وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، خطابا إلى المشاركين في القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، التي تنعقد اليوم السبتبالرياض، بالمملكة العربية السعودية، تلاه رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
وأكد الملك أن هذه القمة الاستثنائية العربية الإسلامية، التي دعت إليها المملكة العربية السعودية الشقيقة، تنعقد في سياق مشحون بالتوترواستمرار المواجهات المسلحة التي يعرفها قطاع غزة، وما تخلفه من آلاف القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، ومن تخريب ودمار وحصارشامل، في خرق سافر للقوانين الدولية وللقيم الإنسانية.
وأضاف الملك بالقول "فرغم ارتفاع بعض أصوات الحكمة الداعية إلى خفض التصعيد والتهدئة، لا زالت المدافع والصواريخ الإسرائيليةتستهدف المدنيين العزل، من أطفال ونساء وشيوخ، ولم تترك دار عبادة أو مستشفى أو مخيما إلا ودمرته كليا أو جزئيا".
وتابع قائلا "لقد دعونا، من منطلق التزامنا بالسلام، وبصفتنا رئيسا للجنة القدس، إلى صحوة الضمير الإنساني لوقف قتل النفس البشريةالتي كرمها الله عز وجل، والتحرك جماعيا، كل من موقعه، لتحقيق أربع أولويات ملحة".
وتتجلى الأولوية الأولى في الخفض العاجل والملموس للتصعيد ووقف الاعتداءات العسكرية بما يفضي لوقف إطلاق النار، بشكل دائم وقابلللمراقبة،
أما الأولوية الثانية، يقول الملك، هي ضمان حماية المدنيين وعدم استهدافهم، وفقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
والأولوية الثالثة، السماح بإيصال المساعدات الإنسانية بانسيابية وبكميات كافية لساكنة غزة، وأخيرا، إرساء أفق سياسي للقضيةالفلسطينية، كفيل بإنعاش حل الدولتين المتوافق عليه دوليا.
وأضاف الملك قائلا "إننا أمام أزمة غير مسبوقة، يزيدها تعقيدا تمادي إسرائيل في عدوانها السافر على المدنيين العزل، ويضاعف من حدتهاصمت المجتمع الدولي، وتجاهل القوى الفاعلة للكارثة الإنسانية التي تعيشها ساكنة قطاع غزة".
لذا، يؤكد الملك، يجب ألا نسمح بترك مستقبل المنطقة ومستقبل أبنائها بين أيدي المزايدين، فمستقبل المنطقة لا يتحمل المزايدات الفارغة، ولاالأجندات الضيقة. وتابع "كما ينبغي التعامل مع هذه الظرفية الحاسمة، من منطلق المسؤولية التاريخية، التي تحتم علينا الانطلاق من بعضالمسلمات البديهية".
وقال الملك "فلا بديل عن سلام حقيقي في المنطقة، يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة، في إطار حل الدولتين"، مضيفا "ولا بديل عن دولةفلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية"، ثم "ولا بديل عن تقوية السلطة الفلسطينية، بقيادة أخي الرئيس محمود عباس أبو مازن".
ودعا الملك إلى وضع آليات لأمن إقليمي مستدام، قائم على احترام القانون الدولي والمرجعيات الدولية المتعارف عليها.
وأكد الملك أن تخطي هذه الأزمة وتفادي تكرارها، لن يتحقق إلا بوقف الاعتداءات على القدس الشريف، والقطع مع الاستفزازات التي تجرحمشاعر أكثر من مليار مسلم، وقال "لذا، كنت دائم الحرص، بصفتي رئيس لجنة القدس، على أن أثير الانتباه إلى خطورة تلك الممارساتوالاستفزازات الإسرائيلية، وعواقبها الوخيمة على أمن واستقرار المنطقة برمتها".
وبالموازاة مع ذلك، يضيف الملك، نعمل ميدانيا على الأرض، من خلال وكالة بيت مال القدس الشريف، على حماية المدينة المقدسة، والحفاظعلى وضعها التاريخي والقانوني ومقدساتها الدينية.
واستحضر الملك "نداء القدس" الذي وقع عليه مع قداسة البابا فرانسيس، الذي جاء فيه "فإن من واجب الجميع المحافظة على مدينة القدسالشريف، باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية، ومركزا لقيم الاحترام المتبادل".
وأضاف "ومخطئ من يظن أن منطق القوة يمكنه تغيير هذا الواقع وتلكم الهوية المتجذرة. وسنتصدى له على الدوام، من منطلق رئاستناللجنة القدس، وبتنسيق مع أخينا جلالة الملك عبد الله الثاني، صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس".
وأكد الملك بالقول "إننا أمام مرحلة فاصلة، تتطلب من الجميع التحلي بالحزم والمسؤولية، لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وتقتضي تغليبمنطق العقل والحكمة، لإقامة سلام عادل ودائم بالمنطقة، لما فيه أمن واستقرار جميع شعوب المنطقة".