النيران تلتهم مئات الهكتارات وأشجار النخيل بزاكورة
مع tele maroc
التهمت نيران الحرائق، أول أمس، مجموعة من الحقول بمنطقة «تنسيطة اخشاع» وبالضبط واحة ترناثة بالجماعة الترابية لمدينة زاكورة، حيث أتت الحرائق على المئات من أشجار النخيل المعمرة. وأفاد مصدر حقوقي لـ «تيلي ماروك » من عين المكان، بأن عدد أشجار النخيل التي احترقت بالكامل بلغ 600 نخلة، فيما حملت فعاليات جمعوية تواصلت مع الجريدة المسؤولية للمنتخبين وللسلطات الإقليمية وقطاع الفلاحة ووكالة الحوض المائي والوكالة الوطنية لتنمية الواحات.
واستنادا إلى المعطيات الحصرية التي حصلت عليها «تيلي ماروك » من قلب المنطقة، فقد عانت عناصر الوقاية المدنية رفقة الساكنة في إخماد الحريق، حيث ظلت ألسنة اللهب تمتد بفعل الحرارة المرتفعة بالمنطقة وسرعة الرياح، إضافة إلى وعورة المسالك داخل الواحات الموجودة بالجماعة، وهو ما جعل عناصر الوقاية المدنية مرفوقة بالساكنة تضاعف مجهوداتها من خلال المطالبة بزيادة عدد المتطوعين للتحكم في الحريق، وهو ما تم بالفعل حيث تمت الاستعانة بعدد من رجال السلطة والقوات العمومية ليتم إخماد الحرائق، لكن بعدما أتت على النصف الأكبر من الواحة.
وفي هذا السياق، كشف جمال أقشباب، الفاعل الجمعوي والحقوقي المهتم بالشأن البيئي والتراثي لزاكورة، في تصريح خاص لـ «تيلي ماروك »، أن «السلطات تتحمل نوعا من المسؤولية، حيث لم تتخذ إلى حدود اليوم أي إجراءات احترازية لتفادي هذه الحرائق المهولة، سيما أن هذه الظاهرة تعود إلى عدة سنوات، إذ سبق كفاعلين أن أنجزنا مشروعا متكاملا لمواجهة كارثة الحرائق بإقليم زاكورة ووضعناه رهن إشارة الجهات المعنية، والتي من بينها المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات، الوكالة الوطنية لتنمية الواحات، مجلس جهة درعة تافيلالت للمساهمة في تمويله، غير أن تعنت السلطات كانت ضريبته استمرار هذه الحرائق».
وأكد الفاعل ذاته أن المشروع الذي تم تقديمه لكل الجهات المذكورة، والذي تم رفعه كذلك لمنتخبين وبرلمانيين في الإقليم والجهة، تضمن «التحسيس والتوعية، وخلق ولوجيات بالواحات ونقط ماء من أجل التحكم في الحرائق في حالة وقوعها، إضافة إلى تنقية أعشاش النخيل وتنظيف الواحات من كل المخلفات»، إذ كان من المقرر بل ومن الضروري أن يتم «الشروع في تدبير هذا المشروع منذ شهر فبراير 2022 الى شهر يونيو 2022، لكن لم يتم التفاعل معه، ونتائج الحرائق التي حدثت خلال اليومين الأخيرين بزاكورة توضح حجم الهلاك الذي تعرض له الفلاحون».
ومن جهتها، كشفت جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، ومجموعة من الفاعلين الجمعويين والحقوقيين بالمنطقة، في تصريحات للجريدة، أنه، وبسبب التغيرات المناخية التي عرفتها المنطقة منذ سبع سنوات، كان حريا على الجهات المعنية بالشأن المائي والفلاحي الوعي بهذا الوضع الجديد ووضع استراتيجيات ومخططات للتكيف مع هذه التغيرات، لاسيما وأن المغرب يتوفر على استراتيجية التأقلم مع التغير المناخي، إذ أكدوا على أنه «حان الوقت لإعادة النظر في الاستراتيجية الفلاحية المتبعة ووضع نموذج فلاحي مستدام ومتكيف مع مستجد التغيرات المناخية، وتغيير العقليات والوعي بخطر التقلبات المناخية وإعادة النظر في توقيت بداية الموسم الفلاحي لأن التحولات المناخية غيرت طبيعة فصول السنة».
وأوضحت الفعاليات ذاتها أنه، وبالرغم من كل هذه العوامل الصعبة والتي ستؤدي إلى كوارث بيئية في حق الواحات بكل الجهة، لم يتم اتخاذ أي إجراءات لمواجهة شبح الجفاف والحرائق والتغيرات المناخية على الإنسان والمجال سواء من طرف المسؤولين أو حتى من طرف البرلمانيين والمنتخبين، فالحرائق المهولة والجفاف وشبح التغيرات المناخية والبطيخ الأحمر كلها عوامل أدت إلى كارثة بواحات درعة، وأدت إلى هلاك واحات أشجار النخيل بشكل دراماتيكي حيث تحولت إلى مقابر وأطلال بسبب كثرة الحرائق، إذ، ورغم هذا الوضع المأساوي، لم يتخذ المسؤولون أي إجراءات لمواجهة هذه الظواهر، وخاصة منها الحرائق.
وطالبت الفعاليات عينها، باعتبار إقليم زاكورة منطقة «جافة ومنكوبة» لأن من شأن ذلك أن يثير اهتمام السلطات المركزية والجهوية، بالتدخل لإنقاذ الموقف في إطار برامج ومشاريع لتهيئة الواحات ومواجهة الحرائق ودعم الفلاحين وإنجاز منشآت مائية، حيث أكدوا على أن المنتخبين بالإقليم همهم هو الاغتناء فقط، إذ إنهم غير واعين بخطورة الجفاف والحرائق والتغيرات المناخية، وهم بذلك يضعون رؤوسهم في الرمال حتى تمر العاصفة».
ودعت الفعاليات ذاتها، في تصريحاتها لـ«تيلي ماروك »، إلى رد الاعتبار لواحات درعة كأكبر واحة بالمغرب وبشمال إفريقيا في استثمارات الوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجر الأركان، وجبر ضرر الفلاحين سواء المتضررين من الجفاف والحرائق، مع الاستفادة من الصندوق الوطني لمحاربة الكوارث، ووضع برنامج للتكوين والإرشاد الفلاحي لفائدة الفلاحين، مع خلق مشاريع في مجال صناعة التمور وتثمينها، إضافة إلى تشجيع البحث العلمي الفلاحي وربط قضايا الواحات بالبحث الجامعي، وإنشاء معهد عال للتكنولوجيات تخصص التمور والسياحة والطاقات المتجددة والسقي والري، ناهيك عن وضع استراتيجية تنموية مستدامة ومندمجة بمجال الواحات تقوم على فلاحة مستدامة ومتكيفة مع خصوصيات المناخ».