50 في المائة من المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية وعقلية
مع Télé Maroc
كشفت وثيقة صادرة عن وزير الصحة معطيات صادمة بخصوص الصحة العقلية والنفسية للمغاربة. وأفادت الوثيقة بأن حوالي 50 في المائة من المواطنين يعانون أو عانوا من اضطرابات نفسية، ما يؤدي إلى كلفة ثقيلة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
وأكد وزير الصحة، خالد آيت الطالب، في رده على سؤال كتابي وضعته البرلمانية نعيمة الفتحاوي، أن الصحة النفسية تعتبر مشكلا أساسيا ضمن مشاكل الصحة العامة بالمغرب، لذا فإن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية جعلت قطاع الصحة النفسية من ضمن أولوياتها، ذلك أن الأرقام الرسمية تظهر نسب انتشار مهمة للاضطرابات العقلية والنفسية، حيث إن 48.9% من المغاربة يعانون أو عانوا من اضطراب نفسي في فترة ما في عمرهم، وأوضح الوزير أن هذه النسبة، التي وردت في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، سبق أن كشفها المسح الوطني للسكان من 15 سنة فما فوق.
وكشف هذا المسح الذي قامت به وزارة الصحة أن 26 % من المغاربة عانوا من الاكتئاب خلال حياتهم، و9 % عانوا من اضطرابات القلق، و5,6 % يعانون من اضطرابات ذهانية، و1 % يعانون من مرض الفصام. وأكد الوزير أن هذه الاضطرابات بكلفتها الثقيلة، سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي وبظاهرة الوصم التي تؤدي إلى التمييز، تحد من إمكانية ولوج الأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات إلى العلاج.
وحسب الوثيقة، فإن المغرب يتوفر على أقل من 1 طبيب نفساني لكل 100.000 نسمة، مقارنة مع المعدل العالمي المقدر بـ 100000/1.7 والمعدل الأوروبي 100000/9.7، فضلا عن أن عدد المساعدات الاجتماعيات لا يتجاوز 14 بالقطاع العام والشيء نفسه بالنسبة للأخصائيين النفسانيين، علما أنه بالنسبة للفئة الأخيرة يُطرح مشكل الإطار القانوني للوظيفة.
ويتوفر العرض الصحي حاليا على طاقة سريرية لا تتجاوز 6,43 سرير لكل 100.000 نسمة، وهي أقل من المعدل العالمي المقدر بـ 100.000/13.3 والمعدل الأوروبي بـ 100.000/47.3 وهي موزعة كالتالي: 25 مصلحة للطب العقلي مدمجة في المستشفيات العامة، تضم 825 سريرا، و11 مستشفى للأمراض النفسية (الجامعية والعمومية) تضم 1341 سريرا، و3 مصالح استشفائية جامعية لطب الإدمان تضم 46 سريرا.
وأقر الوزير بأن هذه الطاقة السريرية تعتبر غير كافية لسد حاجيات الساكنة، لاسيما أن حوالي 20% منها تبقى معطلة بسبب مشكل الاستشفاءات غير المناسبة، والتي تكون لدواع اجتماعية وإنسانية وليس لدواع طبية، ويتعلق الأمر بالمرضى الذين استقرت حالتهم العقلية ويحتاجون لمواصلة العلاج خارج المستشفى، إلا أنه يتم تمديد مدة استشفائهم مما يحول دون ولوج المرضى الآخرين للاستشفاء والعلاج.
وللتخفيف من مشكل الاستشفاءات غير المناسبة والمسؤولة عن ضياع أكثر من 2820 استشفاء متوسط المدة في السنة، أشار المسؤول الحكومي إلى أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قامت بإصدار دورية وزارية سنة 2018 عدد 2018/61 حول معايير استشفاء الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية في إطار الإيداع القضائي، منها تخصيص ما بين 10 إلى 20% من عدد الأسرة بمؤسسات الأمراض العقلية من أجل استشفاء هذه الفئة وتحديد كحد أدنى 6 اجتماعات سنوية للجنة الصحة العقلية للفصل في طعون النيابة العامة ضد قرارات إخراج المرضى المتخذة من طرف الأطباء المعالجين.
وأبرز الوزير أن هذا المشكل لن يتم حله بدون إشراك القطاعات الأخرى المعنية، خصوصا وزارة التضامن، وزارة الداخلية، وزارة العدل، المندوبية العامة لإدارة السجون، وزارة الإسكان وغيرها. ومن جهة أخرى، كشف الوزير أن الوزارة حاليا بصدد اتخاذ إجراءات أخرى لتعزيز الصحة العقلية، ومنها مشروع تقييم منظومة الصحة النفسية بدعم من منظمة الصحة العالمية، حيث ينتظر أن يتم إعداد تقرير مفصل حول هذه المنظومة مع بداية 2023، وبلورة المخطط الوطني الاستراتيجي متعدد القطاعات للصحة العقلية يأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع وحقوق الإنسان، وذلك بإشراك القطاعات الأخرى المعنية والمجتمع المدني. وأكد الوزير أن هذا المشروع سيرى النور خلال سنة 2023 بدعم من منظمة الصحة العالمية والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD). وسوف يضم هذا المخطط محورا يتعلق بتعزيز الصحة العقلية والوقاية من الاضطرابات العقلية والمخاطر النفسية الاجتماعية. كما تستعد وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لإصدار وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار للفترة 2023-2030 بمشاركة القطاعات الأخرى المعنية بالظاهرة.