لا تخلو سماء الحياة الشخصية للفنانين من غيوم واضطرابات وبرق ورعد، فالمشاكل الأسرية تخترق دون استئذان المعيش اليومي لأهل الفن، ولأنهم يصنفون في خانة المشاهير فإن الإعلام يجد من هذه المشاكل مادة دسمة تستقطب آلاف المتتبعين لإبداعاتهم ولنكباتهم أيضا.
صحيح أن الفنانات أكثر عرضة للمطبات التي تتجاوز حدود الزواج والطلاق والمشاهد المخلة بالحياء، إلا أن المعارك التي تندلع في الوسط الأسري تكون أكثر وقعا من باقي المشاكل التي تظهر خارج المحيط العائلي، أي في عالم الفن.
ما هي أسباب الخلافات التي تندلع داخل الأسر والعائلات الفنية؟ وما هو تأثيرها على مسار الفنانين؟ وكيف السبيل لوقفها، خاصة حين تتحول المعارك الكلامية إلى كشف عن العورات وإفشاء أسرار البيوت؟
يرى كثير من المتتبعين للمشهد الفني أن عنصر "الغيرة المهنية" له يد في ما يحصل من مشاكل، وتزداد حين تجمع بين الفنانين آصرة القرابة أو رابطة الدم، حيث يعمل كل طرف على تأكيد مكانته ويسعى إلى بسط هيمنته وتقليص حجم إشعاع الطرف الآخر. تلتهم الغيرة الرصيد الفني وتخدش المعارك التي تدور رحاها في جبهة الإعلام، الصورة المشرقة التي سكنت ذاكرة الجمهور، قبل أن يتحول عشاق هذا الفنان أو ذاك من متتبعين للجوانب الإبداعية إلى متلصصين على الحياة الخاصة، وفي أحسن الأحوال إلى متفرجين على الصراع والتراشق اللفظي وتبادل الاتهامات وأحيانا تكون للمعركة فصولا في المحكمة.
تتسع رقعة العداء بين مكونات الأسرة الواحدة، فيصطف أفراد منها إلى جانب هذا الطرف ويرابط آخرون في الجبهة المقابلة، فيدخل الغرباء على خط المعركة منهم من يباشر مساعيه الحميدة ومنهم من يصب البنزين على النار المشتعلة فيصعب احتواؤها، وتصبح عداوتهم أشد وقعا من العداوة التي تنشب بين الأصدقاء أو الغرباء، وغالبا ما تعمي الشهرة والمجد عيونهم.
المشكلة تتعدى الوسط الفني المغربي بل تتجاوزه إلى العربي ثم العالمي، وغالبا ما تبدأ بتصريح خارج النص تتناقله وسائل الإعلام بنية الإثارة، فيأتي الرد والرد المضاد وينضم الإخوة والأشقاء إلى جبهات القتال فتتسع رقعة المعركة.
في هذا الملف، نقف على أبرز المنازعات العائلية في الوسط الفني المغربي.
معركة عائلية في بيت الغاوي وعلاج بأغنية «الخاوة»
ظهر الفنان المغربي عبد العالي الغاوي في شريط بالصوت والصورة، يعبر عن غضبه تجاه شقيقه محمد الغاوي، على خلفية الصراع القائم بين الإخوة، مؤكدا وقوفه إلى جانب شقيقاته ضد شقيقهم الأكبر، ومشيرا إلى أن كل ما قيل من طرفهم تجاه محمد الغاوي هو كلام صحيح لا غبار عليه، كما وصفه بالمجنون. وقد توعد بتصريحات خطيرة ومثيرة يفضح فيها المستور والحقيقة كاملة.
بدأت قصة هذه المعركة بعد أن شارك محمد الغاوي في برنامج «فاص أفاص» مع المذيعة شهرزاد عكرود، والذي صرح خلاله بأن شبابه كان مليئا بالمعاناة، متحدثا عن اضطراره إلى العمل لأنه كان مسؤولا عن والديه وأشقائه الخمسة. إذ خرج بعدها خمسة من أشقائه في شريط مركب ومدته 11 دقيقة، يصرحون بأن محمد الغاوي حاول استعطاف الجمهور المغربي باختلاق قصة لا أساس لها من الصحة، مؤكدين أن شقيقهم الأكبر لم يساعد والدهم في تربيتهم، بل كان يقترض المال منهم ولا يعيده، إضافة إلى تجاهله والدته بعدما أصبح ميسور الحال.
