خلصت دراسة جديدة من «كونسيومر ريبورتس»، نُشرت في 14 أكتوبر 2025، إلى أن بعض منتجات البروتين هذه تحتوي على مستويات خطيرة من الرصاص، بالإضافة إلى معادن ثقيلة أخرى مثل الكادميوم والزرنيخ. وعند المستويات العالية، فإن هذه المواد تحمل مخاطر صحية خطيرة.
جرعة مثيرة للقلق
يقول موقع «ساينس أليرت» إن الرصاص وغيره من المعادن الثقيلة توجد بشكل طبيعي في التربة والماء، لذا؛ فإن تحقيق التعرض لمستوى صفر سيكون مستحيلا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مستوى التعرض للرصاص الذي تعده «كونسيومر ريبورتس» آمنا أقل بكثير من تلك التي حددتها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
بغض النظر عن حد الأمان، تظهر الدراسة أن بعض المنتجات تحتوي على جرعة مرتفعة مثيرة للقلق من المعادن الثقيلة في كل حصة.
قيمت الدراسة الجديدة 23 منتجا من مساحيق ومشروبات البروتين الجاهزة من شركات مشهورة، ورأت «كونسيومر ريبورتس» أن أي كمية تزيد على 0.5 ميكروغرام يوميا من أي مصدر واحد تتجاوز أعلى مستويات الرصاص الموصى بها. هذا الرقم مستمد من «مكتب كاليفورنيا لتقييم الخطر الصحي البيئي»، الذي وضع أعلى مستويات موصى بها لمختلف المواد التي قد تسبب السرطان أو ضررا للأجنة.
هذا المعيار أكثر تحفظا بكثير من معيار الأمان للتعرض للرصاص الذي تستخدمه «وكالة الغذاء والدواء» والمكملات. ووفقا لـ«وكالة الغذاء والدواء»، فإن الحد الأقصى لكمية الرصاص التي يجب أن يستهلكها الشخص من أي منتج واحد من مكملات الغذاء هو 5 ميكروغرامات يوميا. هذا الرقم يزيد بعشرة أضعاف على حد «كونسيومر ريبورتس».
ووجدت الدراسة أن 16 من أصل 23 منتجا اختُبرت قد تجاوزت 0.5 ميكروغرام، وهو مستوى الرصاص في الحصة الواحدة الذي تعده المنظمة آمنا.
كانت أربعة من أصل 23 منتجا قد تجاوزت 2.2 ميكروغرام، وهو الحد الأقصى الذي وضعته «وكالة الغذاء والدواء» للكمية اليومية الإجمالية من الرصاص التي يجب أن يستهلكها الأطفال. واحتوى منتجان على 72 في المائة و88 في المائة على التوالي، من الكمية اليومية الإجمالية من الرصاص التي تعدها «وكالة الغذاء والدواء» آمنة للحوامل.
بالإضافة إلى ذلك، وجدت «كونسيومر ريبورتس» أن منتجين من أصل 23 منتجا قدما كمية أكبر مما تعده آمنة من عنصر الكادميوم في كل حصة، وأن منتجا واحدا احتوى على كمية من الزرنيخ أكبر من الكمية الموصى بها.
يبلغ حد الأمان الذي تعتمده المنظمة للكادميوم 4.1 ميكروغرامات يوميا، وللزرنيخ 7 ميكروغرامات يوميا. وهذه الأرقام تطابق إلى حد كبير حد التعرض الذي توصي به «وكالة الغذاء والدواء» للكادميوم والزرنيخ من منتج واحد. فأما الكادميوم، فحد الوكالة هو 5 ميكروغرامات يوميا لمكمل غذائي معين، وأما الزرنيخ فحده 15 ميكروغراما يوميا.
وقد وجدت الدراسة أن مصادر البروتين النباتية احتوت على كمية من الرصاص تزيد تسعة أضعاف على ما وُجد في بروتينات الألبان مثل الشرش، وضعف ما وجد في بروتين اللحم.
