مجلس جطو يكشف اختلالات داخل صندوق الإيداع والتدبير
مع مراد كراخي
قام المجلس الأعلى للحسابات بنشر التقرير المتعلق بمهمة مراقبة التسيير الخاصة بصندوق الإيداع والتدبير الذي يعتبر مؤسسة عمومية تم إحداثها بمقتضى الظهير الشريف رقم 074.59.1 بتاريخ 10 فبراير1959 يعهد إليها بتجميع وتدبير حسابات التوفير التي تستوجب حماية خاصة بالنظر إلى طبيعتها.
وأكد المجلس في بلاغ توصل موقع "تيلي ماروك" بنسخة منه، أن مهمته الرقابية تناولت بالخصوص الجوانب المتعلقة بالحكامة والاستراتيجية وتعبئة واستثمار الموارد وسياسة إحداث الفروع، موضحا أنه على الرغم من تعزيز حكامة مجموعة صندوق الإيداع والتدبير منذ سنة 2010 بإحداث عدة لجن داخلية، فإن هذا الأخير لم يتوفر بعد على مجلس إدارة يتمتع بكامل الصالحيات ويعمل كهيئة فعلية لاتخاذ القرار ويدبر ويراقب عمل المجموعة. ويضم الصندوق ضمن هياكله لجنة للحراسة تتمتع أساسا بدور استشاري، حيث ال تمارس حق الرقابة القبلية على الاستراتيجيات المزمع تنفيذها من قبل الإدارة العامة ولا على القرارات المهيكلة ألنشطة المجموعة. بالإضافة الى ذلك، أوكل الإطار القانوني المتعلق بالصندوق سلطات تدبيرية جد واسعة للمدير العام، الأمر الذي ال يتماشى مع الممارسات الفضلى السائدة في مجال الحكامة الجيدة كما ال يتيح التحكم في المخاطر باعتباره ضروريا لتأمين الموارد الموكول تدبيرها للصندوق. من جهة أخرى، وبالرغم من وضع المجموعة لعدة مخططات استراتيجية (2007-2010 و2008-2012 و2011-2015) فإنه لم يتم تنزيلها بصورة ممنهجة في كل المهن التي يمارسها الصندوق ولا على مستوى جميع الشركات الفرعية التابعة للمجموعة. 2 كما أن منظومة تدبير المخاطر والمراقبة الداخلية، التي تم وضعها من أجل بلوغ الأهداف المحددة، تظل غير كافية.
وأوضح البلاغ، أنه على الرغم من خصوصية موارد صندوق الإيداع والتدبير، فإن هذا الأخير يستثمر في مختلف أنواع الأصول في غياب التوازن الأمثل بين المردودية والمخاطر. وبالتالي، فقد أدت الاختيارات بشأن الاستثمارات التي أتبعتها المجموعة إلى وضعية غير متوازنة في بنية محفظة الأصول لفائدة "الأسهم" و"القروض والسلفات" بالتركيز على بعض المساهمات تتسم بمستوى أعلى من المخاطر. وهو ما يفسر المنحى التنازلي الذي سجلته مردودية المحفظة مند سنة 2008 والمستوى العالي للاحتياطات المرصودة مع نهاية سنة 2017 التي همت 32 شركة فرعية ومساهمة مالية بمبلغ 1,5 مليار درهم. ومن جهة أخرى، اتجه الصندوق إلى الاستثمار على المستوى الدولي بالرغم من افتقاره لتجربة كافية في هذا المجال بالنظر إلى أهمية وتعدد المخاطر التي يمكن التعرض إليها. ذلك أنه تم تفعيل هذا التنويع بشكل سريع استلزم حجما هاما من الاستثمارات في عدد قليل من القيم، حيث استثمر الصندوق بين يونيو 2006 ودجنبر 2007 ما مجموعه 5,6 مليار درهم.
ومع متم سنة 2015، لجأ الصندوق الى تفويت مجموع محفظته من القيم المتداولة في البورصات العالمية محققا أرباحا صافية في حدود 130 مليون درهم.
كما سجل المجلس، حسب ذات البلاغ، تضاعف المبلغ الجاري لمحفظة "الأسهم والمساهمات" ما بين 2006 و2015 مرتين ونصف. وترجم هذا التطور المتسارع للاستثمارات بارتفاع عدد الشركات الفرعية والمساهمات حيث انتقل من 80 سنة 2007 إلى 143 سنة 2017. غير أن هذا التطور السريع لم تواكبه هيكلة تنظيمية ملائمة وموارد بشرية وتقنية مناسبة لقيادة أنشطة هذه الشركات. كما لوحظ غياب تمييز واضح بين الأنشطة الحاملة لطابع المصلحة العامة وتلك التي يعتبرها الصندوق ذات طبيعة تنافسية.
بالإضافة الى ذلك، لم يفض تنويع مجالات الاستثمار بشكل دائم الى تحقيق نتائج إيجابية، حيث تواجه بعض الشرکات الفرعية صعوبات على مستوى خلق القيمة المضافة لمجموعة صندوق الإيداع والتدبير. ونخص بالذكر الأنشطة المتعلقة بالتنمية الترابية والسكن والتسيير الفندقي وصناعة الخشب.
وبخصوص هذه الملاحظات، قدم صندوق الإيداع والتدبير التوضيحات التالية: تبين من خلال إعداد مخطط استراتيجي جديد للمجموعة ضرورة تحيين النص القانوني المنظم لصندوق الإيداع والتدبير خاصة فيما يتعلق بتحديد نظام الحكامة، حيث أن الظهير المحدث لهذا الأخير لم تطرأ عليه أي تغييرات منذ سنة 1959. وحددت مجموعة صندوق الإيداع والتدبير، خلال سنة 2017، استراتيجيتها الجديدة في أفق سنة 2022 حيث أتاحت هذه العملية الفرصة لمراجعة محفظة الأنشطة الحالية وقطاعات التدخل المحتملة. كما تم ترجمة التوجهات الاستراتيجية للمجموعة بالنسبة للفروع، إلى مخططات وبرامج العمل على مدى خمس سنوات. سيتيح تفعيل الاستراتيجية الجديدة لصندوق الإيداع والتدبير فرصة لإعادة التركيز على مهنه الأساسية. حيث ستعمل هذه الاستراتيجية الجديدة لمجموعة صندوق الإيداع والتدبير على تفضيل أساليب التدخل بصفة "خبير" و "مشارك في التمويل" و "مستثمر" مقارنة مع أسلوب "فاعل مباشر" الذي اعتمدته المجموعة لفترة طويلة. وستمكن هذه الأساليب الجديدة من تعزيز قدرة الصندوق على الاستجابة لطلبات الشركاء وقيامه في الوقت ذاته بتحسين إدارة مخاطر المجموعة. كذلك، تم اعتماد القواعد التي تحدد وتنظم تدبير محفظة المساهمات المباشرة من حيث تركيز الاستثمار والقطاعات التي يستهدفها الصندوق. بالإضافة الى ذلك، وضع صندوق الإيداع والتدبير منظومة جديدة للقيادة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيته كمؤسسة عمومية وكمجموعة متنوعة تعمل في قطاعات وأنشطة مختلفة. كما تتوخى المنظومة الجديدة تحديد مهن المجموع.