ومن جهته، رد محمد الغاوي على كل ما صرح به أشقاؤه قائلا: «إن شقيقه وزميله في الفن عبد العالي الغاوي، هو من حرض إخوته ضده، مجبرا إياهم على أن يظهروا مجددا على مقاطع شريط حاملين القرآن الكريم. وإنه منذ 24 سنة وهو يحاربه ولا يريده أن يصرح في أي منبر إعلامي بأنهم كانوا فقراء، كما أن الجيران شاهدون على ما يقوله وعلى كل ما قام به في حق إخوته»، قبل أن يدعوهم في مقطع آخر إلى الصلح ونسيان كل ما وقع، مؤكدا أن كل ذلك من تحريض شقيقه عبد العالي الغاوي الذي يطارده في كل مكان لمنعه من ممارسة فنه في هدوء، على حد قوله.
وحين أصبح خلاف أسرة الغاوي على كل لسان، أعلن محمد عن استعداده لتذويب جليد الصراع العائلي بأغنية قال إنه بصدد تحضيرها في موضوع الأخوة، بعد المشكل الذي اندلع بينه وبين إخوته منهم الفنان عبد العالي الغاوي، مضيفا أن مساعي الصلح قد أفضت إلى إخماد النيران، مبرزا أن الأغنية التي يحضرها تعالج موضوع «الخاوة» وتقدم من خلال كلماتها بشائر المحبة.
تبقى الإشارة إلى محاولة بعض الفنانين والصحافيين سل شعرة الخلاف من العجين العائلي، أبرزهم مساعي الفنانة نجاة اعتابو والفنان حسن ديكوك، باعتبارهما نموذجا في نبذ الخلافات بحكم العلاقات التي تجمعهما بعد الطلاق.
غياب العرباوي وابنة الستاتي عن حفل زفاف يكشف عمق الخلاف
حين أقيم أخيرا بمدينة الدار البيضاء حفل زفاف ماجدة العرباوي، ابنة الفنان الشعبي عبد العزيز العرباوي، الشهير بـ«الستاتي»، تبين أن الغيابات الوازنة تكشف عمق أزمة داخلية في الوسط العائلي، إذ سجل غياب ميلود العرباوي، أخ الستاتي، والذي لعب دورا كبيرا في المسار الفني لشقيقه، كما سجل غياب ابنة الستاتي المثيرة للجدل إلهام العرباوي، في الوقت الذي حضر عدد مهم من نجوم الفن والغناء والإعلام، من بينهم خالد البوعزاوي، الشيخة الطراكس، عبد الرحيم الصويري، سعيدة شرف، عبيدات الرمى، التوأمان هناء وصفاء، والإعلامي رشيد العلالي.
على حسابها في موقع «إنستغرام» وعبر تطبيق «ستوري»، كشفت المطربة إلهام من خلال تدوينة قالت فيها إنها وحيدة ولكنها قوية، وتابعت في تبريرها للإقصاء من حضور زفاف شقيقتها: «هاد الإقصاء عندو علاقة بالموسيقى».
وأبرزت الشابة إلهام العرباوي أنها ابنة الفنان عبد العزيز الستاتي، وأنه ينكرها في خرجاتها الإعلامية بسبب تصرفاتها «غير اللائقة»، حسب قولها، مشيرة إلى أن ولوجها عالم الراب قد أغضب والدها ومحيطها الأسري، بل إن الستاتي ينكر أنها ابنته بسبب «هاد شي اللي كندير». وأبرزت إلهام بأن غيابها عن الحفل جاء بقرار من والدها، الذي يستغل كل فرصة للتخلص منها وعدم الاعتراف بها ضدا على دفاتر الحالة المدنية.
وأنكر الستاتي ابنته إلهام في عديد الخرجات الإعلامية، ما دفعها بدورها إلى النفي، كما أن ظهورها في صور ومقاطع غير لائقة زاد من الاحتقان، خاصة وهي تدخن رفقة نجوم الراب، وتعلن نهاية علاقتها العائلية مع والدها مرددة: «أنا إلهام ماشي بنت الستاتي»، قبل أن تعترف بالعكس في مقابلتها أخيرا مع برنامج فني.
