال، مشيرا إلى أن التأمين الصحي والتقاعد حقان ينبغي أن تستفيد منهما كل الفئات النشيطة.
ويتألف تعميم الحماية الاجتماعية على كافة النشيطين من شقين، يتيح الشق الأول، عند متم سنة 2022، تعميم الولوج إلى التغطية الصحية الإجبارية لفائدة كل النشيطين، ويتيح الشق الثاني الحق في التقاعد لفائدة كل النشيطين، وستطبق هذه الإصلاحات في أعقاب الحوار الجاري مع فاعلي مختلف القطاعات المعنية.
وتحرص الحكومة على إشراك مختلف المتدخلين في سبيل تحضير إطار يكون فيه ما يجنيه النشيطون من فوائد اجتماعية واضحا ومكفولا بمساهمات معقولة، ويقوم المبدأ على مساهمات نسبية وفقا للمداخيل التي تدرها الأنشطة، مع معادلة تعاضدية لازمة؛ فتعميم الحماية الاجتماعية لسائر النشيطين لن يتحقق إلا بانخراطهم جميعا.
وإن من شأن إعمال المقاربة التشاركية إتاحة ولوج مبسط وفعال إلى التغطية الصحية وأنظمة التقاعد لفائدة فئات جديدة، خاصة العاملين في القطاع غير المهيكل وفي العالم القروي. وتسهيلا لتغطية النشيطين في القطاع غير المهيكل، ستضع الحكومة آلية انخراط في التغطية الصحية وفي نظام تدبيرها، تتسم بالسهولة والانفتاح على الجميع.
وموازاة مع توسيع نطاق الاستفادة من الحماية الاجتماعية للعاملين، ستعمل الحكومة على تعزيز مراقبة إلزامية انخراط الأجراء في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويقترح البرنامج الحكومي، مواكبة أرباب العمل الذين لا يساهمون بشكل كامل قبل حلول استحقاقات الأجراء، أو تطبيق أحكام زجرية عند الاقتضاء، لأن الحقوق المكتسبة للأجراء لا يمكن انتهاكها لأي سبب كان.
وتلتزم الحكومة كذلك، بتعميم التغطية الصحية لغير النشيطين، وأكد البرنامج الحكومي أن الحكومة ستكرس السنة الأولى للولاية في المقام الأول لإنجاح ورش تعميم التغطية الصحية الإجبارية، مشيرا إلى أن فئة عريضة من المواطنات والمواطنين مقصية من الحماية الاجتماعية، وهذه حال كثير من النساء غير العاملات والأشخاص العاطلين وذوي الدخل المحدود، فضلا عن المسنين ممن تزيد أعمارهم على 65 سنة والمستهدفين من خلال توفير دخل أدنى قار يدعى «مدخول الكرامة»، والذي تلتزم الحكومة بإحداثه.
وأكد البرنامج الحكومي أن التبعات الاجتماعية والاقتصادية لتراجع معدل التغطية الاجتماعية تُحَملُ البلاد كلفة باهظة، ولن يكفي فتح باب الحقوق لسائر الفئات النشيطة في القطاع المهيكل لتعميم الحماية الاجتماعية، لهذه الغاية، ستقوم الحكومة بتوسيع نطاق الاستفادة من نظام الحماية الاجتماعية ليضم الأشخاص الذين ظلوا خارج دائرة النشاط الاقتصادي، وذلك عبر تغطية صحية شاملة، مقابل مبلغ جزافي يُحتسب على أساس إمكانات كل فرد. وضمانا لتغطية الأسر الفقيرة، ستتم تعبئة موارد الدولة لدعم المساهمات في نظام التغطية الصحية.
ويروم دعم الدولة والتعديلات التعريفية توسيع قاعدة المستفيدين من التأمين الصحي، عبر إدماج كافة الأشخاص الذين لا يتمتعون اليوم بتغطية صحية، انتصارا لمبدأ الإنصاف. واعتبر البرنامج الحكومي أن تعميم التأمين الصحي الإجباري، سيكون حافزا إضافيا لإقامة نظام التكفل المباشر من خلال البطاقة الذكية التي تتيح خصومات مباشرة، كليا أو جزئيا، على مصاريف العلاج.