وثائق تفضح خروقات خطيرة في ميزانية تعاضدية الموظفين
مع
تزامنا مع توجيه وزير الشغل والإدماج المهني، محمد يتيم، رسالة إلى زميله في الحكومة، محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، يطالبه بالتوقيع على قرار حل التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، حصل موقع "تيلي ماروك" على وثائق جديدة تتعلق بخروقات مالية خطيرة في ميزانية التعاضدية للسنة الحالية، ما جعل برلمانيين أعضاء بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، يطالبون بإرسال مفتشية المالية لإجراء افتحاص ووقف نزيف أموال 450 ألف منخرط.
وكشفت الوثائق تخصيص 8 مليارات سنتيم من أصل 35 مليار سنتيم للخدمات والأداءات المسددة للمؤمنين البالغ عددهم 450 ألف منخرط و900 ألف من ذوي الحقوق، فيما خصص مبلغ 10.1 مليارات سنتيم لتكاليف المستخدمين البالغ عددهم 470 مستخدما ومستخدمة، والتي تشكل 40 في المائة من مداخيل التعاضدية العامة بعد إغراق المؤسسة بالتوظيفات المشبوهة، الحزبية والنقابية.
وبلغت الاعتمادات المخصصة للاستثمار، حسب ما هو مبين في ميزانيته، 4.7 مليارات سنتيم، مكونة من شراء أنظمة معلوماتية لم تنته منذ 9 سنوات ومعدات وأدوات مكتب لا علاقة لها بما يحتاجه المنخرطون الراغبون في تقوية خدمات التطبيب والعلاج وتسوية ملفات المرض التي تبقى عالقة لشهور وسنوات.
وخصص عبد المولى عبد المومني، لمشتريات مواد الأسنان، 675 مليون سنتيم، والنظارات 375 مليون سنتيم، لتبلغ مجتمعة 1.5 مليار سنتيم سنويا، وهو مبلغ بعيد بثلاثة أضعاف عما هو معلن عنه في صفقات إطار المحددة في ثلاث سنوات، والتي تم تفويتها لشركات معينة تزود التعاضدية منذ عشرين سنة بهذه المواد، بعدما تم إدراجها سنة 2010 من طرف المجلس الإداري ضمن اللائحة السوداء، بفعل علاقتها المشبوهة مع الرئيس السابق، محمد الفراع، ومسؤوليتها المباشرة في تبديد أموال المنخرطين ما بين 2002 و2009.
وبالرغم من إدراج مبالغ مهمة في لوازم المكتب والمعلوميات ضمن ميزانية الاستثمار، فقد تم إدراج مخصصات أخرى لها بمبالغ مهمة ضمن ميزانية التسيير، بلغت 100 مليون سنتيم .
وارتفعت الاعتمادات المخصصة للهاتف إلى 245 مليون سنتيم في مؤسسة اجتماعية أهدافها خدمة مصالح المرضى والأرامل والأيتام والمعاقين والمتقاعدين، وانتقل المبلغ المخصص للكراء إلى 420 مليون سنتيم بدل 111 مليونا التي تم صرفها برسم سنة 2017 كما هو مبين بالتقرير المالي لهذه السنة، وكراء مقر بالدار البيضاء بغلاف مالي قدره 24 مليونا سنويا ليستفيد منه مستخدمو الإدارة التي ينتمي إليها الرئيس، والبالغ عددهم 140 مستخدما.
كما انتقل الغلاف المالي المرصود لشركات الحراسة والنظافة من مبلغ 600 مليون سنتيم سنويا إلى 1.4 مليار سنتيم سنويا، كما ارتفعت نفقات خدمات البريد والشحن التي كانت بالمجان سابقا، وخصص لهذه الخدمة 290 مليون سنتيم.
وارتفعت تكلفة صيانة المعدات والآلات إلى 935 مليون سنتيم، مع العلم أن شراءها يوازيه التزام بضمان سلامتها ومواكبة صيانتها وإصلاحها مع الشركة النائلة للصفقة لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
كما تم تخصيص مبلغ 180 مليون سنتيم للدراسات، ولم يحدد عبد المولى نوعية هذه الدراسات.
وفي سابقة خطيرة بلغت أتعاب المحامين وخبرات أخرى مبلغ 303 ملايين سنتيم، في الوقت الذي كانت لا تتعدى 150 مليون سنتيم.
كما خصص لبعض أعضاء المجلس الإداري المستفيدين من إكراميات التنقلات، مبلغ 80 مليون سنتيم، كتعويض للحضور عند الحاجة، ورصد مبلغ 50 مليون سنتيم للمأموريات بالخارج، تضاف إليها 5 ملايين سنتيم كواجب الانخراط في جمعيات لا علاقة لها بالتعاضدية العامة، كما خصص مبلغ مليار سنتيم للإقامة في الفنادق الفخمة.
وخصص عبد المولى، ضمن الفصل السادس من الميزانية، مبلغ 900 مليون سنتيم للمخاطر والتكاليف غير المتوقعة، وهي تسمية غريبة عن مكونات ميزانيات المال العام، حيث لم يحدد نوعية هذه المخاطر التي تتضمنها عقود تأمين المؤسسة.
كما خصص مبلغ 650 مليون سنتيم لإعانات ممنوحة دون أن يحدد وجهتها، إضافة إلى الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للنشر والإعلانات لتلميع صورته بمبلغ 350 مليون سنتيم، بعدما كانت لا تتعدى سابقا 130 مليون سنتيم .
مقابل ذلك، لم يخصص عبد المولى سوى مبلغ 14 مليار سنتيم للأداءات، ويعني بها حصة التعاضدية العامة في تسوية ملفات المرض وخدمات الشامل الممنوعة قانونيا، حسب مراسلة لوزير الشغل، وأقحم داخل هذا المبلغ، قيمة الصفقة المباشرة مع "هولدينغ" المخصص لسنتين 2019/2018، والبالغ في مجموعه 6 مليارات سنتيم، ليختزل المبلغ المخصص للمساهمة في تكملة القطاع التعاضدي في تسوية ملفات المرض العادية، خاصة شراء بعض الأدوية إلى أقل من 7 مليارات سنتيم برسم سنة 2019، حيث تتوصل التعاضدية العامة بما يناهز 1.2 مليون ملف مرض سنويا، مع العلم أن صندوق منظمات الاحتياط الاجتماعي "كنوبس"، هو من يتحمل تسوية جميع ملفات المرض العادية والمكلفة والثالث المؤدى بالنسبة لمنخرطي التعاضدية العامة في حدود 90 مليار سنتيم سنويا.
وتبدو ميزانية 2019 خالية من ديون المنخرطين على التعاضدية العامة بمبلغ 16 مليار سنتيم، ولا تتضمن الميزانية، برمجة إرجاع الاقتطاعات التي تم خصمها من رواتب بعض المنخرطين والمتقاعدين لفائدة القطاع التعاضدي ما قبل يناير 2015 والصندوق التكميلي عند الوفاة لفائدة أزيد من 10 آلاف منخرط منذ يناير 2012 وفقا لمضمون رسالة وزير التشغيل، والتي فاقت مستحقاتها 4 مليارات سنتيم، كما تم تغييب رصد اعتمادات مالية لتسوية ديون التعاضدية العامة تجاه الأغيار والتي بلغت ما مجموعه 9 مليارات سنتيم.