عقد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اجتماعا موسعا مع القطاعات الوزارية المعنية، لمناقشة التدابير العملية لإنعاش قطاع التشغيل. وتم خلال الاجتماع عرض خارطة طريق تهدف إلى خلق فرص عمل لائقة، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة. وشدد رئيس الحكومة على أهمية تنسيق الجهود لتحقيق أهداف خارطة الطريق، بما يشمل تحسين التكوين المهني، واستهداف فئات الشباب والنساء في المناطق الحضرية والقروية، كما تناول الاجتماع التحديات المائية وتأثيرها على سوق الشغل، مع التأكيد على أهمية الابتكار لتحفيز الاستثمار والإدماج الاقتصادي.
14 مليار درهم لإنعاش التشغيل
ذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أنه تم الوقوف، خلال هذا الاجتماع، على التدابير العملية التي جاءت بها خارطة طريق قطاع التشغيل، والتي تعتزم الحكومة الإعلان عنها في أقرب الآجال، بهدف تعزيز دينامية القطاع، وذلك انسجاما مع توجيهات جلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المنشود للبلاد. وأكد أخنوش، حسب المصدر ذاته، أن الحكومة تتابع عن كثب التغيرات التي تطرأ على دينامية هذا القطاع، وسَتُفَعِّلُ حزمة من الإجراءات ذات الأثر الميداني على المدى القريب والمتوسط، لتسريع وتيرة تنزيل البرامج المنتجة لفرص الشغل، داعيا مختلف المتدخلين في القطاع إلى التعبئة والتنسيق من أجل تحقيق أكبر مستوى من الالتقائية، والرفع من نجاعة التدخلات الحكومية. وأشار المتدخلون، خلال الاجتماع، إلى أن ملف التشغيل الذي يحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة، خصص له قانون المالية 2025 حوالي 14 مليار درهم لإنعاش هذا القطاع. إذ من المرتقب أن تساهم خارطة طريق قطاع التشغيل، في إنعاش فرص الشغل اللائق لجميع الفئات الاجتماعية في المجالين الحضري والقروي، رغم إكراهات الظرفية. كما جرى التذكير، يبرز البلاغ، بأن خارطة طريق قطاع التشغيل ستأخذ بعين الاعتبار تدبير إشكالية الماء، ورفع مختلف التحديات التي يواجهها العالم القروي، إضافة إلى تدابير عملية لفائدة المقاولات الصغرى والمتوسطة باعتبارها رافعة لفرص الشغل، وكذا المراهنة على التكوين لتسريع الإدماج في سوق الشغل. حضر هذا الاجتماع كل من وزيرة الاقتصاد والمالية، ووزير التجهيز والماء، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، ووزير الصناعة والتجارة، ووزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، وكاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، وكاتب الدولة المكلف بالإسكان، وكاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، إضافة إلى المندوب السامي للتخطيط، والمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
التركيز على الشباب بدون عمل وتكوين وتعليم
في السنوات الأخيرة، يمكن تلخيص الاهتمام الرئيسي للحكومة في كلمة واحدة: التشغيل. وتظل هذه القضية الرئيسية تحديا معقدا يتعين التغلب عليه. وعلى الرغم من إطلاق العديد من البرامج الطموحة لتعزيز التشغيل، إلا أن النتائج التي تم الحصول عليها ما زالت بعيدة عن التوقعات، فيما تستمر معدلات البطالة في الارتفاع لتصل إلى معدلات غير مسبوقة. وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي تم إحرازه في المناطق الحضرية، إلا أن الوضع لا يزال عرضة للتحسين، ويتطلب بذل جهود متواصلة. ومن ناحية أخرى، فإن الوضع في المناطق القروية أكثر خطورة بكثير. فمنذ عام 2016، عانى العالم القروي من تآكل مستمر في أعداد العمالة، وهي ظاهرة تفاقمت، بسبب حالات الجفاف