شارك وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أمس الأحد، بسوتشي، في المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة روسيا-إفريقيا.
ويأتي هذا المؤتمر الوزاري الأول، الذي يضم وزراء شؤون خارجية روسيا الاتحادية والدول الإفريقية الأعضاء في الأمم المتحدة، في أعقاب قمتي سان بطرسبرغ (2023) وسوتشي (2019)، ويهدف المؤتمر إلى تقييم مقتضيات الإعلانين المعتمدين خلال هاتين القمتين، وتحديد آفاق التعاون المستقبلية من أجل الاستجابة لانتظارات الدول الإفريقية وتطلعاتها بشكل أفضل.
وقال بوريطة في كلمة أمام المؤتمر "أتينا إلى سوتشي بقناعة قوية مفادها أنه ليست إفريقيا هي من تحتاج إلى بقية العالم. في الواقع، فإن بقية العالم هي التي تجد نفسها في حاجة إلى إفريقيا أكثر فأكثر"، مؤكدا أن القارة الإفريقية تحمل صوتًا فريدًا في جميع أنحاء العالم، صوت قارة غنية بالتاريخ والتنوع وتفخر بكونها مهدا للإنسانية وأيضًا تحمل صوت قارة المستقبل، ذات الإمكانات الاقتصادية والديموغرافية الكبيرة، وتابع بالقول "على الساحة الدولية، يجب أن يكون صوت إفريقيا مسموعًا ومحترمًا. نحن ممتنون لروسيا لاعترافها بدور قارتنا وبإمكاناتها".
وذكر بوريطة ثلاثة مبادئ أساسية، لكي يُسمع الصوت الإفريقي ويكون له وزن في الشؤون العالمية، مشيرا إلى أنه من غير الممكن أن يتحقق السلام والازدهار المشتركان في إفريقيا ولصالح شعوب المنطقة، دون الاحترام الصارم لسيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها. لا يمكن أن يتحقق ذلك في قارتنا دون احترام قواعد حسن الجوار بين الدول الإفريقية، وأوضح أنه فيما يخص شركاء القارة الافريقية، فمن المهم أن يبتعدوا عن منطق الأبوية والوصاية، لأن إفريقيا قادرة على تدبير تحدياتها بنفسها، وأخيرا، يضيف بوريطة "لن نتمكن من تحقيق السلام والازدهار المشتركين في إفريقيا إذا ما قامت بعض الدول الإفريقية، من جانب واحد ودون الارتكاز على أي شكل من أشكال الشرعية، بتخويل نفسها قيادة مزعومة لقارتنا، بينما هي في الواقع لا تعمل إلا لخدمة أجنداتها الوطنية البحتة".
وأكد بوريطة أن الشراكة بين روسيا وإفريقيا ترتكز على إمكانات واضحة للنمو، ولتحقيق ذلك، يضيف الوزير، يجب أن تُبنى آخذة بعين الاعتبار الأولويات الأساسية للقارة الإفريقية. وفي أفق القمة الروسية الإفريقية المقبلة، دعا بوريطة إلى التركيز على آفاق التعاون بين إفريقيا وروسيا، لا سيما في مجالي الأمن الغذائي وأمن الطاقة.
وأوضح الوزير أن المملكة المغربية تحضر بكل أريحية هذا اللقاء الذي يجمع بين قارة هويته وانتمائه وبين شريكها الاستراتيجي، روسيا، مبرزا أنه في علاقته مع كليهما، ظل المغرب دائما محافظا على قناعته الثابتة والراسخة بشأن الحاجة الملحة لترجمة الالتزام إلى أعمال ملموسة وإلى مبادرات طموحة ومشاريع مهيكلة. كل ذلك في خدمة التنمية البشرية والأمن الغذائي والطاقي والمناخي، والأمن؛ باختصار، في خدمة التنمية بشكل عام.
وأشار بوريطة إلى أنه في هذا الإطار تندرج المبادرات الملكية الرئيسية الثلاث، المتعلقة بمسلسل الرباط للدول الإفريقية الأطلسية، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومبادرة خط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، مؤكدا أن هذه المبادرات الثلاث تمضي قدمًا وبشكل جيد للغاية، وقال إن التذكير بهذه المبادرات يروم، بالارتكاز على الوقائع، إبراز الدعوة التي ما فتئ الملك يوجهها باستمرار للشركاء التقليديين من أجل حملهم على تغيير نهجهم تجاه القارة الإفريقية. فإفريقيا لا تحتاج إلى مساعدات بقدر ما تحتاج أكثر من ذلك إلى شراكات ذات نفع متبادل، وخلص بوريطة إلى أن ما تحتاجه إفريقيا حقا هو مشاريع مهيكلة للتنمية البشرية والاجتماعية، وقال "إن أفضل شريك لإفريقيا هو ذاك الذي يعرف أكثر من غيره كيف يدعم زخمها ويسد ثغراتها ويضاعف إمكاناتها".