وقامت إلهام بمواعدة عدد من مغني الراب الشباب، وظهرت في مقاطع فيديو وهي تدخن وتتلفظ بكلام غير لائق، الأمر الذي دفع الستاتي إلى التبرؤ منها، بالرغم من أن ابنته أصبحت تضاهيه في نسبة المتابعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
أما ميلود العرباوي، شقيق الفنان الشعبي عبد العزيز الستاتي، فقد رافق عبد العزيز في مساره كفنان ومنتج ومخرج للأشرطة الغنائية السمعية والبصرية والأفلام السينمائية، ولعب دورا كبيرا في حياته الفنية، قبل أن تتسلل إلى علاقتهما خلافات بسيطة حفرت بينهما خنادق الصراع، تجسد في قطيعة فنية دامت طويلا.
نزاع قضائي بين تيحيحيت وشقيقتها بسبب اسم
ليست قضية نزاع الشقيقتين تيحيحيت (اسمها العائلي بانو) وليدة اليوم كما تكشف عن ذلك مواقع التواصل الاجتماعي، بل تعود وقائعها لعشر سنوات خلت، بعد اتهام الفنانة فاطمة تيحيحيت بالاستحواذ على نسخة من عقد ازدياد شقيقتها الكبرى فاطمة بانو وتقديمها إلى الإدارة الترابية لطلب الحصول على البطاقة الوطنية الخاصة بها، وهو ما جعلها تحصل عليها باسم أختها الكبرى، وبالتالي تم إلغاء طلب البطاقة الوطنية لشقيقتها التي لم تعد تتوفر على البطاقة الوطنية. القضية المثيرة للجدل عرفت أطوارها المحكمة الابتدائية بالصويرة سنة 2007، وأحيلت على محكمة الدار البيضاء التي قررت حفظ الدعوى لعدم وجود مبرر للرايسة لانتحال صفة شقيقتها الكبرى. وعرفت القضية دخول مجموعة من الجمعيات الحقوقية والنسائية على الخط، لكن دون جدوى.
تجدد النزاع بين الشقيقتين، بعد أن ظهرت الأخت الكبرى في مقطع شريط فيديو انتشر على نطاق واسع من طرف الفاعل الجمعوي «حمزة الحزين»، تتهم فيه أختها الفنانة الأمازيغية فاطمة بتهمة التزوير، موضحة أن الأمر تسبب لها في العديد من المشاكل، خصوصا أن الفنانة الأمازيغية أخذت معها كل الوثائق التي تثبت هوية أختها.
وظهر في مقطع الفيديو نفسه شاب يدعي أنه ابن أخت تيحيحيت وأنه مستعد للإدلاء بأدلة لكل من يكذبه ويكذب عائلته، موضحا أنه هو الآخر عانى من مشكل والدته، لأنه طالب ولا يستفيد من المنحة التي تقدمها الجامعة للطلاب، بسبب عدم توفر أمه على وثيقة تثبت هويتها. أخذت القضية منحى آخر، بعد أن دخلت من جديد ردهات المحكمة، واعترفت الأخت الكبرى للقضاء أن شقيقتها الصغرى تدعى زهرة وليس فاطمة، وهو الاسم الذي اشتهرت به فنيا وعالميا.
وفي ردها على ادعاءات شقيقتها أكدت المطربة تيحيحيت عدم صدق ادعاءات شقيقتها، مضيفة أن والدها هو من يتحمل مسؤولية ما وصفته بالخطأ، بحكم أن الشقيقتين تحملان نفس الاسم «فاطمة»، مشيرة إلى فضلها على أختها الكبرى، نافية وجود حالة تزوير، داعية القضاء إلى قول كلمة الفصل في النازلة، متسائلة: «فين كانت هذا السيدة 50 سنة هادي؟ إلى كان عندها هي ورجلها شي مشكل ولا شي موصيبة مع الدولةوماقدراتش دير وراقها وبغات ديرهم على ظهري الله وأعلم».
حالة شقاق بين الأخوين البدوي بسبب الوصاية
ظهرت بوادر صراع خفي بين الأخوين البدوي، وحل الشقاق بدل الوفاق بعد أن عجز رفاق الدرب عن تطويق خلاف أخوي بين الرجلين، لكن الأمر توقف عند حدود الانفصال والبحث عن لقمة العيش خارج نطاق الفرقة الأم، دون اللجوء إلى القضاء.
