عقدت الأغلبية الحكومية، اجتماعا بحضور رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، ومنسقة القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، والأمين العام لحزب الاستقلال، ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين، وعدد من الوزراء والبرلمانيين، قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن لقاء الأغلبية، يُعدّ فرصة للتنويه بتماسك مكوناتها البرلمانية والمسؤولية التي أبانت عنها؛ مما يعكس "نضجها وقدرتها على تجاوز فترات سياسية سابقة في حكومات سابقة كانت تؤثر على العمل الحكومي"، وأشار رئيس الحكومة إلى أن الخطاب الملكي الأخير يحمل العديد من الدلالات، حيث إن ملف الصحراء المغربية يشهد اليوم مرحلة جديدة تتسم بالتغيير والاستباقية.
وأكد أخنوش أن استيعاب هذه الرسائل لا يخص فقط الفاعلين السياسيين من الأغلبية؛ بل حتى المعارضة، مضيفا أن "الأغلبية البرلمانية ملزمة بتوحيد جهودها للدفاع عن ملف الصحراء المغربية، عبر مجموعات الصداقة البرلمانية وغيرها من القنوات التي تتطلب اختيار الأطر المؤهلة لذلك"، واعتبر أخنوش أن "حرب إسرائيل على لبنان وفلسطين، كما أكد الملك محمد السادس في شق القضية الفلسطينية، هي مرفوضة. ونحن نتضامن مع المدنيين، ونرفض اضطهادهم، وندعو إلى حل الدولتين".
من جانب أخر، أشار أخنوش إلى ملف الحماية الاجتماعية، وقال "نجحنا في وضع أسس وركائز الدولة الاجتماعية؛ فقد تمكنت الحكومة، في فترة وجيزة، من تعميم الحماية الاجتماعية. ونواصل العمل على تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وفي قطاع التعليم، بدأنا عملية إصلاح متكامل تحت شعار بناء أسس الأسرة، وضعنا التعليم كأولوية في هذه الولاية، لجعله وسيلة للارتقاء بظروف المواطن. كما بادرنا إلى إطلاق الدعم المباشر للسكن بما يلبي حاجيات الشعب المغربي. وتمكنا من تحقيق تعاقد اجتماعي عبر إطلاق الحوار الاجتماعي، الذي ظل متوقفا في عهد الحكومات السابقة؛ مما أتاح توقيع اتفاقيات في العديد من الملفات، وجعلها من أولويات الحكومة".
زاد أخنوش أن "بنفس الطموح، تتواصل المسيرة نحو الارتقاء الاجتماعي والاقتصادي. ويُعدّ مشروع قانون المالية محطة مهمة لاستكمال تنفيذ البرنامج الحكومي. يحتوي المشروع على أبواب؛ مثل إصلاح الضريبة على الدخل، ورفع الدعم الاجتماعي المباشر، ودعم القدرة الشرائية للمواطنين عبر صندوق المقاصة، ودعم أسعار الكهرباء، وتخفيض الرسوم الجمركية على الواردات الفلاحية لتخفيض الأسعار".
وأبرز أخنوش أن الحكومة ستعمل من خلال قانون المالية على توطيد دينامية الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، مشيراً إلى أنها ستعبئ ميزانية إجمالية تصل إلى 340 مليار درهم مخصصة للاستثمار العمومي، إلى جانب المقتضيات الإصلاحية التدريجية التي عرفتها قوانين المالية سنة 2023، مثل إصلاح الضريبة على الشركات، وإصلاح الضريبة على القيمة المضافة، وإدماج القطاع غير المهيكل، وإصلاح الضريبة على الدخل لتشجيع مبادرات التشغيل.
وأضاف "استكمالاً لإرادتنا في دعم الجهوية المتقدمة ودور المجالس المنتخبة في التنمية المجالية، سيتم بمقتضى هذا قانون المالية 2025 رفع حصة الجماعات الترابية من مداخيل الضريبة على القيمة المضافة من 30 في المائة إلى 50 في المائة"، مبرزا أن الحكومة ستخصص 18 مليار درهم للرفع من وتيرة تنزيل البرنامج الوطني للتزويد بمياه الشرب، و14 مليار درهم لإطلاق مقاربة مندمجة ومتكاملة للنهوض بالتشغيل، معتبراً أن "هذه إجراءات ملموسة تؤكد الإرادة القوية للحكومة للوفاء بالتزاماتها التي تعهدت بشأنها مع المواطنين والمواطنات، مع الحفاظ على التوازنات المالية للدولة".
من جانبه أكد محمد مهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، في مستهلّ اللقاء، على الانسجام بين مكونات الأغلبية ومستوى التواصل العالي فيما بينها لمعالجة مختلف القضايا الراهنة التي تهم المواطنات والمواطنين، في وفاء تام لروح ميثاق الأغلبية، وأشار بنسعيد إلى المكتسبات التي حققتها البلاد على المستوى الدبلوماسي بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مُؤكدا وعي الأغلبية الحكومية بضرورة العمل وفق الرؤية الملكية في التصدي لمناورات الخصوم، والتحرك في إطار الدبلوماسية الحزبية والموازية لتنزيل توجيهات الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الرابعة.
