اعترف الضابط السابق في الجيش المغربي، مصطفى أديب، المقيم حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية، بإبرام صفقة مع المخابرات الفرنسية، للإدلاء بتصريحات معادية للمغرب، انطلاقا من قناة "فرانس 24"، وذلك في عز الأزمة التي اندلعت بين البلدين، خلال سنة 2014، كما أقر بتعاونه مع ضباط عسكريين فرنسيين.
وقال أديب في تدوينة نشرها بصفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، تحت عنوان "في إطار فضح بعض الأسرار، حتى تفهموا كيف تشتغل فرنسا"، إن مروره على قناة "فرانس 24" كان في إطار صفقة مع المخابرات الفرنسية وعلى أعلى مستوياتها، ولم يكن محض صدفة أو في إطار استقلالية تلك القناة، وأضاف "وكنت أعلم أن كل ما كان يدور بيني وبين المخابرات الفرنسية سوف يصل إلى الجانب المغربي". وكشف أديب أن هذه القناة لا تتمتع بالاستقلالية، مشيرا إلى أنه اشترط على المخابرات الفرنسية في بادئ الأمر أن "يظل التعاون والتنسيق بينهم وبيني، في إطار مهمة أمنية داخلية لفرنسا، سريا على أي طرف ثالث أيا كان، سيما الطرف المغربي، وقلت لهم بالحرف، يجب فصل هذا بحاجز عن باقي ما تقومون به".
وأدلى أديب بمعلومات حول علاقاته بالمخابرات الفرنسية، بالقول "أنا لست بعميل، ولست بموظف معهم حتى أتلقى التعليمات دون مناقشتها، أنا مجرد مواطن احتاجته فرنسا في مسألة تخص أمنها الداخلي ومن واجبي آنذاك تلبية النداء"، مضيفا "وعلاوة على هذا فأنا تكويني هو تكوين ضابط وليس عميل، لي قدرة على الدراسة والتفكير والاستنتاج واتخاذ القرارات، بل ولي قدرات حول اتخاذ المبادرات الصائبة والمساهمة في القرار، ولم ولا ولن أقبل أن يحاول أحد التلاعب بي".
وأكد أديب أن موظفين سامين من المخابرات الفرنسية قدموا له وعودا بأن "المخابرات المغربية لن تعلم أبدا بتعاوننا هذا، والذي تحول من مهمة لها علاقة بالأمن الداخلي الفرنسي إلى علاقة لضمان نشاطي كحقوقي ومعارض فوق التراب الفرنسي، ومراقبة مدى نشاط الأجهزة المغربية غير القانوني فوق التراب الفرنسي".
وكشف أديب في تدوينته أن المخابرات الفرنسية تنظر إلى المغاربة مثل "برگاگة" وليس كأصحاب مبادرة، وأكد أن هذه المخابرات طلبت منه التجسس لصالحها، وأضاف "كانوا لا يجدون حرجا في طلب ذلك مني وكأن جميع المغاربة هم مستعدون لذلك طواعية، بل طلبوا مني زرع جاسوس إلكتروني لأحد الصحفيين في حاسوبه كان صديقا لي، ورفضت"، وهدد بكشف متعاونين مغاربة مع المخابرات الفرنسية، بقوله "إن 90 في المائة من المتعاونين مع المخابرات الفرنسية هم مغاربة ويشتغلون في أماكن حساسة"، مشيرا إلى أن مروره على قناة "فرانس 24" كان بتنسيق مع المخابرات الفرنسية، قبل منعه بعد بضعة أشهر، إثر احتجاج المغرب رسميا على فرنسا، وذلك بتزامن مع الأزمة التي اندلعت بين البلدين إثر اقتحام أديب للمستشفى الذي كان يوجد به الجنرال الراحل، عبد العزيز بناني، وقام بشتم الجنرال والدخول في شجار مع عائلته.
وكانت المملكة المغربية أدانت هذا الاعتداء بشكل رسمي، إذ استقبل محمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات، سفير فرنسا بالرباط، شارل فري وأعرب له عن استياء المملكة الشديد لما حدث للجنرال عبد العزيز بناني، الذي كان يقضي فترة علاجه في المستشفى الباريسي، كما قامت السلطات المغربية في شخص سفير المغرب بباريس، شكيب بنموسى، بإجراءات للتنديد بهذا التصرف لدى وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، بعدما اعتبرته "تصرفا بالغ الخطورة من حيث طابعه المستفز والمهين تجاه شخصية مغربية سامية تخضع للعلاج بمستشفى عسكري فرنسي". واعتبر المغرب أن "هذا التصرف غير المقبول الذي ينضاف للعديد من الحوادث التي عرفتها خلال الشهور الأخيرة العلاقات المغربية- الفرنسية من شأنه أن يهدد بمزيد من التعقيد في مسلسل تطبيع العلاقات الثنائية"، وتقدم السفير بتساؤلات حول التساهل الذي يستفيد منه بعض الأشخاص المعروفين بسوابقهم، والذي لا يمكنه إلا أن ينعكس سلبا على العلاقات المغربية- الفرنسية.
واندلعت أزمة أخرى بين المغرب وفرنسا، بعد توصل الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، والرجل الثالث في هرم الدولة، باستدعاء للمثول أمام القضاء الفرنسي، بناء على دعوى قضائية رفعها أديب ضد أربعة صحافيين، يتهمهم بالسب والقذف في حقه، ويتعلق الأمر بكل نعيم كمال ونرجس الرغاي، ونجل كمال لحلو وجمال براوي، بسبب مقال نشر في 20 يونيو 2014، وسارعت وزارة العدل إلى الرد على ذلك، باستدعاء قاضي الاتصال الفرنسي لدى سفارة بلاده بالرباط، عبرت عن استغرابها من الاستدعاء المباشر لمواطنين مغربيين من طرف القضاء الفرنسي، واعتبرته خرقا لاتفاق التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، الذي ينص على ضرورة أن يتم الاستدعاء عن الطريق السلك الدبلوماسي عبر وزارة العدل.