الداخلية تحقق في اختلالات تدبير المطارح العمومية
مع
فتحت المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية، تحقيقا حول الاختلالات التي تعرفها مطارح النفايات بالعديد من المدن، وكذلك تعثر بعض المشاريع المدرجة في إطار البرنامج الوطني للنفايات المنزلية، الذي تقدر تكلفته الإجمالية بـ 40 مليار درهم، تخصص منها 67 في المائة لخدمات الجمع والتنظيف و17 في المائة لخلق مطارح مراقبة.
وفجر برلمانيون، خلال الجلسة الأخيرة للأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، فضائح تتعلق بفشل هذا البرنامج، رغم الإمكانيات الضخمة التي صرفت في البرنامج الوطني، هناك "العديد من المطارح مازالت تثير القلق وما لها من تأثير على البيئة"، حسب البرلماني الاستقلالي عن مدينة فاس، علال العمراوي، الذي تحدث عن وجود مطارح على الورق فقط، متهما كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، بعدم إنجاز مشاريع جديدة تخص المطارح المراقبة، لأن كل المشاريع تم إنجازها في عهد حكومات سابقة، مطالبا بفتح تحقيق في تعثر عملية إنتاج الكهرباء في مطرح مدينة فاس، والتي تعرف تعثرا بسبب ما أسماه "البيروقراطية الإدارية".
وجاء البرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية في إطار اللجنة المشتركة بين وزارة الداخلية والوزارة المكلفة بالبيئة، من أجل سد الخصاص الحاصل في تدبير قطاع النفايات المنزلية، ويستهدف كل المدن المغربية بدون استثناء على مدى 15 سنة، بهدف تحسين مستوى عيش المواطنين، ويروم على المدى الطويل تعميم جمع ومعالجة النفايات المنزلية، وتقليص المشاكل التي تسببها المطارح القديمة والعمل على دفن النفايات بطريقة مراقبة ومقننة وتشجيع تدوير النفايات. ومن بين الأهداف الأساسية للبرنامج، الرفع من نسبة جمع النفايات إلى مستوى 85 في المائة سنة 2016 و90 في المائة سنة 2022 والوصول الى 100 في المائة بحلول 2030، وإنجاز مطارح مراقبة للنفايات المنزلية والمماثلة في كل المراكز الحضرية سنة 2022، مع إعادة تأهيل كل المطارح غير المراقبة بحلول سنة 2022، وتطوير عملية فرز وتدوير وتثمين النفايات عبر مشاريع نموذجية لرفع مستوى التدوير إلى 20 في المائة بحلول سنة 2022.
وتعمل وزارة الداخلية، ممثلة في المديرية العامة للجماعات المحلية، بالتعاون مع الوزارة المكلفة بالبيئة، وبدعم من البنك الدولي، على تحقيق أهداف المرحلة الثانية من البرنامج، والتي تتجلى في تحسين الحكامة في تدبير قطاع النفايات المنزلية، والدعم المؤسساتي والمالي لخدمات النفايات المنزلية، والمراقبة والمتابعة البيئية وتطوير فروع إعادة استعمال النفايات. وتساهم الجماعات الترابية بـ 73 في المائة من مجموع تمويل البرنامج، لكن خلال الولاية الحكومية السابقة، وفي إطار الصراع بين الوزير السابق، وكاتبة الدولة السابقة المكلفة بالبيئة، حكيمة الحيطي، تعثرت جميع الاتفاقيات التي تم توقيعها سنة 2015، بين وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة البيئة والجماعات الترابية، وتهم نوعين من المشاريع، وهي المشاريع المبرمجة للإنجاز المباشر من طرف وزارة البيئة بكلفة إجمالية تقدر بـ 200 مليون درهم وتهم تأهيل المطارح العشوائية بـ 19 مدينة، والمشاريع التي تمت برمجة إنجازها من طرف الجماعات الترابية بكلفة إجمالية بلغت 502,53 مليون درهم منها، 77,53 مليون درهم خصصت لدعم تأهيل المطارح العشوائية وإنجاز مراكز الطمر والتثمين بـ12 مدينة، و173 مليون درهم خصصت لدعم إنجاز مراكز الفرز وتهم 17 مدينة، و52 مليون درهم خصصت للمساعدة التقنية، والتواصل والتحسيس.
وكشفت المصادر أن من بين أسباب تعثر هذا البرنامج الذي يهم هذا القطاع الاستراتيجي، استحواذ شركة على أغلب الصفقات، نظرا لشبكة العلاقات التي تربطها مع مسؤولين، بالاستعانة بسفارة دولة عظمى، يحمل مديرها جنسيتها. وأوضحت المصادر أن طريقة اشتغال هذه الشركة هي أنها تقوم بالمشاركة في طلبات العروض وتتقدم بأثمنة جد منخفضة وغير واقعية، وما إن تحصل على الصفقة وتنطلق في إنجاز الأشغال حتى "تشرع في ممارسة ضغوطات على الإدارة المعنية لتغيير مضمون الصفقة بحذف أثمنة غير مربحة لها أو الرفع من أثمنة أخرى، وهو ما يتنافى ومبدأ المنافسة وكذا القوانين المنظمة للصفقات العمومية ولطلبات العروض"، حسب المصادر ذاتها، وفي حال "رفض الإدارة الانصياع لطلبات هذه الشركة تنتقل هذه الأخيرة إلى مرحلة الضغط بالتهديد بوقف الأشغال". وأفادت المصادر بأنه بهذه الطريقة، تمكنت الشركة "من إلغاء غرامات تقدر بالملايير كانت بذمتها، كما أنها استطاعت فرض صياغة العديد من طلبات العروض على مقاسها بتضمينها شروطا تبعد المنافسين وتمكنها من الاستحواذ على أغلب الصفقات، ما كان له تأثير سلبي على تدبير العديد من المطارح العمومية التي تعيش حاليا مشاكل خطيرة بعدما أصبحت رهينة بين أيدي هذه الشركة، وذلك في غياب أي رد واضح وحاسم من طرف القطاعات المعنية".