يتعرض المغرب لمؤامرة داخل البرلمان الأوروبي، دبرتها أطراف معادية تحت جنح الظلام، بعد فشل كل المناورات السابقة.وتتجلى هذه المؤامرة في إحالة قرار حول «وضعية الصحافيين بالمغرب، سيما حالة عمر الراضي»، في محاولة لممارسة الضغط على المغرب بملفات حقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي تنتشر فيه اتهامات خطيرة بالفساد على عدد كبير من أعضاء البرلمان الأوروبي، تسعى الدوائر المعادية لخلق ستار دخاني من خلال قرار انتقامي، يقوم على روايات ساخنة ومتخيلة إلى حد كبير. هذا القرار رحب به كل المتطرفين والمهمشين وتلقفوه ليبصقوا سمومهم ويطلقوا خطبهم الهستيرية.
وأفادت مصادر ديبلوماسية بأن المغرب يتعرض منذ مدة لحملة من المضايقات والمناورات، لكن هذه المرة تجاوزت كل الحدود، من خلال إقحام مؤسسة البرلمان الأوروبي في هذه الحملة، وذلك على حساب مصالحه وقيمه. وأوضحت المصادر أن تزايد المناورات الخبيثة والضغوط لن يزيح المغرب عن مساره، حيث سيبقى مدافعا عن القضايا الوطنية ووفيا لخياراته السياسية داخليا وخارجيا، مضيفة أن هذه الحملات لن ترهب المغرب، وأشارت إلى أن هذه المناورات التي يعتقد أصحابها أنها سترهب المغرب، لن تؤدي إلا إلى ترسيخ وحدته الوطنية، وخلق إجماع وطني من طرف كل المغاربة حول نموذجه التنموي وخياراته السياسية.
واستغربت المصادر كيف لمؤسسة رسمية تدعي أنها ديمقراطية تمارس الضغط طوعا على دولة ذات سيادة وتمارس مضايقات على نظامها القضائي، عن قصد وتتدخل في قراراتها، وتحاول أن تفرض عليها ممارسات تتنافى مع الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، تضيف المصادر، أظهرت السلطة التنفيذية الأوروبية تناقضها أمام ممارسات البرلمان الأوروبي، بينما تتطور الشراكة الناجحة بين المغرب والاتحاد الأوروبي وتعمل كقاطرة على مستوى الجوار الجنوبي لأوروبا، تفشل السلطة التنفيذية الأوروبية في الدفاع عنها أمام البرلمان الأوروبي وتنغمس في خطاب غير متماسك.
وبخصوص التركيز غير المبرر على قضية الصحافي عمر الراضي، التي يحاول البرلمان الأوروبي الركوب عليها من أجل إدانة المغرب، فإن الأمر يتعلق بملف قضائي مفتوح أمام قضاء مستقل لبلد شريك، وبذلك يكون البرلمان الأوروبي يتدخل في عملية قضائية لا تزال جارية، وهو ما يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، كما أن الأمر يتعلق في الواقع بمعتقل في إطار قضايا الحق العام متهم بالاغتصاب.
وأوضحت المصادر أن المغرب قام منذ سنة 2016 بحذف العقوبات السالبة للحرية في حق الصحافيين من قانون الصحافة، وتم احترام شرط علانية المحاكمة، وأن إجراءات التوقيف تمت وفقا للقانون ومقتضيات المسطرة الجنائية، وأن دفاع المتهم طلب إجراء المحاكمة بشكل حضوري، وأنه تم قبول جميع طلباته من طرف القضاة، كما تم احترام أجل معقول بالنسبة لمحاكمته، تم إطلاع المتهم على الاتهامات الموجهة إليه، وأنه استعان بمحام من اختياره، وأتيح له الوقت والتسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه، مع تمكينه من تأجيلات عديدة للتحضير للمحاكمة، بناء على طلب الدفاع.
وأضافت المصادر أنه تم القبض على عمر الراضي ومقاضاته وحكم عليه بالسجن 6 سنوات بتهمة الاغتصاب والتجسس، وهي أفعال يجرمها القانون الجنائي المغربي، ولا علاقة لها بوضعه كصحافي، ولا علاقة لها بحرية التعبير والرأي، لأن مكانة الصحافي في حد ذاته لا تعفيه من المسؤولية الجنائية، وصدرت إدانته بعد محاكمة عادلة تم خلالها ضمان جميع حقوق الدفاع، وفقاً للأحكام ذات الصلة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وأفادت المصادر ذاتها بأن عمر الراضي عمل لسنوات عديدة بحرية تامة دون أن يتعرض لأي شكل من أشكال التضييق على عمله أو أنشطته، علاوة على ذلك، لم يشتك من أي تجاوز أو تضييق سواء أمام السلطات القضائية المختصة أو أمام المؤسسات الوطنية المختصة، وكل الإجراءات القانونية المتخذة في حقه لا علاقة لها بوضعه كصحافي ولا تمس بحرية التعبير والرأي الذي يكفله الدستور المغربي والمواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب.
وأبرزت المصادر أن المغرب دأب، مثله مثل جميع البلدان، على الدفاع عن مصالحه في سياق علاقاته مع مختلف شركائه الأجانب، حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي شريكا استراتيجيا للمغرب. وعمل لأكثر من نصف قرن، مع إشراك جميع المؤسسات الأوروبية، لتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات لصالح الطرفين.
ومن بين الإنجازات التي تحققت إبرام اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، واتفاقيات وبروتوكولات تتعلق بالصيد البحري، واتفاقية الفلاحة، والاتفاقية الجوية والاتفاقية العلمية، وكذلك التوقيع على العديد من الوثائق السياسية والاستراتيجية، مثل الوثيقة المشتركة حول الوضع المتقدم (2008)، والإعلانات المشتركة للقمة (2010) ومجلس الشراكة الرابع عشر (2019)، وخطط العمل لتنفيذ سياسة الجوار الأوروبية والوضع المتقدم، وشراكة التنقل (2013) والشراكة الخضراء (2022). ويعتبر الجانب الأوروبي هذه العلاقة اليوم نموذجًا للنجاح في الجوار الجنوبي لأوروبا وما وراءها، كما يتضح ذلك من الملاحظات التي أدلى بها في يناير 2023 في الرباط، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل.
وخلصت المصادر إلى أن هذه الإنجازات هي التي تزعج بعض الأطراف وتثير ردود فعل ومناورات غير مناسبة وغير مفهومة، والهدف الوحيد منها هو إبطاء الديناميكيات الإيجابية التي شهدتها الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها المملكة والاتحاد الأوروبي لهجمات تهدف إلى إضعافهما وتشويه سمعتهما داخل البرلمان الأوروبي، حيث كان المغرب موضوع 112 سؤالاً برلمانياً منذ بداية هذه الولاية التشريعية، و18 محاولة تعديل في سنة 2022 وحدها، و4 محاولات لاتخاذ قرارات ضد المغرب في نفس السنة، بما في ذلك قرار واحد تم اعتماده في عام 2021 (أحداث مدينة سبتة المغربية)، ومحاولتان لترشيح أشخاص لجائزة ساخاروف لا علاقة لهم بحقوق الإنسان، وبالنسبة لقضية عمر الراضي وحرية الصحافة، تم إلغاء 3 قرارات في سنة 2022 وحدها.