الحبس لمستشار الوزير رباح السابق وتعويض مستثمر إيطالي بـ85 مليونا
مع Télé Maroc
علمت «تيلي ماروك » من مصادر جيدة الاطلاع، أن الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط حسمت، بحر الأسبوع الماضي، ملفا قضائيا مثيرا للجدل يتعلق بتورط مستشار سابق لرباح كوزير للنقل والتجهيز في عملية نصب خطيرة استهدفت مستثمرا إيطاليا. وأصدرت الهيئة القضائية حكما يقضي بإدانة المستشار المتهم بسنتين حبسا نافذا، وسنة موقوفة التنفيذ في حق مسؤول بوزارة رباح كان يشغل مهمة رئيس مصلحة، فيما بلغت قيمة التعويض الواجب منحه من قبل المتهمين لصالح المستثمر الإيطالي حوالي 85 مليون سنتيم.
وتداولت محكمة جرائم الأموال في هذه القضية منذ سنتين تقريبا، بناء على شكاية رسمية من المستثمر الإيطالي، تفيد تعرضه لجريمة نصب واحتيال.
المتهمان وهما مستشار سابق بوزارة التجهيز والنقل، التي كان يرأسها الوزير عبد العزيز رباح، ورئيس مصلحة المحافظة على الملك العمومي بالوزارة نفسها، تمت متابعتهما من أجل جرائم الارتشاء عن طريق تسلم مبالغ مالية للقيام بعمل من أعمال الوظيفة، والتزوير في شهادة إدارية، وتزييف خاتم الدولة واستعماله.
المحاكمة التي تابعت «تيلي ماروك » كل تفاصيلها وجلساتها العلنية، شهدت مواجهات ساخنة بين مستشار عبد العزيز رباح السابق، والمسؤول عن مصلحة الصفقات بالوزارة، مع المشتكي الإيطالي الجنسية الذي فجر الفضيحة، فضلا عن شاهدين أحدهما كان محاسبا لدى شركة المستثمر الأجنبي، الذي يدعي تعرضه لعملية نصب كبيرة من طرف مستشار سابق بوزارة التجهيز والنقل، وتحديدا خلال سنة 2012.
وواجه رئيس الهيئة القضائية مستشار عبد العزيز رباح بمجموعة من التهم التي يوجهها إليه المستثمر الإيطالي، الذي يستقر بتراب المملكة منذ سنة 2006، وكان يشغل مهمة رئيس شركة متخصصة في الاستشارة القانونية للإيطاليين الراغبين في إنجاز وتنفيذ مشاريع بالمغرب، حيث صرح أنه تعرف عليه بناد للخيول بمدينة القنيطرة، وأخبره أنه يشغل منصبا رفيعا بمؤسسة سامية، مضيفا أنه كان دائم الأناقة ويمتطي سيارة فاخرة، قبل أن ينتقل إلى الرباط لشغل منصب مستشار جد مقرب من عبد العزيز رباح كوزير للنقل والتجهيز، حسب قوله. ويضيف المشتكي الإيطالي أن المستشار اقترح عليه إحضار شركات إيطالية للاستثمار في المغرب، قبل أن يرتب له لقاء رسميا مع عدد من المسؤولين الكبار بمقر الوزارة، حيث جالسه رفقة ممثلي بعض الشركات الإيطالية.
وأكد المشتكي أن التفاوض مع مستشار الوزير انصب على صفقات ضخمة، ناهزت قيمة الأولى منها 8 ملايين أورو، والصفقة الثانية مليونين ونصف المليون أورو، دون أن يعلم أن صيغة تفاوضه مع المستشار بوزارة التجهيز لم تكن قانونية. مضيفا أن اللقاء مع الوزير كان شكليا فقط، ولم يتطرق إلى أي تفاصيل حول الصفقات موضوع الشكاية، حيث تم تبادل الحديث عن مناخ الاستثمار بالمغرب وأولويات القطاع، في الوقت الذي كان تواصله مع المستشار منصبا على كواليس الصفقات والمقابل والضمانات وغيرها.
