التهمت ألسنة النيران التي اندلعت، مساء الاثنين الماضي، مساحات شاسعة من أشجار النخيل بواحة أسرير بالجماعة الترابية أسرير، التابعة لنفوذ إقليم كلميم.
وبحسب المعطيات، فقد شبت النيران وامتدت على مساحات شاسعة من الواحة، كما أتت على عدد كبير من أشجار النخيل وبعض المزروعات المعاشية التي يعتمد عليها السكان المحليون في معيشتهم، إضافة إلى مزروعات أخرى خاصة بالماشية. ومنذ بداية الحريق، حاول السكان المحليون تطويقه بإمكانياتهم الذاتية، وإخماد ألسنة اللهب، غير أن هبوب رياح الشركي، والارتفاع الكبير في درجة الحرارة التي عرفتها المنطقة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، زادا من اتساع رقعة النيران، مما جعل جهود السكان تبقى محدودة، ولم تفض إلى السيطرة على الحريق، الأمر الذي دفع السلطات المحلية إلى الاستنجاد بعناصر الوقاية المدنية، والقوات المساعدة وأعوان السلطة من أجل السيطرة على الحريق.
وبحسب المصادر، فإن الحريق ما زالت أسبابه مجهولة، كما أن جهود الإطفاء استمرت إلى ساعات متأخرة من الليل، وأتى الحريق على عشرات أشجار النخيل، وأتلف مساحات كبيرة من المزروعات المحلية. وترجح مصادر محلية بأن يكون سبب هذا الحريق، الارتفاع الكبير في درجة الحرارة. ورغم محاولات تطويق الحريق والتصدي لامتداده، خصوصا في اتجاه منازل السكان المحاذية للواحة، إلا أن ذلك لم يمنع عددا من السكان من مغادرة منازلهم خوفا على حياتهم. وقد سُجل أثناء المغادرة سقوط فتاة من أعلى سطح منزل أسرتها، ما تسبب لها في رضوض وجروح، تطلبت نقلها على وجه السرعة إلى المستشفى الجهوي لكلميم.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تأتي فيها النيران على واحة أسرير، بل سبق أن أتت فيها النيران على أشجار النخيل ومزروعات السكان خلال شهر يونيو من السنة الماضية، ما أضحى يشكل كابوسا مؤلما للسكان، الذين يعتمدون على الواحة كمصدر للعيش.
تكرار نشوب النيران في واحات جهة كلميم واد نون، أضحى يفرض تدخلات آنية ومستعجلة، سيما وأن الحرائق باتت تشكل تهديدا حقيقيا لمنظومة إيكولوجية واقتصادية واجتماعية مهمة. فخلال السنوات الأخيرة فقط، التهمت النيران واحة «آيت مسعود» بمنطقة تيغمرت، مخلفة خسائر مادية كبيرة في ممتلكات السكان، إضافة إلى احتراق ما يزيد على 200 نخلة مثمرة، وإتلاف بعض المزروعات، واحتراق سيارة كانت مركونة قرب مصدر النار. وقبل ذلك بسنة، أتت النيران على مساحات شاسعة من أشجار النخيل بواحة تيغمرت بالجماعة الترابية أسرير، وأهلكت المزروعات، كما سُجل نفوق أعداد كبيرة من رؤوس الماعز والدجاج، بعدما امتدت ألسنة اللهب نحو الأحواش الموجودة وسط الواحة. كما تضررت عشرات المنازل والمتاحف التراثية الموجودة بالواحة، وتحولت محتوياتها إلى رماد. وفي سنة 2019 تعرضت واحة أسرير مرة أخرى للدمار، بسبب حريق آخر. وفي شتنبر من سنة 2017 أتى حريق آخر على حوالي 200 نخلة، بدوار «وارغنون» بواحة «تيغمرت».
إلى ذلك، فقد سبق أن قام مجلس جهة كلميم- واد نون بالمصادقة خلال دورة تداولية على اتفاقية لإنجاز مشروع يتعلق بإعداد المجالات الواحاتية ومواجهة خطر الحرائق المتكررة، رصد له غلاف إجمالي بلغ 66 مليونا و490 ألفا و200 درهم، منها 30 مليون درهم مساهمة من المجلس الجهوي. وتروم هذه الاتفاقية مواجهة خطر الحرائق التي تشهدها مجموعة من الواحات بين الفينة والأخرى، والتي تؤدي إلى إتلاف مصادر عيش عشرات الفلاحين.
كما تم خلال الدورة ذاتها المصادقة على اتفاقية للتخفيف من آثار الكوارث الطبيعية بالجهة، من أجل تحويل الاعتمادات المرصودة من قبل الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، وذلك طبقا لاتفاقية سابقة تم التوقيع عليها. وتهدف الاتفاقية إلى حماية الواحات من الحرائق، وتسريع عملية التدخل للحد من تفاقم حرائق الواحات، وحماية السكان والممتلكات العامة والخاصة من الأخطار الناجمة عن الكوارث الطبيعية والحوادث المختلفة والكوارث. وبموجب الاتفاقية الموقعة بين مجلس الجهة وولاية الجهة والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، سيتم خلق فوهات مائية جديدة بواحة أسرير بإقليم كلميم، وربط هذه الفوهات بشبكة الماء. وبموجب الاتفاقية، يلتزم مجلس الجهة بالمساهمة في تمويل المشروع بمبلغ 2.199.450,00 درهما، فيما ستساهم الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان بمبلغ 3.000.000,00 درهم، عبر تحويلها إلى ميزانية مجلس الجهة