عقد الأمناء العامون لأحزاب الأغلبية الحكومية، مساء أول أمس الأربعاء، اجتماعا عاصفا بمقر إقامة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بحي الأميرات وسط العاصمة الرباط، لم يسفر عن أي اتفاق واضح حول الخلافات والصراعات التي يعرفها التحالف الحكومي.
وأفادت مصادر من الأغلبية بأن أول نقطة في جدول أعمال الاجتماع، الذي حضره الأمناء العامون لأحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، هي التصريحات الصادرة عن رئيس الحكومة السابق، والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، والتي هاجم من خلالها وزراء وقادة أحزاب التحالف، وخاصة عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وسعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، وعضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية. وحسب المصادر ذاتها، فإن العثماني تبرأ من تصريحات بنكيران، واعتبرها خرجات غير محسوبة على الحزب، لأنها "تتم خارج الهياكل التنظيمية للحزب، وخارج قنواته الإعلامية الرسمية، وبالتالي لا يتحمل الحزب أي مسؤولية في ما يصرح به بنكيران، ولا تلزم الحزب الذي يقود الحكومة". وطلب العثماني من قادة الأغلبية عدم الانسياق وراء هذه التصريحات أو الرد عليها، وذلك حفاظا على تماسك التحالف الحكومي.
وكانت أهم نقطة في جدول أعمال الاجتماع، تضيف المصادر ذاتها، هي مناقشة الخلافات داخل البرلمان بين مكونات الأغلبية حول تعديل قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، وخاصة المادة 31 من هذا القانون، التي تنص على تدريس المواد العلمية بإحدى اللغات الأجنبية. وعرف الاجتماع حضور وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، سعيد أمزازي، الذي قدم عرضا حول مسار إخراج القانون منذ إقراره في اجتماع المجلس الحكومي والمصادقة عليه في المجلس الوزاري، الذي ترأسه الملك محمد السادس، وكذلك الاجتماعات التي عقدتها لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، والتي خصصت للمناقشة العامة والتفصيلية لهذا القانون. وأكدت المصادر أن زعماء الأغلبية كان لهم موقف صريح تجاه حزب العدالة والتنمية، وانقلابه ضد القانون الذي وضعته الحكومة، حيث عبروا عن استنكارهم لتذبذب مواقف فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، الذي يساند وزراء حزبه ويعارض وزراء باقي أحزاب الأغلبية، وعرقلته لمسطرة المصادقة على هذا القانون الاستراتيجي، الذي اعتبروه "مشروعا للحكومة، وأن الأغلبية يجب أن تكون واحدة وموحدة للدفاع عنه".
وفي رده على محاكمة فريق حزبه بمجلس النواب، أكد العثماني أن الأمانة العامة اتخذت قرارا بالتوافق حول قانون الإطار المتعلق بالتعليم، وقدم وعودا لزعماء الأغلبية "بحل كل المشاكل المطروحة وتجاوزها، وذلك بتنازل فريق حزبه عن موقفه بخصوص تدريس المواد العلمية باللغة العربية". وأكدت المصادر أن اجتماع الأغلبية لم يخرج بأي صيغة متوافق عليها، لكن رئيس الحكومة تحدث عن وجود حل لدى فريق حزبه للتوصل إلى توافق في الاجتماع الذي ستعقده اللجينة المكلفة بدراسة مشروع القانون، خلال الاجتماع الذي ستعقده يوم الاثنين المقبل. كما تم الاتفاق على عقد دورة استثنائية لمجلسي البرلمان، من أجل المصادقة على هذا القانون قبل افتتاح الدورة التشريعية في بداية أبريل المقبل، والتزم العثماني بإخبار رئيسي مجلسي النواب والمستشارين بعقد هذه الدورة.
إلى ذلك، طغى على اجتماع الأغلبية موضوع الأساتذة المتعاقدين، حيث تم الاتفاق على تبني موقف الحكومة، الذي عبر عنه وزير التربية الوطنية، سعيد أمزازي، حتى لا يتم تحميل المسؤولية لأي طرف داخل الأغلبية. وأوضحت المصادر أن العثماني سيعلن عن الموقف الرسمي للحكومة بخصوص النمط الجديد لتوظيف الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بموجب عقود، واعتبره "خيارا استراتيجيا لا يمكن التراجع عنه"، وهو الموقف نفسه الذي أعلنه أمزازي، خلال ندوة صحفية خصصت لشرح "وضعية الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين"، موضحا أن تبني هذا النمط من التوظيف من طرف الحكومة جاء في إطار إرساء الجهوية المتقدمة من خلال استكمال اللامركزية واللاتمركز في قطاع التربية الوطنية وملاءمة وضعية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بصفتها مؤسسة عمومية مع مستلزمات القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيآت أخرى، وأبرز أن توظيف أطر الأكاديميات الجهوية بموجب عقود جاء أيضا لتقوية هذه الأكاديميات باعتبارها مؤسسات عمومية تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي وتتحكم في مواردها البشرية من أجل ممارسة فعالة وناجعة في مجال تدبير الشأن التربوي.