كشف عبد الرزاق البدوي رئيس «مسرح البدوي 65 الاستمرار»، وأحد مؤسسي فرقة البدوي إلى جانب شقيقه، عن غضب العائلة من بعض تصريحات عبد القادر التي تناول فيها حكاية اشتغاله المبكر في شركة التبغ، وكيف كان يساعد والده على إعالة أفراد الأسرة، وقال عبد الرزاق: «والدنا لم يتوقف عن العمل في شركة التبغ التي اشتغل فيها كتقني لمدة أربعين سنة إلى حين تقاعده ونيله وسام الاستحقاق المهني، بعد إحالته على التقاعد».
وأضاف أن المرحوم لم يكن في حاجة إلى من يساعده على إعالة أسرته، بل «قام بترحيل الأسرة من حي درب الفقراء إلى حي بولو بالدار البيضاء، حين اقتنى فيلا، فضلا عن تمكين عبد الرحيم من الدراسة الجامعية في فرنسا». وأشار عبد الرزاق إلى أن التحاق والده بمصنع التبغ جاء بناء على طلب من إدارته الفرنسية باعتباره تقنيا، وهو ما تطلب رحيل الأسرة من طنجة للاستقرار بالدار البيضاء.
وأوضح عبد الرزاق أن شقيقه عبد القادر رفض تسمية الفرقة في بدايتها بـ«فرقة الأخوين البدوي»، وأصر على أن يسقط كلمة الأخوين من التسمية، قبل أن يحصل الانفصال ويختار كل شخص طريقه في عالم أم الفنون، حيث يعتمد عبد القادر على أسرته في إدارة الفرقة، بينما يدير عبد الرزاق وزوجته عائشة ساجد شؤون مجموعتهما المسرحية في ما بشبه القطيعة مع الأخ الأكبر.
انتقلت أسرة البدوي إلى الدار البيضاء، بعد أن تم تنقيل والده للاشتغال في فرع شركة التبغ بالعاصمة الاقتصادية، وقال عبد القادر في تصريح سابق لـ«الأخبار» إنه توقف عن التعليم واضطر إلى مغادرة المدرسة بعد أن توقف والده عن العمل، ليقرر الاشتغال المبكر في مصنع التبغ بدرب مارتيني الذي لا يبعد عن مقر سكناه وعمره حينها 15 سنة، في فترة كان يستعد فيها للتوجه إلى القرويين، وعلى امتداد عمله ظل الفتى يسلم راتبه البسيط لوالده دون أن يجرؤ على فتح الظرف أو يعلم بقيمة الأجر.
عائلة باطما.. خلافات فنية في بحر الغيوان
قبل أن تعانق دنيا باطما عالم الفن ويصعد نجمها إلى الأعلى، ظل الصراع في وسط هذه العائلة الفنية محتدما لكنه نادرا ما يتجاوز حدود الحي المحمدي، خاصة وأن العائلة التي تشبعت بالفن آثرت في كثير من الصراعات الصمت ولجأت إلى حكماء العائلة لإنهاء الخلاف.
لا أحد ينكر تشبع دنيا بالفن الغيواني، ولا ينفي أحد استنشاق خنساء للفن من والدين ارتبطا وجدانيا بالطرب والنغمة، فوالدها الراحل محمد باطما ووالدتها سعيدة بيروك كانا عضوين أساسيين في مجموعة «لمشاهب»، إلا أن خنساء انتقلت من وريثة للأغنية الشعبية إلى ممثلة لأسلوب جديد بتأثيرات أجنبية وشرقية، أي إنها دخلت نفس مربع عمليات ابنة عمها دنيا، حينها دقت طبول الحرب بينهما، وكان الفضاء الأزرق مسرحا للغارات الفايسبوكية بين الطرفين.
وانضمت شهرزاد وهي شقيقة خنساء إلى جبهة الصراع، وهاجمت ابنة عمها، دنيا باطما، في لقاء إعلامي، وانتقدت بشكل لاذع حديثها عن حياتها الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، الموقف نفسه اتخذه طارق، نجل الفنان الراحل العربي باطما، عضو مجموعة الغيوان، في تصريحات قوية ضد ابنة عمه نجمة برنامج «عرب أيدول».
