إفطار ملكي على شرف رئيس الحكومة الإسبانية ومدريد تؤكد أن المبادرة
مع Télé Maroc
استقبل الملك محمد السادس، أمس الخميس بالقصر الملكي بالرباط، بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، الذي يقوم، بدعوة من الملك، بزيارة للمغرب، في إطار مرحلة جديدة من الشراكة بين المملكتين المغربية والإسبانية.
وأفاد بلاغ للديوان الملكي، أن هذا الاستقبال يأتي امتدادا للمحادثات الهاتفية التي جرت في 31 مارس بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية، وتجسيدا للرسالة التي وجهها في 14 مارس بيدرو سانشيز إلى الملك، والتي التزمت فيها الحكومة الإسبانية بتدشين مرحلة جديدة في العلاقات بين المملكتين، قائمة على الشفافية والاحترام المتبادل، كما أن هذه الدينامية الجديدة تتوخى لأن تكون صدى لنداء جلالة الملك في خطاب 20 غشت 2021 لتدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين.
دعم مبادرة الحكم الذاتي
وخلال هذا الاستقبال، يضيف البلاغ، حرص بيدرو سانشيز على تجديد التأكيد على موقف اسبانيا بخصوص ملف الصحراء، معتبرا المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف، وبهذه المناسبة، جدد الملك ورئيس الحكومة الاسبانية تأكيد الإرادة في فتح مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، قائمة على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق، وتم الاتفاق، في هذا الإطار، على تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق تغطي جميع قطاعات الشراكة ، تشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ومن جهة أخرى، شكل الاستقبال الذي خصص لرئيس الحكومة الاسبانية مناسبة لاستعراض مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك في جوانبها السياسية، الاقتصادية، الأمنية والثقافية. كما تطرقت هذه المباحثات أيضا للقضايا الإقليمية والدولية.
وأقام الملك مرفوقا بصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، بالإقامة الملكية بسلا، مأدبة إفطار على شرف رئيس الحكومة الإسبانية، حضرها عن الجانب الاسباني وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الاوروبي والتعاون خوصي مانويل ألباريس، وسفير اسبانيا بالرباط السيد ريكاردو دييز-هوشليتنر، وعن الجانب المغربي رئيس الحكومة عزيز أخنوش والمستشار الملكي فؤاد عالي الهمة، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
خارطة طريق بين البلدين
وفي ختام المباحثات، اعتمد المغرب وإسبانيا بيانا مشتركا، تم التأكيد من خلاله على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية، وأكد البيان على أنه وعيا من إسبانيا والمغرب بحجم وأهمية الروابط الاستراتيجية التي تجمعهما، والتطلعات المشروعة لشعبيهما للسلام والأمن والرخاء، فإنهما يدشنان اليوم بناء مرحلة جديدة في علاقاتهما الثنائية.
وفضلا عن استنادها إلى مبادئ الشفافية والحوار الدائم والاحترام المتبادل واحترام وتنفيذ الالتزامات والاتفاقات الموقعة بين الطرفين، فإن المرحلة الجديدة تستجيب لنداء الملك محمد السادس "بتدشين مرحلة غير مسبوقة في علاقة البلدين"، والملك فيليبي السادس "للسير سويا لتجسيد هذه العلاقة الجديدة"، كما تتوافق هذه المرحلة مع إرادة رئيس الحكومة الإسبانية " لبناء علاقة على أسس أكثر صلابة".
وبهذه الروح، يعتزم البلدان وضع خارطة طريق دائمة وطموحة، وتشكل زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المغرب لحظة مهمة لتعزيز خارطة الطريق المذكورة، وتحديد الأولويات للاجتماع المقبل، الرفيع المستوى، المقرر عقده قبل نهاية السنة الجارية.
وعلى هذا الأساس، تم الاتفاق على خارطة الطريق لتعزيز العلاقات بين البلدين، حيث تعترف إسبانيا بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب، وبالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة لإيجاد حل متوافق بشأنه. وفي هذا الإطار، تعتبر إسبانيا المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع.
وتم الاتفاق على معالجة المواضيع ذات الاهتمام المشترك بروح من الثقة والتشاور، بعيدا عن الأعمال الاحادية أو الأمر الواقع، كما تم الاتفاق على الاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية وللأشخاص على المستوى البري والبحري، وإعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين، حالا وبشكل متدرج إلى حين فتح مجموع الرحلات، وفي نفس الإطار، سيتم إطلاق الاستعدادات لعملية مرحبا.
وسيتم تفعيل مجموعة العمل الخاصة بتحديد المجال البحري على الواجهة الأطلسية، بهدف تحقيق تقدم ملموس، وإطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية، كما سيتم إعادة إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة. وفي هذا الإطار سيتجتمع الفريق الدائم المغربي الإسباني حول الهجرة قريبا.
واتفق الجانبان على القيام بالتنسيق في إطار رئاسة كل منهما لمسلسل الرباط للفترة 2022-2023، بشكل يسلط الضوء على التعاون المثالي في هذا المجال، لصالح مقاربة شاملة ومتوازنة لظاهرة الهجرة، وإعادة تفعيل التعاون القطاعي في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، من بينها: الاقتصادي والتجاري والطاقي والصناعي والثقافي.
