أعلن خالد أيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، عن إجراءات جديدة ستتخذها وزارته لإنهاء «الكريساج» بالمستشفيات العمومية، بعدما اشتكى برلمانيون من الأغلبية الحكومية من تفشي سلوكات خطيرة داخل المستشفيات، من قبيل إرغام المرضى على اقتناء لوازم إجراء العمليات الجراحية من شركات بعينها، بأثمنة مضاعفة لأثمنتها الحقيقية.
وفجر النائب البرلماني عمر الأزرق، من التجمع الوطني للأحرار، خلال جلسة الأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، أول أمس الاثنين، فضيحة من العيار الثقيل، عندما تحدث عن إرغام المرضى على اقتناء المستلزمات الطبية من خارج المستشفيات العمومية. وأكد أنه يشتغل طبيبا مختصا في جراحة العظام ويعرف هذه الممارسات جيدا، موضحا أن المراكز الاستشفائية الجامعية توفر المستلزمات الطبية الخاصة بإجراء العمليات الجراحية، لكن المستشفيات العمومية الأخرى لا تتوفر على هذه المستلزمات، بحيث يكون المرضى ملزمين باقتنائها من شركات بأثمنة مضاعفة بأكثر من عشر مرات لثمنها الحقيقي، وأعطى نموذجا لمريض من سلا أصيب بكسور، وعندما توجه إلى مستشفى مولاي عبد الله بالمدينة، طلب منه الطبيب اقتناء لوازم العملية، والتي كلفته مبلغ 8 آلاف درهم، في حين لا يتجاوز ثمنها الحقيقي بالمركز الاستشفائي الجامعي مبلغ 400 درهم، ويتم تعويضها في إطار التأمين الصحي بمبلغ 150 درهما.
وبدوره، كشف النائب البرلماني محمد توحتوح، عن الفريق نفسه، في سؤال كتابي موجه إلى وزير الصحة، عن تفشي بعض السلوكات والممارسات اللامسؤولة بالمستشفى الحسني بالناظور، من قبيل إلزام المرضى باقتناء المعدات البيوطبية من أماكن بعينها وبأثمنة مضاعفة، سيما المعدات المتعلقة بجراحة العظام والمفاصل وأمراض القلب، حتى أصبحت عمليات جراحة العظام أو القلب بالمستشفى تتجاوز تكلفتها المالية العمليات التي تجرى بالمصحات الخاصة.
وفي رده، أوضح وزير الصحة أن المستشفيات الإقليمية والجهوية يرد عليها عدد كبير من المرضى بأقسام المستعجلات والمصالح الاستشفائية، الذين يحتاجون إلى عمليات تقويم الكسور، سواء بشكل مستعجل أو عبر عمليات جراحية مبرمجة، ولذلك ارتأت وزارة الصحة إعداد إطار تنظيمي يحدد سعر بيع المستلزمات الطبية إلى العموم، وثمن فوترتها لدى المستشفيات والعيادات الخاصة (القرار الوزاري رقم 4217.15 الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 14 يناير 2016، ويتعلق بكيفيات تحديد سعر البيع للعموم وسعر فوترة المستلزمات الطبية المنتمية إلى القسم الثالث). وأكد أيت الطالب أن المغرب يعتبر البلد السباق والوحيد، مقارنة بالدول المجاورة والبلدان المتقدمة، الذي قرر تنظيم أسعار هذه الفئة من المواد الصحية، بغية تحسين الولوج الجغرافي والاقتصادي للمواطنين والمواطنات إليها، وتأطير قطاع المستلزمات الطبية، مع العلم أن سعر المستلزمات الطبية، على الصعيد العالمي، حُر ويتغير تبعا لذلك ثمن بيعها من مكان إلى آخر.
وحسب الوزير، فإنه من الضروري معاينة أن هذه المستلزمات تتميز بتعدد خاصياتها ومواصفاتها، والتي لا يتم تحديد الحاجيات إليها بدقة، إلا في أثناء مباشرة العملية الجراحية، على اعتبار أن كل حالة مرضية لها مميزاتها الجراحية، وبالتالي المستلزم الطبي الملائم لها، إضافة إلى أنه من الصعب اقتناء هذه المستلزمات مسبقا بكل أشكالها والمقاييس المختلفة التي تتوفر عليها في السوق، لاحتمال ألا يُستخدم بعضها، الشيء الذي سيؤدي لا محالة إلى استنزاف الميزانية المخصصة بسبب كلفتها المرتفعة.
بالمقابل، يضيف أيت الطالب تسعى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى التنويع في مساطر اقتناء المستلزمات الطبية، وفق المقتضيات التي يبيحها قانون الصفقات العمومية، مع تبني أنماط أخرى بديلة، كاعتماد مسطرة الاتفاقات وعقود القانون العادي، باعتبارها النمط الأنسب لاقتناء المواد الصيدلانية التي تتسم بصعوبة التموين. وأشار المسؤول ذاته إلى أن الوزارة تشرع حاليا، بعد الانتهاء من عملية تسجيل كل المستلزمات الطبية المسوقة محليا، في القيام بعمليات تفتيشية بكل جهات المملكة، للتحقق من احترام أحكام القانون المتعلق بالمستلزمات الطبية والنصوص التطبيقية له، وكذا اتخاذ كل التدابير الضرورية لتطبيق مقتضيات القرار الوزاري المذكور آنفا، لتحديد سعر بيع المستلزمات الطبية.