وأكد طارق في حديث لصحيفة «الصباح» أن شهرة ابنة عمه جلبت المشاكل لعائلة باطما، حيث أصبح أفرادها عرضة للسب والشتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واصفا العلاقة بالمتوترة. وقال موجها كلامه إليها: «لا ينبغي أن تدلي بتصريحات كلما اقتنيت خاتما ثمينا أو قميصا أو حذاء فاخرا، لأن الجمهور بحاجة إلى المادة الفنية وليس إلى الاستماع إلى مثل هذه التصريحات».
ونالت دنيا باطما رصيدا أكبر من الشهرة، مقارنة مع باقي مكونات العائلة الفنية. وكانت دنيا قد ولدت في فاتح أبريل من سنة 1991 بمدينة الدار البيضاء، وتحديدا في الحي المحمدي وسط أسرة فنية، حيث إن القاسم المشترك بين جميع مكوناتها هو الطرب بكل أنواعه، سيما وأن دنيا هي ابنة حميد باطما، شقيق الراحل العربي باطما، أحد مؤسسي الفرقة الغنائية «ناس الغيوان»، كما أن عمها الراحل محمد باطما كان أحد رموز المجموعة الغنائية «لمشاهب» وعمها الأصغر رشيد هو أيضا عضو بفرقة «ناس الغيوان»، بعد أن كانت انطلاقته من مجموعة «مسناوة». دنيا هي ابنة عم الفنانة خنساء باطما والفنان طارق باطما، وغيرهما من مكونات عائلة باطما.
عائلة ميكري.. أنشودة نزاع من الشرق
أغلب أفراد عائلة ميكري درسوا الموسيقى، فالبداية كانت مع حسن ميكري في بداية الستينات، قبل أن يلتحق به محمود الذي تابع النهج نفسه، في وقت كانت جليلة تؤدي ما ينتجه إخوانها. لكن الانتماء لعائلة ميكري الفنية لا يعني بالضرورة تفريخ فنان، لأن عددا من أفراد العائلة اختاروا مسالك أخرى بعيدا عن الفن، وفضلوا مسارات مغايرة وبعيدة كل البعد عن غمار العزف. إذ منهم من توجه إلى الهندسة ومنهم من عرج على الطب.
في طفولته المبكرة استأنس الطفل ناصر ميكري، نجل حسن ميكري، الفنان والرئيس المؤسس للمجلس الوطني للموسيقى، بالفضاء الفني الذي وجد نفسه فجأة بين جدرانه وكأنه ولد في معهد موسيقي، وعلى غرار والده حسن ميكري الذي نشأ في وسط أسرة وجدية يهتم أفرادها بالفن خاصة الوالدين، مما ساهم في توجيه الأبناء نحو عشق اللحن والكلمة، استفاق ناصر على إيقاعات موسيقية، لكنه وبتوجيه من أب عارف بقواعد الغناء، دخل مجال الفن الموسيقي بعد أن درسه بالمعهد الوطني للموسيقى لمدة فاقت الست سنوات، حتى تحول إلى خبير في «الصولفيج» وآلة الغيتار. يرفض ناصر أن يقترن دخوله المجال الفني بتأشيرة من والده حسن أو لمجرد انتسابه إلى عائلة ميكري، كما يرفض المرور عبر بوابة الوراثة، في إصرار غريب على مبدأ الاستقلال الفني.
فجأة نشب خلاف عرضي بين يونس ميكري والفنان ناصر ميكري، نجل شقيقه حسن، وأصبح في فترة من الفترات حديث الوسط الفني بالمغرب، قبل تذويب جزء منه. على إثر الانتقاد الذي وجهه يونس إلى ناصر ومطالبته له بالبحث له عن أسلوب غنائي جديد وخاص به، بدلا من الاعتماد على النمط الموسيقي الذي اشتهرت به محليا وعربيا مجموعة «الإخوان ميكري». ومما زاد من حدة هذا الخلاف هو تزامنه مع النجاح الذي بات يحققه ناصر في جولاته الفنية.