وسيكون تسهيل المبادلات الاقتصادية والمواصلات بين البلدين موضوع اجتماع سيعقد قريبا، كما سيشكل مجال التربية والتكوين المهني والتعليم العالي أولوية خلال هذه المرحلة الجديدة. ولهذا الغرض، سيتم إحداث فريق عمل متخصص، وسيتم تعزيز التعاون الثقافي. وفي هذا الإطار، سيتم إحداث فريق عمل قطاعي في مجال الثقافة والرياضة. كما سيتم إعطاء دفعة جديدة لمجلس إدارة مؤسسة الثقافات الثلاث.
وتم الاتفاق على رفع تقارير أنشطة الاجتماعات وفرق العمل المح دثة أو الم فع لة للاجتماع رفيع المستوى، وسيبدء البلدان في التواصل حول تحيين معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون لسنة 1991، على أساس المبادئ والمحددات والأولويات التي ستوجه العلاقات الثنائية في السنوات المقبلة، كما سيقوم الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتشيس بتعيين لجنة مكلفة بالسهر على تنفيذ هذا البيان، في أجل 3 أشهر.
فتح صفحة جديدة
وأكد رئيس الحكومة الإسبانية، أن الملك محمد السادس اضطلع بدور "حاسم وبناء" في فتح مرحلة جديدة من الشراكة المغربية-الإسبانية، وقال سانشيز، خلال ندوة صحفية "أود أن أشيد بالدور الحاسم الذي اضطلع به صاحب الجلالة الملك محمد السادس لإنهاء الأزمة بين البلدين"، كما أعرب عن امتنانه للملك للدور البناء الذي اضطلع به، مما مكن من بدء هذه المرحلة الجديدة من التفاهم وحسن الجوار بين إسبانيا والمغرب، وأبرز رئيس الحكومة الإسبانية أيضا الاهتمام الذي أبداه الملك، خلال الأشهر الأخيرة، لضرورة التوصل إلى اتفاق ووضع أسس متينة لعلاقة جديدة بين البلدين.
وأكد رئيس الحكومة الاسبانية، أن المرحلة الجديدة التي انخرطت فيها اليوم مدريد والرباط تعد "لحظة تاريخية" ضرورية للبلدين من أجل تحديد علاقاتهما، وأوضح المسؤول الاسباني أن المغرب واسبانيا "بلدين جارين وصديقين وشريكين، ما يجعل من علاقتهما الثنائية علاقة استراتيجية"، مضيفا أن تعميق التعاون بينهما سيعود بالنفع عليهما معا.
وشدد سانتشيز أن الترابط بين البلدين في عدد من المجالات "هو في نهاية المطاف حقيقة لا يمكن إنكارها ، ومن مسؤولية الحكومتين تعزيز وتوثيق هذه العلاقات. الصداقة وروابط الصداقة والعلاقة الاستراتيجية"، وقال المسؤول الاسباني "نريد في الحكومة الاسبانية أن تستند هذه المرحلة الجديدة إلى مبادئ راسخة في خارطة طريق واضحة تسمح بإدارة القضايا المهمة من خلال التشاور و في سياق وضع طبيعي في إطار حسن الجوار الطيب بعيدا عن الأعمال الأحادية".
وأشار رئيس الحكومة الاسبانية إلى أنه تم الاتفاق على بحث وتحديد خارطة طريق "مستدامة وايضا طموحة" تكون موجها لتطوير هذه المرحلة الجديدة بين البلدين، واعتبر رئيس الحكومة الاسبانية أن اسبانيا والمغرب يدشنان اليوم مرحلة جديدة في علاقاتهما على اساس "التواصل المستمر والشفافية والاحترام المتبادل للاتفاقات الموقعة".
وأكد رئيس الحكومة الإسبانية، أن المغرب وإسبانيا يمكن أن يلعبا دورا هاما لفائدة الرخاء والاستقرار في أوروبا وإفريقيا، وقال سانشيز، إن إسبانيا يمكن أن تلعب دورا هاما لفائدة إفريقيا والمغرب في الاتحاد الأوروبي، والشأن نفسه بالنسبة إلى المغرب الذي يمكنه أن يضطلع، بل ويضطلع بدور استراتيجي لفائدة إسبانيا والاتحاد الأوروبي داخل الاتحاد الإفريقي.
وفي هذا الصدد، أشار رئيس الحكومة الإسبانية إلى أن المغرب وإسبانيا لا يتقاسمان القرب الجغرافي فحسب، وإنما أيضا الرغبة في المضي قدما معا من أجل تحقيق الانتعاش الاقتصادي وتحديث النسيج الإنتاجي وتطوير الاستثمارات المتبادلة، مسجلا أن إسبانيا شريك يحظى بالأولوية بالنسبة إلى المغرب، على مستوى العلاقات التجارية والاستثمارات، والعكس صحيح.
وتابع قائلا "أعتقد أن لدينا أهداف مشتركة، لا سيما في مجالات التحول الطاقي والهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة من أجل ضمان الرخاء للبلدين، وكذا الاستقرار الاقتصادي والرفاه لإفريقيا وأوروبا"، وخلص سانشيز إلى أن المغرب وإسبانيا يمكن أن يضطلعا بدور حاسم لفائدة الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والتحول الطاقي، في أوروبا وإفريقيا على السواء..