صدر الملك محمد السادس، في اجتماع المجلس الوزاري المنعقد أول أمس الأربعاء بالقصر الملكي بالرباط، توجيهاته السامية قصد الانكباب على إجراء إصلاح عميق لهذه الهيئة، وتحويلها إلى هيئة وطنية لضبط قطاع الطاقة، عبر مراجعة القانون المتعلق بها، وتوسيع اختصاصاتها لتشمل كل مكونات قطاع الطاقة، لتشمل فضلا عن الكهرباء، الغاز الطبيعي والطاقات الجديدة، على غرار الهيدروجين ومشتقاته، وكذا مجالات الإنتاج والتخزين والنقل والتوزيع، وذلك بما يساير مستوى النضج الذي بلغه قطاع الطاقة بالمغرب، وطبقا للممارسات الدولية الفضلى في هذا المجال.
وأفادت مصادر مطلعة، أن المغرب بفضل الرؤية المستنيرة للملك محمد السادس بصدد إعادة تحديد معايير الحكامة الطاقية العالمية، وهذا الإصلاح للهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، إلى جانب استراتيجية وطنية طموحة، يجعل المملكة فاعلا لا محيد عنه للانتقال الطاقي ونموذجا للاستدامة، حيث انخرط المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس، في انتقال كبير في قطاعه الطاقي، وترتكز هذه الرؤية على مطمح جعل المغرب فاعلا رئيسيا في الانتقال الطاقي على الصعيد العالمي، مع التركيز على الاستقلالية الطاقية والاستدامة.
ويأتي تعيين زهير شرفي رئيسا للهيئة الوطنية لضبط الكهرباء ليشكل خطوة محورية في هذا المسار، وفي هذا الصدد، أصدر الملك محمد السادس توجيهاته السامية بإجراء إصلاح طموح لتحويل الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء إلى هيئة تغطي قطاع الطاقة بأكمله الكهرباء والغاز الطبيعي والهيدروجين والطاقات المتجددة، مع دمج الممارسات الدولية الفضلي، ومن خلال هذه المهام الجديدة، فإن الهيئة مدعوة للاضطلاع بدور الضابط الرئيسي لقطاع طاقي في أوج ازدهاره.
وتتجلى رهانات إصلاح الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، الدركي المستقبلي لقطاع الطاقة بالمغرب، في نضج القطاع، بتسجيل 45% من مزيج الكهرباء الذي يأتي بالفعل من الطاقات المتجددة في عام 2024، فإن المغرب تجاوز توقعات عام 2030 (تم تعديل هذا الهدف إلى 56% بحلول عام 2027)، بالإضافة إلى تنويع مصادر الطاقة، وذلك بدمج الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر يستجيب لاستراتيجية السيادة والقدرة التنافسية، ومن خلال التوافق مع المعايير المتقدمة، يؤكد المغرب جاذبيته بالنسبة للمستثمرين العالميين.
تشير المعطيات المتوفرة إلى أن المغرب يستفيد من إمكانات استثنائية في مجال الموارد المتجددة، لاسيما الطاقة الشمسية والريحية، وتسمح هذه الامكانيات للمملكة بإنتاج طاقات نظيفة بأسعار تنافسية، وبالإضافة إلى ذلك، تلعب المملكة دوراً أساسيا في إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية، لأنها تمثل الممر الطاقي والتجاري الوحيد الذي يربط أوروبا وأفريقيا وحوض المحيط الأطلسي.
وحسب ذات المصادر، فقد بلغت في متم سنة 2023، قدرة مشاريع الطاقات المتجددة التي توجد في طور الاستغلال 4600 ميغاواط (1771) ميغاواط في الطاقة الكهرومائية، 1430 ريحية 830 شمسية، مع قدرة إنتاج 3000 ميغاواط إضافية منتظرة بحلول عام 2030، وخفض الاعتماد على الطاقة من 98% في سنة 2008 إلى 89% في سنة 2024.
وتم تسجيل زيادة الاستثمارات السنوية في مجال الطاقة بمقدار 4 أضعاف لتصل إلى 15 مليار درهم سنوياً بين عامي 2024 و 2027. (مشروع قانون المالية
لسنة 2025)، وبذلك أصبح المغرب بمثابة ممر طاقي، باعتباره البلد الإفريقي الوحيد الذي يرتبط بأوروبا عبر الكهرباء والغاز، كما يعد المغرب مركزا استراتيجيا للصفقة الأوروبية الخضراء وخط أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب.
ويولي المغرب اهتماما خاصا بالهيدروجين أخضر، من خلال إطلاق “عرض المغرب” المحفز للتنمية المستدامة، وأصبح الهيدروجين الأخضر يمثل أولوية وطنية، مدعومة بالتوجيهات الملكية السامية التي تهدف إلى جعل
لمغرب قطبا تنافسيا في هذا المجال، ووفقا للمنظمات الدولية مثل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، يعتبر المغرب من بين أول ثلاث دول في العالم من حيث إنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة منخفضة.
ووضع المغرب رهانات استراتيجية لتطوير قطاع الطاقة، من خلال تعزيز قدراته التنافسية في الإنتاج بفضل بنية تحتية طاقية متطورة، والموقع الجيوستراتيجي الفريد الذي يربط بين إفريقيا وأوروبا والأطلسي، فضلا عن إطلاق عرض متكامل ومتوافق مع المعايير البيئية، مما يعزز شراكات دولية متينة.
وبذلك، يعتبر المغرب فاعلا رئيسيا في الاقتصاد الأخضر العالمي بفضل دوره كرابط طاقي، عبر مشاريع الربط الكهربائي مع أوروبا، ومشاريع خطوط أنابيب الغاز وممرات تصدير الهيدروجين الأخضر، التي تعزز هذا الوضع، وبذلك أصبح المغرب يحتل المرتبة الأولى في استقطاب الاستثمارات في الطاقات المتجددة في أفريقيا، حسب مؤشر جاذبية الدولة للطاقة المتجددة، وتم اختياره من طرف “بلومبيرغ” كواحد من بين أهم خمسة روابط.