غياب تام للأدوية المستعملة في علاج فيروس التهاب الكبد ... والمرضى في خطر
مع تيلي ماروك
حسب القرار الصادر عن اللجنة التابعة للأمانة العامة للحكومة، عرض مختبر وطني بواسطة شكايته احتواء الحصتين 179 و180 من طلب العروض رقم 12/2019 المعلن عنه من طرف وزارة الصحة، المتعلقتين بتوريد أدوية مضادة للفيروس الكبدي «س» على بنود تمييزية وشروط غير متناسبة مع موضوع الصفقة، مرجعا الأمر إلى كون الوزارة خصصت فقط ثلث حاجياتها من هذا الدواء من خلال الحصة 179 في النوع الذي يحتوي على التركيبة المكونة من المادتين الفعالتين «سوفوسبيفير+فلبلاسفير»، والتي تسمح بإجراء المنافسة بين المختبرات الوطنية التي تصنعه، بينما خصصت ثلثي الصفقة بواسطة الحصة 180 إلى النوع الذي يحتوي على التركيبة المكونة من المادتين الفعالتين «سوفوسبيفير+داكلاتسفير»، وهو الدواء الذي تصنعه شركة أمريكية. واعتبر المختبر المشتكي أن ما تم اعتماده بشأن الحصة 180 فيه مساس بمبدأ المنافسة، نظرا لكون الدواء الذي يحتوي على هذه التركيبة مستوردا من قبل جهة واحدة فقط، وهي التي ستحصل تبعا لذلك على هذه الحصة لانعدام أي مختبر وطني منافس لها.
وإثر ذلك وجهت اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية رسالة إلى وزارة الصحة قصد إبداء موقفها من مضمون الشكاية، وأفادت الوزارة، في معرض رسالتها الجوابية، بأنها أجرت بحثا حول مدى احترام طلب العروض موضوع الشكاية للمساطر والمقتضيات القانونية، واتضح لها أن التنصيص على نوعين من الأدوية لعلاج أمراض الفيروس الكبدي كان بهدف ضمان توسيع المنافسة بين المصنعين على اعتبار أن أحد الأنواع غير ملائم للمرضى الذين يعانون إصابة مزدوجة تجمع بين الفيروس الكبدي نوع «س» وداء فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز)، وأنها سعيا منها لتحسين مضمون طلب العروض ومراجعة كيفية تحديد الحاجيات من الأدوية المخصصة لعلاج الفيروس الكبدي بما يضمن الشفافية والعدالة في مشاركة المختبرات، فقد تقرر إلغاء الحصتين 179 و180 موضوع الشكاية من طلب العروض المذكور على أن يتم تخصيص طلب عروض جديد لتلبية الحاجيات المراد توفيرها من هذا الدواء .
لكن بعد مرور أزيد من سنة على قرار إلغاء الصفقة، لم تعلن الوزارة عن إعادة فتحها من جديد، علما أن هذا الدواء غير متوفر بالمستشفيات العمومية منذ سنة 2016، ما يحرم آلاف المواطنين من حقهم في العلاج، بعدما تمكنت شركة وطنية من صناعة دواء جنيس لمعالجة داء التهاب الكبد الفيروسي، وحصولها على الإذن بتسويقه بثمن منخفض بمبلغ 3 آلاف درهم مقارنة مع الثمن الذي كانت تبيعه إحدى الشركات الأمريكية بمبلغ 80 مليون سنتيم.
وأكدت المصادر أن جميع المستشفيات العمومية بالمغرب تعاني من غياب تام للأدوية المستعملة في علاج مرض التهاب الكبد الفيروسي من نوع «س»، منذ خمس سنوات، بسبب ضغوطات مارستها لوبيات نافذة داخل وزارة الصحة من أجل تأجيل إعلان صفقة لتزويد المرافق الصحية العمومية بهذه الأدوية إلى حين حصول الشركة الأمريكية على الترخيص، مع العلم أن الدواء عندما كان ثمنه باهظا (80 مليون سنتيم) كانت الوزارة تقتنيه من شركة أمريكية، وعندما بدأت تصنعه الشركة الوطنية «فارما 5» بثمن أقل (3 آلاف درهم) منذ سنة 2015، أوقفت الوزارة الصفقة، ولم يتم الإعلان عن الصفقة إلا خلال شهر شتنبر من السنة الماضية، بعد حصول الشركة الأمريكية على ترخيص الإذن بالبيع في السوق، خلال شهر مارس من نفس السنة، قبل أن يقرر وزير الصحة، خالد آيت الطالب إلغاء الصفقة، نظرا للخروقات والتلاعبات التي شابتها، والتي كشفت عنها جريدة «الأخبار»، لكن الوزير لم يعلن عن فتح الصفقة من جديد رغم الخصاص الذي تعرفه المستشفيات العمومية، ما يهدد حياة آلاف المغاربة. وتشير الإحصائيات إلى وجود حوالي 50 ألف مريض يعرفون إصابتهم بالفيروس، فيما يوجد أكثر من نصف مليون مغربي لا يعرفون أنهم مصابون بالفيروس القاتل، حيث يصل عدد الوفيات سنويا لما يقارب 5 آلاف شخص، ورغم خطورة الوضع، لم تقم وزارة الصحة بأي حملة للكشف عن المرض، وأغلب المرضى الذين يعرفون أنهم مصابون بالفيروس يكتشفون ذلك بالصدفة، من خلال الكشف عن أمراض أخرى أو تظهر عليهم بعض الأعراض الجانبية.