المتكررة، التي أدت على مدى السنوات الثماني الماضية، إلى تفاقم هذا الانخفاض بطريقة مثيرة للقلق. ومع ذلك، فإن الوضع ليس غير قابل للإصلاح، خاصة عندما يتعلق الأمر بالعاطلين عن العمل الذين لديهم مؤهلات أو خبرة معينة. ويمكن لهؤلاء الأفراد، على الرغم من بعدهم عن سوق العمل، أن يجدوا مكانهم مرة أخرى من خلال مبادرات جيدة الاستهداف. لكن التحدي الحقيقي يكمن في الشباب بدون عمل وتكوين وتعليم. ووفقا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تمثل هذه الفئة من السكان تحديا حقيقيا لصناع القرار. ومن بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 24 عاما، هناك أكثر من 1.5 مليون شخص بدون عمل وتكوين وتعليم (NEETs). وعندما نقوم بتوسيع هذه الفئة العمرية لتشمل الشباب حتى عمر 35 عاما، يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 4 ملايين شخص. في هذا السياق، قال يونس السكوري، وزير التشغيل والإدماج المهني، في كلمة خلال اجتماع لجنة القيادة الخاصة باستراتيجية التشغيل، لتحسم في البرامج الجديدة التي ستطلقها الحكومة، سيما من أجل خلق فرص الشغل لدى غير حاملي الشهادات، وخصوصا NEET، ودعم التشغيل في العالم القروي، بالإضافة إلى المقاولات الصغرى والمتوسطة بميزانية 14 مليار درهم، إن «الحكومة تمر إلى السرعة القصوى في ملف التشغيل، وهي تغيير نظرتها في هذا المجال، من خلال التركيز على الشباب غير حاملي الشهادات، والذين يبلغ عددهم تقريبا مليون شخص، وذلك من خلال مشروع وبرنامج دقيق يعتمد التدرج المهني»، مبينا أن «الحكومة ستعتمد على وكالة إنعاش التشغيل والكفاءات، من أجل اعتماد برامج تشغيل لا ترتكز على شرط الشهادات، بالإضافة إلى برامج للتكوين لهذه الفئة». وشدد السكوري على أن «الحكومة ستعتمد برامج تشغيل ستشمل أيضا العالم القروي، وجميع التراب الوطني، سواء الجهات التي تعرف استثمارات، أو الجهات التي تعاني من نقص الاستثمارات، بغرض تحقيق التوازن وفي سبيل التغلب على معضلة البطالة»، مبينا أن «برنامج عمل الحكومة يشمل أيضا الشركات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا، من خلال الدعم والمواكبة وتبسيط المساطر، وسيتم تعميم هذه الخارطة الجديدة مع بداية السنة المقبلة، وتماشيا مع ما تضمنه قانون مالية 2025 من مستجدات في هذا المجال»، مشيرا إلى أن «توجيهات رئيس الحكومة على أن تشمل هذه البرامج الحكومية في مجال التشغيل جميع الفئات من الشباب، وعلى امتداد التراب الوطني».
تبسيط الاجراءات
تبسيط الإجراءات واتباع نهج إقليمي واجتماعي شامل، هو إحدى العقبات الرئيسية أمام التنفيذ الفعال والشفاف لسياسات التشغيل. وفي هذا الصدد، أكد يونس السكوري أن هذه المبادرة ستتميز بتبسيط الإجراءات، سواء بالنسبة إلى الباحثين عن عمل، أو بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة. «من الضروري تبسيط جميع إجراءات الحصول على المزايا، سواء للأشخاص الذين يبحثون عن عمل أو للشركات، وخاصة الشركات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة». وبحسب الوزير، تهدف المبادرة إلى تغطية كامل التراب المغربي دون إحداث فوارق، وستكون النساء والشباب وسكان القرى في قلب هذا النهج الشامل. «يجب أن تمتد هذه المبادرة إلى كامل التراب الوطني. ومسؤولية الحكومة تمتد إلى جميع الجهات، المستفيدة من الاستثمار وتلك التي تفتقر إليه. لذلك، فإن العمل المنجز اليوم وتوجيهات رئيس الحكومة تهدف إلى ضمان وأن تعود هذه البرامج بالفائدة على جميع المواطنين، سواء في القرى أو المدن، بما في ذلك النساء والشباب».