قررت أسرة التاجر المختفي، لحبيب اغريشي، الذي عثر على بعض رفاته بضواحي الداخلة، تعليق الوقفات والمسيرات الاحتجاجية التي كانت تعرفها المدينة منذ أيام، تجنبا لأي استغلال أو ركوب على مطلب العائلة الرئيسي المتمثل في كشف الحقيقة وتحقيق العدالة.
وتبرأت عائلة اغريشي من المحاولات البائسة لتسييس قضية ابنها واستغلالها من قبل جماعة البوليساريو، وذلك بعدما أعلنت العصابة الانفصالية عن مراسلتها للأمين العام للأمم المتحدة بشأن مقتل التاجر، محاولة توظيفه سياسيا لتضليل الرأي العام والركوب على القضية لإنعاش أطروحتها المأزومة.
وبعدما أعلنت العائلة، في بيان لها يوم السبت الماضي، عن تعليق الوقفات الاحتجاجية، كلفت محاميا لتتبع مسار القضية والترافع نيابة عن الأسرة في اتخاذ الخطوات القانونية اللازمة حتى لا يتم استغلال القضية ذات البعد الإنساني والاجتماعي المعبر عنه من كل أطياف وشرائح المجتمع وإخراجها عن مضمونها القانوني.
وأكد شقيق الضحية في تصريحات صحفية أن ما يهم العائلة هو استجلاء الحقيقة كاملة، والكشف عن المتورطين في مقتل شقيقه، معلنا تبرؤ العائلة من كل من يحاول الركوب على الحدث واستغلاله سياسيا وعلى رأسهم حركة البوليساريو الانفصالية.
واستنكر شقيق التاجر المقتول الشائعات المغرضة حول حصول العائلة على بقع أرضية من قبل سلطات المدينة، مقابل السكوت، نافيا تواصله مع أي أحد أو أي جهة بهذا الشأن، ومشددا على أنه لا يزال إلى جانب والدته في انتظار القبض على المتورطين وتقديمهم إلى العدالة لتقول كلمتها في حقهم.
إلى ذلك، تعكف الأجهزة الأمنية بمختلف تلاوينها على تتبع مسارات قضية اختفاء التاجر وقتله والعثور بعد ذلك على صديقه وآخر من التقى به مقتولا هو الآخر بعدما لفظت مياه البحر جثته بمنطقة صخرية بشاطئ المدينة. وحلت فرق أمنية أخرى من كل من العيون، الدار البيضاء والرباط من أجل المساهمة في التحقيقات والأبحاث، حيث تم تفريغ مجموعة من التسجيلات الموثقة بكاميرات المراقبة المثبتة أمام مجموعة من المحلات التجارية والإقامات السكنية، كما تم الاستماع لعدد كبير من الأشخاص، إذ وصل عدد المستنطقين إلى ما يزيد عن 60 شخصا، وإنجاز محاضر قانونية بخصوصهم. وقامت عناصر الشرطة بعمليات مسح وتمشيط وإجراءات تفتيش بعدد من الأماكن والمحلات التجارية والمستودعات، إضافة إلى تتبع عدد من المكالمات الهاتفية لهواتف عدد من الأشخاص، وذلك من أجل فك خيوط هذه الجريمة المرعبة.
وكان والي جهة الداخلة- وادي الذهب عقد، قبل يومين، لقاء مع أسرة التاجر المقتول، حيث استمع إلى إفاداتها بحضور أحد النواب البرلمانيين، كما صرح للأسرة أن وزير الداخلية يتابع تفاصيل الملف ويطلع على سير التحقيقات والأبحاث الجارية من أجل فك لغز هذه الجريمة، ومحاسبة جميع المتورطين المحتملين. وصرح النائب البرلماني، أمام المحتجين الذين نظموا وقفة أمام مقر ولاية الجهة عقب انتهاء لقاء الوالي مع أسرة الضحية، أن الوالي اتصل بوزير الداخلية بخصوص هذه القضية التي تشغل الرأي العام المحلي بالداخلة، كما اتصل بالوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالعيون وبعض المسؤولين الأمنيين من أجل تقديم كل المستجدات المتوصل إليها في القضية التي ما تزال الكثير من خيوطها غامضة. وكشفت أسرة الضحية أن الوالي التزم أمامها بتسليمها بقايا الجثة المتفحمة خلال الـ 24 ساعة القادمة من أجل استكمال إجراءات دفنها.
وكانت المديرية العامة للأمن الوطني كشفت أن الأبحاث والتحريات الميدانية المنجزة في هذه القضية أسفرت عن تحديد مسرح الجريمة المفترض لهذه الأفعال الإجرامية، وهو عبارة عن مستودع كان يستغله التاجر الذي تم اكتشاف جثته بعدما لفظها البحر، والذي تم العثور بداخله على العديد من عينات الحمض النووي ومعاينة آثار دماء الضحية الذي تم التصريح باختفائه في ظروف مشكوك فيها، رغم محاولات طمسها وإتلافها باستعمال مواد منظفة. ومكنت عمليات التمشيط المكاني من اكتشاف آثار حريق في مكان خلاء غير بعيد عن مسرح الجريمة، وتم العثور فيه على بقايا عظام متفحمة وأسنان بشرية، كشفت الخبرات البيولوجية التي أجراها المختبر الوطني للشرطة العلمية أنها مطابقة لعينات الحمض النووي للضحية المصرح باختفائه، وأنها تحتوي على الشبه الجيني مع البصمة الوراثية المأخوذة من عينات الحمض النووي لوالدة الضحية.