ذهب سفير تشيكيا لدى فرنسا بيتر درولاك، إلى منزل الكاتب الكبير، ميلان كونديرا، في باريس، ليسلمه شهادة جنسية وطنه الأم التي كان محروماً منها. وقال السفير في تصريح لصحيفة "لوفيغارو" أمس، إنّ ما قام به هو "عمل رمزي مهم جداً وعودة رمزية لأكبر كاتب تشيكي باللغة التشيكية". وقدّم السفير اعتذار شعبه للكاتب الذي تعرض خلال سنوات منفاه للكثير من حملات الهجوم.
وجُرّد كونديرا (90 عاماً) من جنسيته عام 1979، بعد أربع سنوات من مغادرته بلده للإقامة في فرنسا. كما تعرّض للملاحقة خلال حكم النّظام السّابق في تشيكوسلوفاكيا، وطرده الحزب الشيوعي من صفوفه عام 1950، وتحول إلى الخروف الضّال في عرف مثقّفي النّظام.
بحضور زوجته فيرا هرابانكوفا، التي لعبت دوراً في ترتيب الاجتماع، استقبل كونديرا السفير الذي أوضح أنّ الكاتب يكره الطقوس والصّور، قائلاً: "كان اللقاء بسيطاً جداً مع الكثير من الحميمية والدفء الإنساني. وكان كونديرا بمزاج معتدل، وقد تناول شهادة الجنسية مني وقال: شكراً". وأضاف أنّ المبادرة جاءت من رئيس الوزراء أندريه بابيس، الذي سبق له أن زار كونديرا أثناء وجوده في باريس لحضور مئوية الحرب العالمية الأولى. وفوجئ بابيس يومها بأنّ الكاتب الكبير صاحب رواية "المزحة" لم يستعد جنسيته التشيكية.
عند نجاحه في بلوغ فرنسا، أقام كونديرا في الطّابق الثلاثين من برج سكني في رين، غرب البلاد، التي وصفها بـ"المدينة البشعة حقاً". وكان يُدرّس الأدب المقارن في جامعتها كأستاذ زائر. وفي عام 1979 وقع عليه الاختيار للتّدريس في معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس، فانتقل إلى العاصمة. وفي السنة نفسها، جرّدته تشيكوسلوفاكيا من جنسيته، فبادر الرئيس فرنسوا ميتران، إلى منحه الجنسية الفرنسية.
وبعد خروجه من بلده، تمتع كونديرا بحرّية التعبير، وصار في وسعه، لأول مرة، أن يكتب دون خشية الملاحقة أو مقص الرقيب. وكانت رواياته قد لقيت شهرة عالمية بفضل ترجماتها إلى لغات عديدة، لا سيما "كائن لا تحتمل خفته" عام 1984، وفي عام 1995 انتقل إلى الكتابة باللغة الفرنسية مباشرة بعد تمكنه منها. وكان مما قام به مراجعته وتدقيقه لكل رواياته المترجمة إلى الفرنسية.