بداية من هذا الأسبوع، بدأ صرف أولى دفعات الدعم الاجتماعي المباشر للأسر المستوفية للشروط، بعد تسجيلها في السجل الاجتماعي الموحد وحصولها على العتبة المطلوبة، حيث ستستفيد حوالي مليون أسرة مستوفية لشرط العتبة في السجل الاجتماعي الموحد، أي ما يعادل 3,5 ملايين مغربي، من الدفعة الأولى لهذا الدعم المالي، التي لن تقل قيمتها عن 500 درهم للأسرة مهما كانت تركيبتها.
بدون مبالغة، وبكثير من الإنصاف، نحن أمام ثورة اجتماعية غير مسبوقة في تاريخ المغرب المستقل، هي ثورة ملك مؤمن بدوره الأبوي قبل أي دور دستوري آخر، هي إنجاز في التنزيل يحسب للحكومة الحالية، فالتناغم بين أعلى سلطة في البلد مكلفة برسم الاستراتيجيات والسلطة التنفيذية المكلفة بالتنزيل واضح للعيان.
وللأسف، فبدل أن يتحول هذا الأسبوع إلى عيد وطني لكل المغاربة، ها هو يمر بدون معنى، لأن معضلة التعليم استنزفت كل الشرعية الاجتماعية، ولأن الملايين من الأسر تعاني من التلاعب بمصير فلذات أكبادها من لدن أشخاص غير مسؤولين لا تهمهم سوى بضعة دراهم وتسوية وضعياتهم بأثر رجعي وربح رتب ودرجات في مسارهم المهني ولو كان ذلك على حساب مصالح أطفال أبرياء.
وما يحز في النفس أن الحكومة تخاف من إنجازاتها في تنزيل الأوراش الملكية، فبدل أن تملأ كل الفضاء الإعلامي الرسمي والمستقل ومواقع التواصل الاجتماعي بهذا الإنجاز المبهر في تاريخ المغرب المستقل، وتغرق المنابر الإعلامية بحملات تواصلية مكثفة لوزرائها وأحزابها وشبيباتها، إلا أن كل ذلك لم يقع، بل إن الحكومة سخرت كل طاقاتها لامتصاص الضربات وتخفيف التوتر الاجتماعي بسبب التدبير المرتبك لملف التعليم رغم ما قدمته من مجهود جبار لفائدة الشغيلة التعليمية.
نحن، إذن، أمام مفارقة عجيبة، حكومة تنفق 2000 مليار سنتيم للتفاعل الإيجابي مع مطالب الأساتذة، وفي الوقت نفسه تنفق 2500 مليار سنتيم من أجل الدعم المباشر للأسر، ومع ذلك تحصد الغضب في صفوف الأساتذة واللامبالاة بشأن الدعم المباشر، والسبب أن الحكومة تنتج القرارات والسياسات لكن بدون بائع جيد يسوق ويثمن المنتوج.