رأي... رياضة وطنية اسمها التضامن
مع تيلي ماروك
في المغرب هناك رياضة وطنية اسمها التضامن.
التضامن مع كل القضايا حتى ولو كانت غير عادلة.
المحامون يتضامنون مع زميل لهم يتفق الجميع حول اقترافه لأخطاء لا تشرف المحاماة. وعوض دفاعهم عن البذلة يدافعون عن تشطيب الأرض بها من طرف البعض.
الأطباء يتضامنون مع طبيب تسبب في مقتل مريضة وابنتها، وعوض أن يدافعوا عن الحق في الحياة يدافعون عن الحق في الخطأ.
الأساتذة يتضامنون مع أستاذ عنف تلميذة.
وهكذا أصبحنا أمام وضع غريب، فالهيئات المهنية عوض أن تدافع عن المهنة تفضل أن تتقمص دور النقابة وتدافع عن المهنيين، بغض النظر عن خرقهم لأعراف المهنة.
لقد أصبح التضامن هواية. بمجرد ما يتعرض صحافي للطرد أو يتعرض للقذف تقوم حملة تضامن معه، والحال أن هناك في البلد قانون شغل وقانون صحافة ونشر، والمفروض أن كل من أحس أن الجهة المهنية التي تشغله مارست شططا في حقه فما عليه سوى أن يلجأ ضدها للقضاء. وإذا كان هناك صحافي أحس أن منبرًا إعلاميًا استهدفه بقذف وتشهير فما عليه سوى أن يرفع عليه دعوى قذف في المحكمة. فالمحاكم وجدت لتقوم بهذا الدور أساسًا.
متى سيفهم الجميع أن القضاء هو الفيصل في قضايا الطرد والسب والقذف، وأن تحويل قضايا عادية وأحيانًا تافهة إلى معارك ضارية يبحث فيها البعض عن دور البطولة ليست في صالحه ولا في صالح البلد؟
متى سيفهم الجميع أن التضامن مع كل القضايا كيفما كانت أهدافها الخفية والمعلنة وكيفما كانت أهداف الواقفين خلفها هو نوع من الجهل والاستغفال؟
متى سيفهم الجميع أن حملات شيطنة جهة إعلامية على حساب جهة وتلميع اسم صحافي على حساب تلطيخ أسماء أخرى هو بالنهاية إهانة لذكاء الناس واستخفاف بعقولهم؟
إن الفيصل بين المتخاصمين والمتشاكسين هو القضاء، ويجب أن تظل قاعات المحاكم هي المكان الوحيد الذي تصدر منه الأحكام، لقطع الطريق على أحكام قضاء شبكات التواصل الاجتماعي وشريعة الغاب الرقمية.