سم صامت بمكملات البروتين
يُعتبر الكادميوم، بحسب إدارة السلامة والصحة المهنية التابعة لوزارة العمل الأمريكية، مادة مسرطنة سامة أيضا للقلب، والكلى، والأمعاء، والدماغ، والجهاز التنفسي والتناسلي.
وقالت جاكلين بوين، المديرة التنفيذية لمشروع Clean Label، وهي منظمة غير ربحية مكرسة لوضع العلامات الشفافة على الأغذية، والتي أصدرت التقرير الجديد: «في المتوسط، تحتوي مساحيق البروتين العضوية على ثلاثة أضعاف كمية الرصاص، ومرتين كمية الكادميوم مقارنة بالمنتجات غير العضوية».
ووفقا للتقرير، تحتوي المساحيق النباتية مثل تلك المصنوعة من فول الصويا، والأرز، والبازلاء، والنباتات الأخرى، على ثلاثة أضعاف كمية الرصاص الموجودة في المنتجات القائمة على مصل اللبن. (مصل اللبن هو المنتج الثانوي السائل لصناعة الجبن).
تمتص النباتات بشكل طبيعي المعادن الثقيلة من قشرة الكوكب، لكنها يمكن أن تحتوي على مستويات مرتفعة، إذا نمت في تربة ملوثة بشكل أكبر بالتعدين، والنفايات الصناعية، وبعض المبيدات الحشرية والأسمدة.
وجاء في التقرير أن ثمة مصدرا رئيسيا آخر للتلوث في مساحيق البروتين يتمثل بنكهة الشوكولاتة.
وأشارت بوين إلى أن «مساحيق البروتين بنكهة الشوكولاتة تحتوي على أربعة أضعاف الرصاص، ونحو 110 أضعاف الكادميوم بطريقة تُضاهي المساحيق بنكهة الفانيليا».
رغم كونها غنية بالفلافونويد، ومضادات الأكسدة، والمعادن المفيدة الأخرى، فإن عنصري الكاكاو والشوكولاتة الداكنة يحتويان على مستويات عالية من المعادن الثقيلة.
وتوصلت دراسة أجريت في يوليوز 2024، أن 43 في المائة من ست دزينات لمنتجات الشوكولاتة الداكنة تجاوزت الحد الأقصى المسموح به لجرعة الرصاص الوارد في اقتراح كاليفورنيا 65، أي 0.5 جزء في المليون.
ولفتت بوين إلى أن «ملوث المعادن الثقيلة يمثل مشكلة عالمية تتعلق بسلامة الغذاء. هذه الملوثات موجودة في كل مكان تقريبا، من بينها تلك التي يُروج لها كأغذية صحية».
وأفاد مجلس التغذية المسؤولة (CRN)، وهو جمعية صناعية تمثل مصنعي المكملات الغذائية، بأن التقرير الجديد لم يوفر شفافية كافية حول المعايير المستخدمة لعتبات التلوث، وكيفية اختيار المنتجات.
وقالت أندريا وونغ، نائب الرئيس الأول للشؤون العلمية والتنظيمية لدى CRN، إنه «من دون مثل هذا الوضوح، لا يستطيع المستهلكون وأصحاب المصلحة في الصناعة تقييم صحة الادعاءات بشكل كامل».
وتابعت وونغ: «يمكن للتقنيات التحليلية الحديثة اكتشاف حتى مستويات ضئيلة من العناصر الطبيعية، مثل المعادن الثقيلة، الموجودة في التربة والهواء والماء. غالبا ما تكون هذه المستويات الضئيلة أدنى بكثير من عتبات السلامة المحددة من قبل الوكالات الفيدرالية، مثل إدارة الغذاء والدواء (FDA) ووكالة حماية البيئة (EPA)».
أخبار جيدة عن مادة BPA
بالنسبة إلى التحقيق الجديد، فقد اشترى مشروع Clean Labelما عدده 160 منتجا من 70 من أفضل العلامات التجارية مبيعا لمساحيق البروتين. لكن، لم يتم الكشف عن العلامات التجارية في التقرير.
وقالت بوين: «نحن لا نُفصح عن أسماء الشركات التي نختبرها، من أجل الحفاظ على العدالة، والاتساق، وتجنب تضارب المصالح المحتمل».
