قرر الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمدينة الدار البيضاء، في الساعات الأولى من صباح الجمعة، إحالة 23 متهما في حالة اعتقال على أنظار قاضي التحقيق وعلى رأسهم البرلماني السابق سعيد الناصري، رئيس نادي الوداد الرياضي ورئيس مجلس عمالة الدار البيضاء، إلى جانب البرلماني عبد النبي بعيوي، رئيس جهة الشرق، على خلفية اتهامات بالاتجار في المخدرات وتبييض الأموال والتزوير في قضية ما يعرف إعلاميا بـ «المالي إسكوبار الصحراء».
وفي انتظار أن يصدر القضاء قراره النهائي، لا يمكن سوى التنويه بكون القانون فوق الجميع، مهما كانت صفاتهم ومسؤوليتهم، خصوصا وأن من بين المتابعين شخصيات سياسية وعمومية كان يعتقد البعض إلى حدود صباح أمس أنها في حصانة مطلقة تجاه القانون، وأنها يمكن أن تفعل ما شاءت، متى شاءت، أينما شاءت، دون أن يطولها الجزاء القانوني أو أن تخضع للمساءلة والمحاسبة.
لقد كان المغاربة في حاجة إلى أن يطمئنوا على دولة القانون وعلى مبدأ المساواة أمامه، ونظن أن قرارات النيابة العامة كانت أمام تمرين حقيقي لقياس عمل القانون وإخضاع تضخم خطاب محاربة الفساد للممارسة الفعلية، لذلك نحن اليوم أمام قضية رأي عام وطني ودولي، وهو ما يجعل كل الأنظار تتجه إلى تفاصيل هذه المتابعة المثيرة.
وإذا كان الرأي العام لا يمكنه سوى التنويه بقرارات المتابعة في حالة اعتقال لمسؤولين نافذين سياسيا وماليا متهمين بهذه التهم الخطيرة، فإن الكثير من الشخصيات العمومية التي صدرت في حقها أحكام استئنافية منذ سنوات، بسبب جرائم مالية وخروقات ذات طابع جنائي، لم يطلها الاعتقال والعقاب، بل بالعكس ما زالت تمارس أنشطتها السياسية والمالية دون أي مشكل يذكر.
المطلوب اليوم أن يتحرك القانون في وجه الجريمة والفساد بنفس السرعة والصرامة والفعالية، حتى يستوعب الجميع التوجه الذي اختارت الدولة السير نحوه، وهو القطع مع الفساد الذي صار يهدد بنية الدولة ويطرد الاستثمار ويعطي عن البلد صورة لا تعكس حقيقة إمكانياته وطموحاته، لكي يصبح بلدا ناميا يجلب الاستثمار والثروة والرخاء لأبنائه.