وجاء الاجتماع في سياق تقديم مشروع قانون المالية 2025 أمام غرفتي البرلمان، والذي وصفه بنسعيد بالواقعي والمتجاوب مع انتظارات المواطنات والمواطنين، مُبرزا الإجراءات الهامة على المستوى الضريبي، وخلق أزيد من 29 ألف منصب شغل بالقطاع العام. وأكد على أولوية ملف التشغيل للحكومة خلال ما تبقى من الولاية الحكومية، مع الإشارة إلى تقلص نسبة البطالة في جميع القطاعات باستثناء القطاع الفلاحي المتضرر من تداعيات الجفاف والتغيرات المناخية.
وسلط ذات الفاعل الحزبي الضوء على عمل الحكومة المتواصل طيلة ثلاث سنوات، مُشيرا إلى عدد من المكتسبات، منها ورش الحماية الاجتماعية، وتسريع تأهيل المنظومة الصحية، وتنزيل إصلاحات قطاعي التعليم والتعليم العالي والتكوين المهني، والاتفاق التاريخي القاضي برفع الأجور. وتطرق إلى تحديات القدرة الشرائية التي تواجهها الأسر المغربية، رغم مجهودات الحكومة عبر منظومة الدعم، ودعا إلى تقييم الإجراءات الحكومية وتطويرها لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
كما أشار إلى البرنامج الملكي للدعم المباشر لاقتناء السكن الرئيسي، مُؤكدا تحقيقه لأهدافه باستفادة أكثر من 26 ألف أسرة. وعلى الصعيد الاجتماعي، أكد اشتغال الحكومة على تنزيل التوجيهات الملكية السامية لتدبير ما خلفه زلزال الحوز، وتنفيذ قرار تمديد المساعدات المادية الشهرية للأسر المتضررة من الزلزال، وتأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات، مبرزا بنسعيد إخراج ميثاق الاستثمار، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتسريع مسار المصادقة على مشاريع استثمارية كبيرة، مساهمة في خلق الثروة ومناصب الشغل. وأكد على الرفع من قيمة الاستثمار العمومي لمواجهة التحديات وخلق مناصب الشغل.
ودعا في ذات الشأن إلى مواصلة العمل بوتيرة أسرع وبتنسيق دائم بين مكونات الأغلبية مع تواصل منتظم مع المواطنين لرفع التحديات والبحث عن حلول لإشكالية الماء وبطالة الشباب. وشدد على ضرورة تفعيل التواصل، معتبرا إياه المجال الذي يجب الاشتغال عليه أكثر، معترفا بأن الحكومة اتخذت قرارات صعبة وجريئة وواجهت تحديات خارجية، مؤكدا أن مشكل التواصل هو السبب الرئيسي لعدم وصول أثر هذه القرارات إلى المواطنات والمواطنين. وطالب زعماء الأحزاب وأعضاء الحكومة والقيادات السياسية والبرلمانيين بالتواصل المباشر مع الرأي العام وخلق النقاش العمومي والتواصل مع الإعلام الدولي بخصوص مصالح البلاد. كما دعا إلى توسيع التواصل ليشمل وسائط التواصل الاجتماعي الحديثة لخلق نقاش مع الشباب بخصوص أولوياته والإجابة على انتظاراته.
وبدوره شّدد نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، على أن "لقاء الأغلبية يأتي بعد منتصف الولاية الحكومية والتشريعية وبعد تقديم الحصيلة المرحلية التي حققنا فيها جميعا نتائج مرضية وإيجابية في عدة مجالات وقطاعات، رغم الصعوبات، ورغم التضخم وتقلبات الأسعار الدولية، ورغم ضيق الهوامش الميزانياتية"، مضيفا أن "سقف الانتظارات مرتفع ويزداد ارتفاعا، والحكومة لا تقف أمام ذلك مكتوفة الأيدي، أو غير مهتمة بمصير المواطنات والمواطنين، لكن لا تكف عن العمل والاجتهاد وتكثيف الجهود والبحث عن الحلول الملائمة لتلبية الحاجيات ومواجهة إكراهات الظرفية".
ولفت بركة إلى أن "المواطن يحتاج إلى تدابير ملموسة تتجاوب مع حاجياته الملحة والمشروعة، ويحتاج كذلك إلى تواصل مستمر وسهل وشفاف حول المنجزات التي تم تحقيقُها، هذا دورنا ومسؤولينا كحكومة وكأحزاب للأغلبية، لأنه هناك مجهودات وإصلاحات لا يصل صداها إلى مواطن، هذا واقع وعلينا أن نتداركه في القريب العاجل"، مبرزا أن "هناك كذلك وللأسف بعض السلوكات غير المواطنة التي ينبغي التصدي لها في ظرفيات تقلبات الأسعار الدولية وتدهور القدرة الشرائية (حرام يكون عندنا وفي ظروفنا وفي سياق بلادنا ما يسمى الجشع التضخمي)، بمعنى هناك أشخاص يعملون على استغلال السياق التضخمي لرفع الهوامش التجارية وتحقيق أرباح مفرطة".