تم بعد ذلك، إرسال عينات مسحوق البروتين إلى مختبر معتمد مستقل، الذي أجرى قرابة 36000 اختبار فردي على 258 ملوثا مختلفا، من بينها المعادن الثقيلة، والبيسفينول، والفثالات، ومواد البيرفلورو ألكيل، والبولي فلورو ألكيل، أو PFAS.
رغم ذلك، لم يتضمن تقرير عام 2024 سوى مستويات الرصاص، والكادميوم، والبيسفينول أ، والبيسفينول إس، المعروفين باسم BPA وBPS. وعلقت بوين أن البيانات المتعلقة بالملوثات الأخرى سيتم إصدارها في تحديث لاحق.
وتُعطل مواد البيسفينول، الهرمونات التي ربطتها الدراسات بتشوهات الجنين، وانخفاض الوزن عند الولادة، واضطرابات الدماغ، والسلوك عند الرضع والأطفال.
ترتبط المواد الكيميائية لدى البالغين، بتطور مرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وضعف الانتصاب، والسرطان، وزيادة خطر الوفاة المبكرة بنسبة 49 في المائة في غضون 10 سنوات.
تم استخدام البيسفينول أ على نطاق واسع في صنع زجاجات الأطفال، وأكواب الشرب، وحاويات حليب الأطفال، حتى قاطع الأهل القلقون هذه المنتجات منذ أكثر من عقد.
ووجد تحقيق مماثل أجرته شركة «Clean Label» في عام 2018، مستويات عالية من البيسفينول. ولفتت بوين إلى أن تقرير عام 2024 كان يحمل أخبارا جيدة.
وأضافت: «لقد وجدنا مادتي BPA وBPS فقط في ثلاثة أنواع من 160 مسحوق بروتين، مقارنة بـ 55 في المائة من المنتجات التي اختبرناها في عام 2018».
بهدف تحليل المعادن الثقيلة، قارن الباحثون في مشروع Clean Label نتائج اختبار الرصاص والكادميوم بالمستويات التي حددها اقتراح كاليفورنيا 65 (Prop 65).
وأوضحت بوين أن « Prop 65هو بلا شك القانون الأكثر تقدما في البلاد، عندما يتعلق الأمر بالملوثات البيئية الصناعية. لديهم معايير واضحة جدا للنجاح أو الفشل، والتي عادة ما تكون أكثر صرامة من الوكالات الفيدرالية في الولايات المتحدة».
ذكر التقرير أن 47 في المائة من 160 عينة مسحوق بروتين تم اختبارها بواسطةClean Label Project في عام 2024 تجاوزت إرشادات Prop 65 التنظيمية. وقالت بوين إن حوالي 21 في المائة من المساحيق تحتوي على مستويات أعلى مرتين من حد Prop 65.
وكان نحو 80 في المائة من مساحيق البروتين النباتية والعضوية التي تم اختبارها، أعلى من حد Prop 65 للرصاص. مع ذلك، تجاوزت 26 في المائة فقط من منتجات البروتين القائمة على الكولاجين، و28 في المائة من المنتجات القائمة على مصل اللبن حد الرصاص في كاليفورنيا.
نصائح للمستهلكين
رأت بوين أنه ليس من الضروري التوقف عن استخدام مساحيق البروتين كجزء من نمط حياة صحي، لكن التسوق الذكي يساعد على ذلك.
وأضافت: «بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتبعون نظاما غذائيا قائما على النباتات بالكامل، يبدو أن مساحيق البروتين المصنوعة من البازلاء تحتوي على أقل مستويات من المعادن الثقيلة. وإذا لم يكن لديك أي قيود غذائية، تشير البيانات إلى أن مساحيق البروتين القائمة على مصل اللبن، أو القائمة على البيض بنكهة الفانيليا ستحتوي على أقل كمية».
وخلصت بوين إلى أن التواصل مع العلامات التجارية المفضلة للاستفسار عن مستويات الملوثات، هو إجراء ذكي آخر من جانب المستهلكين.