هل يتسبب فشل الحكومة في تأمين اللقاح في سقوطها؟
مع Tele Maroc
تحولت الجلسة الشهرية المخصصة للسياسة العامة للحكومة، التي عقدها مجلس المستشارين، أول أمس الثلاثاء، إلى جلسة لمحاكمة رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ووزير الصحة، خالد آيت الطالب، بخصوص عدم توفير اللقاح للمغاربة، وعدم الالتزام بالوعود المقدمة سابقا بالشروع مبكرا في حملة التلقيح ضد فيروس كورونا، وطالب برلمانيون الحكومة بتقديم استقالتها بسبب عدم وفائها بوعودها.
وألقى عبد السلام اللبار، رئيس الفريق الاستقلالي، مداخلة نارية، اتهم من خلالها الحكومة بالفشل في توفير اللقاح للمغاربة، وطالبها بتقديم استقالتها، وأكد أن «الحكومة فاشلة» وأن «عليها تقديم استقالتها»، لأنها لم تف بوعدها للمغاربة. وقال اللبار إن «هذه الحكومة ستقتل المغاربة»، موضحا أنها تعاقدت مع شركة «سينوفارم» الصينية ووقعت معها «وثيقة سرية»، وأشار اللبار إلى أن رئيس الحكومة وعد بإطلاق حملة التلقيح في أواسط دجنبر، بينما لم ترخص منظمة الصحة العالمية للقاح شركة «سينوفارم» إلا في 31 من الشهر نفسه، وأضاف اللبار مهاجما رئيس الحكومة «صرّحتم، بعظمة لسانكم، بأن المغرب سيكون من ضمن الدول العشرة الأولى التي ستتلقى التلقيح، في حين أن هناك 31 دولة بدأت عملية التلقيح و7 دول خلال الأسبوع الجاري فقط»، معتبرا أن مثل هذه التصريحات «تجعل الحكومة فاقدة للمصداقية».
وفي رده على هذه الاتهامات، وجه العثماني سهامه نحو المعارضة، التي اتهمها بدوره بأنها فاشلة، مؤكدا أن المغرب على أتم الاستعداد لإنجاح عملية التلقيح ضد فيروس «كوفيد 19» التي ستنطلق بمجرد التوصل باللقاح، وأثار هذا الجواب موجة من السخرية بمواقع التواصل الاجتماعي، لأنه لم يحدد أي موعد لانطلاق حملة التلقيح. وأشار العثماني إلى أن الجهات المختصة تتابع الموضوع يوميا مع المزودين، وأوضح أن «القدرة الإنتاجية للقاح في العالم محدودة مقابل حجم الطلب الكبير، حيث رغم تطوير اللقاحات في وقت قياسي فالشركات المصنعة تسارع الزمن لتلبية الطلب العالمي الذي يصل إلى 10 مليارات جرعة»، مفيدا بأنه من الطبيعي أن تقوم الدول المطورة للقاحات باقتناء أولى الجرعات المنتجة لنفسها، كما أن البعض لجأ إلى المضاربة من أجل شراء اللقاحات بأثمنة تتجاوز ضعفها بخمس مرات، أو أكثر «. وأكد أنه جرى الإعداد لهذه العملية في إطار تعبئة شاملة للمنظومة الصحية الوطنية، واستنادا إلى الدروس المستخلصة والتجربة والخبرة الكبيرة التي راكمتها المملكة في مجال التلقيح، مبرزا أن الدليل على ذلك هو نجاح حملات تطعيم الأطفال، وكذا نجاح حملة التطعيم ضد الحصبة والحميراء في عام 2011 والتي تم خلالها تلقيح 11 مليون شخص في ظرف شهرين فقط، واعتبر رئيس الحكومة أن عملية التلقيح ليست إجراء معزولا أو مستقلا بذاته، وليس هو نهاية المطاف، وإنما يأتي في إطار السيرورة المستمرة للتعاطي مع الوباء، والإجراءات التي اعتمدها المغرب لمحاربته ومحاصرته، بدءا بالإجراءات القانونية وفرض حالة الحجر الصحي، إضافة إلى باقي الإجراءات الأخرى سواء الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، والتي كان لها جميل الأثر في انخفاض مؤشرات هذا الوباء والتخفيف من تداعياته.
وأضاف أن التلقيح يأتي كحلقة أخرى من حلقات مكافحة هذا الوباء، وهي لن تكون الحلقة الأخيرة، كما يتعين أن تواكبها وتعقبها إجراءات أخرى من أجل تحصين المكاسب وتفادي الانتكاسة، موضحا أن «المملكة عملت على إبرام اتفاقيات خاصة باللقاح مبكرا كما وضعت برنامجا محكما للتلقيح غير أن الشروع في هذه العملية الوطنية يبقى رهينا بالوضعية العالمية لتصنيع اللقاحات وتسليمها»، وأفاد بأنه تم التوقيع على اتفاقية تعاون في ما يتعلق بالتجارب السريرية للقاح مع مجموعة «سينافارم» للأدوية، تشمل ثلاثة مجالات للتعاون وهي نقل التكنولوجيا، والمشاركة في المرحلة الثالثة للتجارب السريرية والتزويد باللقاح، فضلا عن التعاون الهادف إلى ضمان ولوج اللقاح إلى القارة الإفريقية، وكذا توقيع مذكرة تفاهم لاقتناء اللقاحات المضادة لـ«كوفيد-19» التي تنتجها شركة «اير-فارم» بالهند، بترخيص من مجموعة «أسترازينيكا» البريطانية- السويدية.
وبخصوص المعايير المحددة في اختيار هذين اللقاحين، أوضح رئيس الحكومة أن المعيار الأول يهم السلامة والتجربة لأن هذين اللقاحين يعتمدان التقنية الكلاسيكية للتطعيم القائمة على «فيروس معطل»، وهي تقنية قديمة ومجربة ومأمونة، والمعيار الثاني هو سهولة التخزين والنقل لأن هذين اللقاحين لا يحتاجان سوى إلى درجة حرارة تتراوح بين 2 و7 درجات مئوية لتخزينهما، بينما بعض اللقاحات الأخرى تحتاج إلى ناقص 70 درجة لتخزينها وتوزيعها، وهو ما يتطلب إمكانيات لوجستية ضخمة يصعب توفيرها في الوقت الحالي، لا سيما على مجموع التراب الوطني.