اعتذر الملك محمد السادس عن حضور القمة العربية المنظمة بالجزائر أمس واليوم، لدواعي إقليمية، لكن مهما كانت دوافع هذا القرار فالجزائر بصبيانيتها ومساومتها الأمن القومي العربي بالعلاقات مع إيران لم تترك للمغرب خيارا، بل أجبرت عددا من ملوك ورؤساء الدول العربية الوازنة على التراجع عن المشاركة في هاته القمة التي فشلت قبل أن تنطلق أشغالها.
فكل الاستفزازات، والممارسات الرعناء التي نهجتها الدبلوماسية الجزائرية، منذ سنتين وخلال الأشغال التحضيرية تؤكد أن حكام قصر المرادية متخوفون جدا من حضور الملك محمد السادس للقمة مع ما كان سيرافق الحضور من ضغط دبلوماسي رهيب على حكام قصر المرادية. ومع اقتراب موعد القمة شرعت الدبلوماسية الجزائرية في الرفع من درجة صبيانيتها ومنسوب اعتدائها على كل الأعراف الدبلوماسية، وهو ليس بالأمر الغريب عن دولة مارقة، جربت كل الحماقات الدبلوماسية، لكنها فضحت أمام العالم كله، فحسب حكام قصر المرادية أن تيسيرهم دخول إيران للمنطقة لن يُكشف، وأن فتحها الطريق أمام مرتزقة حزب الله لتدريب المرتزقة سيمر مرور الكرام. والغريب في الأمر أن الجزائر تفعل كل هذا الشر الدبلوماسي وتمارس أساليب مقيتة من شأنها أن تهدد بها أمن شمال إفريقيا، في الوقت الذي تطالب فيه الدول العربية بلم الشمل وإنهاء كل الخلافات البينية.
لكن حسابات الطغمة العسكرية وداعميها من الملالي وأدواتهم من المرتزقة، لم تأت رياحها بما اشتهى تبون ومن معه، فانقلب السحر على الساحر، وتحولت القمة إلى سراب بعدما تم تسجيل استياء عربي واضح من توظيف القمة العربية، والتي تستضيفها الجزائر، لتصفية الحسابات مع المغرب.
وإزاء الحماقات والصبيانية المتكررة والسافرة تجاه كافة الأعراف الدبلوماسية ومبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وتعدي قادة الجزائر المرفوض على وحدة المغرب وسيادته، وما وقع للوفد المغربي في أشغال القمة التحضيرية لوزراء الخارجية، اتخذ جلالة الملك ردًا حاسمًا وواضحا بعدم المشاركة لعدم توفر الشروط المشجعة على ذلك. فأي دولة تتعرض لما تعرض له المغرب سوف تقدم على تخفيض تمثيليتها مع تلك الدولة المارقة، التي تشير كل الوقائع إلى أنها تفعل المستحيل لكي لا يحضر ملك المغرب.
إن من يزعم أن دولة الطغمة العسكرية دولة طبيعية في عالم اليوم، فهو إما أنه مكابر وبيدق في يد تلك الدولة، وإما أنه جاهل بطبيعتها المتأسسة على الانفصال والعدوان وتقسيم دول الجيران، فمن يتأمل الأحداث التي تجري في تونس وليبيا ومالي يجد أن تلك الدولة هي من عمل على خلق النزاعات بسبب عقيدتها المتأصلة في الانفصال مهما كذبت على العالم بدفاعها عن لم الشمل.