عبود: قبل أن يغادر بتشين مقر المخابرات أمرني بإتلاف الملفات.. - تيلي ماروك

الشاذلي بن جديد، الجزائر، بتشين عبود: قبل أن يغادر بتشين مقر المخابرات أمرني بإتلاف الملفات..

عبود: قبل أن يغادر بتشين مقر المخابرات أمرني بإتلاف الملفات..
  • 64x64
    telemaroc
    نشرت في : 07/01/2022

 

نافذة: مع تمام الساعة السادسة والربع غادر الجنرال وعاد لوحده كنتُ أول من أخبره الجنرال بتشين بخبر استقالته

لم يكن مجلس لكبار المسؤولين الجزائريين مع بداية التسعينيات يخلو من اسم الجنرال محمد بتشين. بعضهم يتذكرونه بنوع من الحسرة، وآخرون بتشف ظاهر لا تخطئه الأذن. خصوصا منهم الذين عانوا معه عندما كانوا يعملون ضباطا تحت إمرته في المخابرات الجزائرية. فقد كان معروفا عن بتشين أنه كثير الأوامر وصعب الإرضاء، وأنه كان يبالغ في إصدار التعليمات بخصوص عدد من العمليات التي نفذتها مخابرات الجزائر فوق التراب الجزائري..، سواء في عمليات التجسس ضد السياسيين ووزراء الحكومة المدنيين والعسكريين أيضا، أو في ما يتعلق بالتجسس على أعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ وملاحقة عناصرها وكتابة تقارير مفصلة عن أنشطتهم وحتى حياتهم الخاصة.

وهكذا عندما ابتلع الجنرال بتشين الطعم وقدم استقالته من رئاسة المخابرات بعد تداعيات أحداث أكتوبر 1988 الأليمة، ظن أن الرئيس الشاذلي لن يفرط فيه ولن يستغني عن خدماته نهائيا..، لكن ما وقع أن الاستقالة قُبلت على الفور، في واحد من أسرع وأقصر الردود التي صدرت من القصر الرئاسي خلال ولاية الرئيس الشاذلي بن جديد.

 

لحظات عصيبة

يواصل هشام عبود حكي ما وقع: «لعب الجنرال بتشين، إذن، ورقته الأخيرة. اتصل بشكل طارئ بـ«قدّور لحول»، وهو أحد أصهار الرئيس الشاذلي. وبعد ذلك بلحظات انتقل قدّور إلى مقر المخابرات العسكرية في منطقة «ديلي إبراهيم». وبعد محادثة طويلة في مكتب الجنرال بتشين، عاد الاثنان معا إلى مقر رئاسة الجمهورية. مع تمام الساعة السادسة والربع، غادر الجنرال وعاد لوحده. كنتُ أول من أخبره الجنرال بتشين بخبر استقالته. قال لي:

-هشام، عليك التخلص من كل شيء. ارم كل شيء في آلة تقطيع الأوراق. لا تترك أي مشروع، لا تترك أي شيء. لم أعد أنا المدير هنا. لقد قدمت استقالتي. عليك إخبار كل الأطر بخصوص مراسيم تمرير السلطات غدا مع تمام العاشرة صباحا. سيعوضني الجنرال توفيق، وسوف يأتي غدا».

 

نهاية «الفيلم»

يقول هشام عبود إن الجنرال بتشين لم يكن يتوقع أبدا نهاية مماثلة لمساره، على الأقل في بداية التسعينيات. لقد كانت لديه حسابات مع الجنرال بلخير وأيضا مع خالد نزار. كان الثلاثة يظهرون في الصور خلف رئيس الجمهورية كما لو أنهم أصدقاء، لكنهم في الحقيقة كانوا أصدقاء مصالح فقط، ولا يوحد بينهم سوى طاولة اجتماعات رئيس الجمهورية.

لقد كان المنصب الذي يشغله الجنرال بتشين، بصفته مشرفا على أكثر الأجهزة الأمنية والمخابراتية حساسية، يتوفر على معلومات عن كل أنشطة الرئيس الشاذلي بن جديد، وثروته الشخصية وثروة زوجته وأصهاره. بل عن مكالمات لزوجته كان يتم تسجيلها. وهو ما كان يزعج الجنرال خالد نزار الذي دخل مع زوجة الرئيس وأخيها في شراكات ومشاريع لم يكن يريد أن يعرف عنها المسؤولون العسكريون الآخرون. لكن مع الجنرال بتشين، كان الأمر مستحيلا. لذلك خطط الاثنان للإطاحة به بطريقة ماكرة بإيهامه بضرورة ابتزاز الرئيس بوضع استقالة صورية، لكنه فوجئ بأن الاستقالة قبلت بالفعل.

لم يكن الجنرال بتشين، حسب ما ذكره هشام عبود هنا، من النوع الذي قد يفضح الملفات بعد مغادرته لإدارة المخابرات الجزائرية. فقد كان هو الآخر متورطا ومستفيدا من المال العام الجزائري، بل إنه، حسب إفادة هشام عبود، كانت لديه هو الآخر مشاريع مشتركة مع زوجة الرئيس الشاذلي بن جديد وأخيها.

إذ كان من المستحيل أن يكتشف مدير المخابرات أن زوجة الرئيس تراكم مبالغ بالملايين في الداخل والخارج، وتعقد شراكات مع موظفي زوجها الكبار والسامين، دون أن يرغب مدير المخابرات في حصته.

يقول هشام عبود، الذي كان يشتغل في مكتب الجنرال بتشين خلال فترة نهاية الثمانينيات، إن الجنرال كان مقربا جدا من زوجة الرئيس وأخيها، وأنها لم تتخل عنه بعد تقديم استقالته، بل احتفظ بامتيازاته القديمة، ومنح فترة ليرتاح، قبل أن يعود بقوة خلال نهاية التسعينيات بعد مغادرة الرئيس الشاذلي للسلطة. إذ إن العداوات بين الجنرالات كانت مؤقتة فقط، فما كان يجمع بينهم، وهو المال، كان أكبر مما قد يفرقهم وهو الملفات والمهام الرسمية.

يقول هشام عبود إن مجيء الأشخاص إلى المسؤولية في الجزائر كان عشوائيا. ومغادرتهم لها كانت كذلك أيضا. وأعطى مثالا صادما، مؤكدا أن أحد الموظفين في القصر الجمهوري، كان مسؤولا عن التواصل، بينما في الحقيقة جيء به من شركة للنقل بعد أن كان يعمل في نقل بضائع المسافرين!


إقرأ أيضا