تأجج غضب ناصر الذي اعتبر تصريح عمه بمثابة طعنة من الخلف، وظهر في شريط فيديو موضحا طبيعة خلافه مع عمه، حيث أكد في حوار مع مجلة «سيدتي» أن الشهرة التي حققها عمه يونس الذي ينتقده اليوم اعتمد خلالها بدوره على الموسيقى (الميكرية) حين ولوجه الميدان الفني، ليبني شهرته من خلال النجاحات التي كانت تحققها مجموعة «الإخوان ميكري»، بما في ذلك ولوجه إلى عالم التمثيل ومشاركته في الأعمال التلفزيونية والسينمائية. «خطواتي الفنية مدروسة ورحلتي الفنية متواصلة، ولا أحد يستطيع أن يمنعني من أن أصبح اليوم واحدا من فرقة «الإخوان ميكري»، الذي يعد والدي حسن عضوا فيها». واستدرك ناصر بأنه كان يتمنى لو أن عمه يونس انضم إلى كوكبة الذين يشجعونه من أصدقاء وإعلاميين ووالديه بالدرجة الأولى، عوض انتقاده ومحاولة شل مسيرته الفنية.
لكن رغم محاولة الفصل بين التوريث والموهبة في مسار ناصر، إلا أن تأثره بالبيئة الفنية التي نشأ فيها لا ينكره إلا جاحد، سيما حين يفتح طفل عيناه على غيتار، ويرافق والده وعمه وعمته إلى استوديوهات التسجيل، ويجد من يأخذ بيديه ليشارك في برامج اكتشاف المواهب الشبابية، بل إن والده حسن هو من تولى كتابة كلمات أغنية «باغي نفهم»، التي أداها ناصر.
مات المنتج حميد العلوي فدخل الصراع ردهات المحاكم
قبل وفاته بشهور، دخل المنتج الفني محمد حميد العلوي في صراع مع زوجته الخامسة الفنانة إيمان الوادي، انتهى بانفصال وتبادل للقصف، وحين توفي نشبت حرب جديدة بين الفنانة أرملة الراحل وابنة العلوي هند تحولت إلى ردهات المحاكم.
حين تدهورت الوضعية الصحية لحميد منذ أكثر من خمس سنوات خلت، لوحظ غياب إيمان عن التجمعات العائلية وعن سرير مرض العلوي الذي يعد أحد كبار المنتجين الفنيين، وكان وراء تألق العديد من الفنانين، حتى لقب بـ«صانع النجوم»، علما أنه طليق الفنانة الشهيرة لطيفة رأفت، قبل أن يرتبط في ما بعد بإيمان الوادي التي لم يكتب لها أن تكون بجانبه وهو على سرير الموت، نظرا لخلافات عائلية عميقة.
لم تنته الحرب الكلامية بوفاة الراحل، بل امتدت عبر الصحف الالكترونية، خاصة حين خرجت ابنته هند إعلاميا، وكشفت عن سر الصراع وقالت إن إيمان لم تلتزم بطقوس الوفاة وإنها شاركت في حفلات غنائية قبل أن يندمل الجرح.
كشفت ابنة المرحوم، طليق الفنانة لطيفة رأفت، عن معاناتها القاسية مع زوجة أبيها المتوفي، حيث كشفت في تصريح أنها تعرضت للهجوم من طرفها مباشرة بعد وفاة والدها، في أكثر من شريط صوتي.
في جبهة أخرى، كشف الملحن والموسيقي نور الدين طنطاوي، وكيل أعمال لطيفة رأفت، عن معطيات صادمة عن بدايات الفنانة المغربية التي كان يدير أعمالها، واستنكر إقصاءها له «ونكرانها للجميل الذي قدمه إليها، بعد أن كانت قد سقطت في الوحل»، حسب تعبيره، خاصة بعد طلاقها من الملحن حميد العلوي، هذا الأخير كان على فراش المرض، لكنه دافع عن رأفت بتدوينة شهيرة قال فيها: «لم أكن أتوقع منه ذلك لمعرفتي به وبعائلته وبالوسط الطيب الذي كبر وترعرع فيه، أشهد إذا كان الأمر بحاجة إلى شهادة أن السيدة لطيفة رأفت كانت زوجة ولا زالت صديقة عزيزة ولا مجال هنا للخوض في تفاصيل طلاقنا، فكما يقال البيوت أسرار وما من بيت خلا من خلافات ومشاحنات.. وقع بيننا أبغض الحلال انتهى معه الزواج، لكن الاحترام والتقدير ظل حاضرا».