خرج والد ناصر الزفزافي، مساء الاثنين الماضي، ليخبرنا أنه تلقى رسالة جديدة من ابنه ناصر يبارك فيها الحراك الجزائري ويطالب بلد المليون شهيد بالتزام نهج السلمية كخيار لرفضهم للعهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. لنسلم جدلا أن الرسالة صحيحة رغم أن الإدارة تؤكد عدم خروج أية رسالة من سجن عكاشة، وفق ما ينص عليه قانون المؤسسات السجنية، فهل الزفزافي في وضع يسمح له بتقديم الدروس لما يجري في الجزائر، البلد الذي قاوم الاستعمار الفرنسي طيلة قرن كامل، وهو الذي فشل في الحفاظ على سلمية احتجاجات اجتماعية قبل أن يحولها إلى المس بالرموز والثوابت الوطنية وقبل أن يحاول بعض المحتجين إضرام النار في إقامة كتيبة من الشرطة وهم أحياء؟
لماذا لم يحافظ الزفزافي ومن معه على السلمية المفترى عليها والسلطات الأمنية لم تتدخل في 143 مظاهرة بدون رخصة، باستثناء ثلاث مظاهرات أصرت السلطات على منعها بسبب ضمان سلامة الممتلكات العامة والخاصة وحماية السلامة الجسدية للمواطنين وممثلي القوات الأمنية؟
للأسف، والد الزفزافي بدل أن يلعب دورا مساعدا في إخماد فتيل هذا الملف الذي مازال تحت رقابة السلطة القضائية بالطرق القانونية، فإنه لا يترك مناسبة تمر دون أن يصب المزيد من الزيت على النار المشتعلة.
ولسوء حظ إضافي، فإن والد الزفزافي تحول إلى متاجر بمأساة ولده والإمعان في ارتكاب الأخطاء. فهو لا يرى أي غضاضة في اللجوء إلى لعبة الاستقواء بالخارج واستعراض العضلات في شوارع بعض العواصم الأوروبية بدعم من بعض الجهات المعادية للدولة، التي تعمل على استقطاب ضعفاء النفوس بالمال أو الشهرة أو حتى بالأفكار المغلوطة، لتحقيق مآربها السياسية. فهو يرى أن اعتقال ابنه بقضايا جنائية ثقيلة تهم أمن البلد واستقراره، يعطيه كامل الحق في اللجوء لأسلوب الابتزاز والضغط بسلاح دعم الاحتجاجات الشعبية في دولة جارة مهما اختلفنا مع قادتها.
ما ينبغي أن يفهمه الزفزافي ووالده وجميع من يبحث لكي يركّع الدولة أن هذا المشروع لن يتحقق، فاحتراف لي ذراع الدولة المغربية لن يحقق أي تأثير على القرار القضائي الذي ستصدره هيأة الحكم بمحكمة الاستئناف، والأكيد أن سياسة الاتجار بقضايا معتقلي احتجاجات الحسيمة ستعطي عكس النتائج المتوخاة منها.
تنشر بالاتفاق مع جريدة "الأخبار" الورقية