يوجد في هولندا أدباء وكتاب وفنانون عرب من الكثير من البلدان العربية وأكثر هؤلاء الكتاب من شمال إفريقيا والمغرب تحديدا ومن العراق ومصر وسوريا وهناك رسامون ومسرحيون كثر يساهمون في إثراء الحياة الثقافية في هولندا وفيهم من أصبح مشهورا. من المعروف أن الجالية المغربية قديمة في هولندا، وهنا أكثر من أربعة أجيال منهم الآن، حتى أن سيدة مغربية في السنوات الماضية أصبحت رئيسة للبرلمان الهولندي.
ونستطيع أن نتحدث عن مجتمع مغربي مصغر في هولندا فيه الشاعر والكاتب والمسرحي والرسام والمطرب أيضا، وهؤلاء يقدمون إبداعاتهم في الحياة اليومية وفي المهرجانات السنوية ويظهرون على شاشات التلفاز وفي الصحافة بشكل مستمر ومنهم من يظهر في الإعلانات كنجم مثل المطرب علي ب.
ورغم أنني لا أملك أية إحصائية دقيقة عن عدد الأدباء والكتاب العرب في هولندا، لكن عندما تحضر في المهرجانات الأدبية المهمة ستلتقي بالكثير منهم، وبالتأكيد أكثر الأدباء العرب هم من المغاربة ممن ترعرعوا في هولندا أو ولدوا فيها. يندر أن تكون هناك فعالية ثقافية في جميع المدن الهولندية لا يكون للمثقفين المغاربة حضور فيها. بطبيعة الحال مع المثقفين العرب الآخرين من العراق وسوريا ومصر وتونس والجزائر، غير أن حصة الأسد دائما تكون للمغاربة لأنهم أكبر الجاليات العربية في الأراضي المنخفضة ويجيدون اللغة الهولندية بطريقة مدهشة.
وأغلب الكتاب والشعراء المغاربة يكتبون باللغة الهولندية خصوصا من ولد منهم في هولندا، ولدي ثلاثة أصدقاء هم حفيظ بو عزة الذي ترجم عيون الأدب العربي الى اللغة الهولندية والكاتب عبد القادر بن علي الذي كتب كل رواياته باللغة الهولندية مع أنه يجيد أكثر من لغة، والشاعر مصطفى ستيتو والراحلة نعيمة البزاز وغيرهم أقل شهرة من هؤلاء. في منتصف السبعينات كان الهولنديون يشعرون بالسعادة حينما يسمعون العمال المغاربة يتكلمون باللغة الهولندية، وبالمناسبة فاللغة الهولندية من أصعب اللغات الأوربية والهولنديون يعترفون بذلك بمناسبة أو بدونها.
ولهذا تهتم الصحافة والتلفزيون بهم وتفرد لهم مساحات كثيرة في الثقافة الهولندية خصوصا عندما يصدر أحدهم كتابا جديدا، أو حين يتوج بجائزة ما، حيث يستضيفه التلفزيون وتكتب عنه الصحف مقالات نقدية تسلط الضوء على نتاجه وجوائزه وتقدمه للجمهور بطريقة لائقة. وكمثال فاز الكاتب والشاعر عبد القادر بن علي بأكثر من جائزة كما فاز الشاعر مصطفى ستيتو بجائزة شعرية مهمة حصل عليها كبار الشعراء الهولنديين. هناك الكثير من البرامج الثقافية التي تهتم بالكتب الصادرة حديثا، خصوصا المكتوبة باللغة الهولندية مباشرة من قبل الكتاب الأجانب.
كما تهتم الجامعات الهولندية بهذه الإنجازات وتستضيف الكثير من الكتاب والشعراء للحديث عن تجاربهم الشخصية الإبداعية وتقدمهم لطلاب الجامعات في الدراسات الإنسانية بوصفهم مبدعين من خارج الثقافة الهولندية ويكتبون مباشرة باللغة الهولندية مما يعد إنجازا خاصا لهؤلاء الكتاب خصوصا في جامعة لايدن العريقة وجامعة أمستردام.
وأغلب التيمات التي تتناولها أعمال هؤلاء الكتاب والشعراء هي المنفى والحرية والهجرة والغربة والاضطهاد، إذ أن الكثير من الكتاب والفنانين هم من اللاجئين والمنفيين. بطبيعة الحال هناك اهتمام كبير بالأدب الذي تنتجه المرأة نظرا للنظرة السائدة عن طبيعة المجتمعات العربية التي لا تمنح المرأة الحق في الاهتمام بالأدب والفن. في الفترة الأخيرة أصبح الاهتمام بموضوعة الإرهاب كبيرا بعد ظهور داعش في المنطقة العربية ومشاركة الكثير من العرب والمسلمين في هذا التنظيم، وقد كان من المؤسف جدا انتحار كاتبة حرة مثل نعيمة البزاز التي انتقدت في كتاباتها التطرف الإسلامي في الداخل والخارج وهي خسارة كبيرة للأدب المغربي والهولندي.