وأكد المستثمر الإيطالي الذي كان مرفوقا بهيئة دفاع قوية ومترجم محلف طيلة الجلسات، أن المستشار وعده بتمكينه من صفقات كبيرة تتعلق بالطريق المزدوج بين الرباط والقنيطرة، ومقلع للرمال بمنطقة جرف الملحة بسيدي قاسم، ثم بناء مقر للشرطة بمدينة سلا، مضيفا أنه دفع مقابل هذه الخدمة مبالغ مالية مهمة تجاوزت 120 مليون سنتيم، موزعة بين 490 ألف درهم نقدا، ثم 800 ألف درهم سلمها عن طريق شيك بنكي إلى المتهم من أجل اقتناء شقة بالرباط، حضرا معا تفاصيل توثيقها بمكتب موثقة بتمارة، التي جرى الاستماع إلى شهادتها خلال إحدى الجلسات، حيث أكدت واقعة حضور الإيطالي والمستشار إلى مكتبها بتمارة، وتسلمها الشيك باسم الأول لاستكمال العملية، دون أن تعلم باقي التفاصيل والاتهامات التي لم تطلع عليها.
وامتدت الاتهامات التي تضمنتها محاضر الاستماع إلى المواطن الأجنبي والتي رددها أمام الهيئة القضائية، إلى اتهام مسؤول عن الصفقات بالوزارة ذاتها، مدعيا أنه سلمه مبلغ 13 مليون سنتيم للفوز بصفقة تزويد مكاتب الوزارة بمكيفات، مؤكدا أنه استقبله في الوزارة، محددا للهيئة بناء على طلبها أوصاف مكتبه وزاوية وجوده بالوزارة، وتوثيق محطات لحظات ولوجه إلى الوزارة أكثر من خمس مرات لدى مصالح الاستقبال، مشددا على أن التنسيق كان مع المستشار حول تفاصيل هذه الصفقة وهو الذي قدمه إلى المتهم الثاني، قبل أن ينفي هذا الأخير معرفته بالإيطالي، حيث صرح أمام الهيئة أنه لم يستقبله ولم يتلق منه أي مبالغ مالية، مضيفا أن الصفقات وسندات الطلب تحكمها مساطر خاصة بعيدة عن ادعاءات المشتكي. وأن علاقته بالمستشار مهنية محضة، وغير مسموح له التدخل في مجال الصفقات.
من جهته، نفى مستشار وزارة التجهيز كل الاتهامات الموجهة إليه، حيث بسط أمام الهيئة كرونولوجيا علاقته بالمستثمر الإيطالي، وأنه قدم له مساعدات مهمة، حيث مكنه من مكتبه بالقنيطرة بسومة كرائية بسيطة لا تتعدى 1800 درهم، واحتضنه في بيته غير ما مرة من منطلق الكرم المغربي، وقدم له قرضا ماليا بطلب منه تحت مبرر حاجته إلى سيولة مالية بشركته التي أحدثها في المغرب قدره بحوالي 80 مليون سنتيم، وهي التي قام المستثمر الإيطالي بإرجاعها إليه شيكا، تم تحويله بحضوره وبمعية الموثقة لاقتناء شقة بالرباط. وعزز حارس العمارة ومحاسب بشركة الإيطالي أقوال مستشار رباح، حيث أكدا حضورهما لواقعة تسليم المبلغ المالي إلى الإيطالي على سبيل القرض في كيس أسود، من خلال مرافقتهما لهما معا إلى بنك التجارة الخارجية بالقنيطرة، من أجل دفعه في حساب الإيطالي، وهي الجزئية التي دفعت المحكمة إلى استدعاء مدير البنك المذكور للإدلاء بشهادته.