حكومة العثماني أمام مأزق إنقاذ 1.7 مليون شاب بدون تعليم أو تدريب
مع Tele Maroc
نظم المرصد الوطني للتنمية البشرية، بالشراكة مع اليونيسف، ندوة رقمية لعرض نتائج دراسة وضعية فئة الشباب لا يتابعون دراستهم ولا يستفيدون من تكوين وليسوا في سوق الشغل، بمشاركة وزارة الثقافة والشباب والرياضة. هذه الدراسة أعطت نظرة شمولية حول هذه الفئة، وذلك عبر تشخيص وتحليل كمي ونوعي بغية فهم أسباب ظهورها، وتحليل التباين في وضعيات هؤلاء الشباب، وكذا صياغة مقترحات لإدماجهم اقتصاديا واجتماعيا. ولعل أهم نتائج هذه الدراسة، والتي تعتبر تحديا حقيقيا للحكومات القادمة في أفق 2030، أن من بين 6 ملايين شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة، بلغ معدل الشباب "خارج التعليم أو العمل أو التدريب" في 2019 نسبة 28.5 بالمائة أي 1.7 مليون شاب.
بدون تعليم أو تدريب أو عمل
أجريت هذه الدراسة التي استند مسحها النوعي إلى 549 مقابلة فردية و83 مجموعة مناقشة مع شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاما في 23 بلدة، بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) ، وهي تهدف، من خلال تشخيص وتحليل وكمي ونوعي، إلى فهم أسباب ظهور هذه الفئة التي تطلق عليها التسمية الأنغلوساكسونية المختصرة «NEETs »، وتحليل عدم التجانس في أوضاعهم وصياغة مقترحات تكفل إدماجهم السوسيو اقتصادي.
وأكد الكاتب العام للمرصد الوطني للتنمية البشرية، حسن المنصوري، في كلمة خلال هذا اللقاء الذي عقد بصيغة حضورية وافتراضية، أن المرصد يولي أهمية خاصة لقضية الشباب، وعيا منه بأن هذه الفئة من المواطنين هي فاعل في التنمية السوسيو اقتصادية ورافعة لخلق الثروة، مشيرا إلى أنه تم وضع العديد من الآليات التي تدمج البعد «الشبابي» من أجل كبح المنحى المتزايد للشباب «خارج التعليم أو العمل أو التدريب».
وبعد أن استعرض العديد من المبادرات، من قبيل مؤسسات الحماية الاجتماعية والمراكز التابعة لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج النزلاء، وبرامج إعادة الإدماج المدرسي ومحاربة الهدر المدرسي، وكذا تلك التي تروم تمكين المرأة، أبرز المنصوري أن ثمة تطلعا إلى وضع الشباب في صلب السياسات العمومية ولا سيما الانسجام مع المبادئ التوجيهية لدستور المملكة.
وبخصوص نتائج الدراسة، قال المنصوري إن من بين 6 ملايين شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة، بلغ معدل الشباب «خارج التعليم أو العمل أو التدريب» في 2019 نسبة 28.5 بالمائة أي 1.7 مليون شاب ، بينما 55 بالمائة من الشباب أي 3.2. مليون، يواصلون تعليمهم، أو يتدربون أو يخضعون لتدريب مهني، و 16.1 بالمائة، أي مليون شاب، يمارسون مهنة ، موضحا أن هذه الفئة من المغاربة تواجه صعوبة بالغة في إيجاد مكانها داخل المجتمع.
وعلى المستوى الكمي، حددت الدراسة خمس فئات لـ «الشباب خارج التعليم أو العمل أو التدريب»، ويتعلق الأمر بربات البيوت القرويات اللائي يتحملن المسؤولية الأسرية (54.3 بالمائة )، وسكان المدن الشباب المحبطين (25 بالمائة)، والشباب في وضعية انتقالية (7.8 بالمائة)، والشباب خارج التعليم أو العمل أو التدريب المتطوعين عن طريق الاختيار (7.5 بالمائة)، و «الشباب خارج التعليم أو العمل أو التدريب» الذين يعانون من مشاكل صحية (5.1 بالمائة)، مسجلة أن النساء الشابات يمثلن 4. 76 بالمائة من الشباب خارج التعليم أو العمل أو التدريب، وأن 36.1 بالمائة منهن قرويات مقابل 23.3 بالمائة فقط يعشن في الوسط الحضري.
مشكلة عامة ولكن..
من جانبه، أكد المدير الإقليمي لليونيسف لشمال إفريقيا والشرق الأوسط ، تيد شيبان، أن قضية «الشباب خارج التعليم أو العمل أو التدريب» هي مشكلة ليست شائعة في المغرب فقط ولكنها مشتركة بين العديد من البلدان خاصة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفي هذا الصدد، أشار شيبان إلى أن الحل بالنسبة لليونيسف يكمن في وضع مقاربة متعددة القطاعات تشمل كلا من القطاعين العام والخاص، على المستويين الوطني والمحلي، وتركز بشكل خاص على وضعية الفتيات والنساء، لاسيما في المناطق القروية. كما أكد على ضرورة توفير تعليم ذي جودة، وسهل الولوج، والذي من شأنه معالجة هذه الظاهرة الاجتماعية التي تشكل عجزا من الناحية السوسيو اقتصادية.
من جهتها، أبرزت ممثلة اليونيسف في المغرب، جيوفانا باربيريس، الأهمية البالغة لهذه الدراسة التي ستكون بمثابة دليل مرجعي للأمم المتحدة في إطار برامجها المستقبلية، مؤكدة على ضرورة الاستفادة من التحول الديمغرافي الذي تشهده المملكة حتى يتمكن الشباب المغربي من أن يصبح رافعة للتنمية السوسيو اقتصادية. ولتحقيق هذه الغاية شددت السيدة باربيريس على الحاجة إلى اعتماد مقاربة مندمجة ومتعددة القطاعات.
من جانبه، ذكر مدير الشباب والطفولة والشؤون النسوية بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، عثمان كاير، بأنه عند إنجاز التشخيص في أفق إعداد الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب 2015-2030 ، أشارت الوزارة إلى ضرورة الالتقائية بين تدخلات جميع الأطراف المعنية بإدماج الشباب. وبعد أن أكد على أن هذا المطلب لايزال ذا راهنية في معالجة إشكالية «الشباب خارج التعليم أو العمل أو التدريب»، سجل كاير أن العمر الافتراضي لهدر الشباب يتراوح بين 15 إلى 29 عاما بمعدل 28 بالمائة على المستوى الوطني.
من جهة أخرى، أوصت الدراسة، في ضوء الاستنتاجات التي تم التوصل إليها، بتأمين المواكبة لمسارات جميع الشباب، وضمان اندماجهم السياسي والاقتصادي ، وتحسين الولوج إلى التكوين المهني لـ«الشباب خارج التعليم أو العمل أو التدريب» بالعالم القروي، فضلا عن تعزيز التكفل بالصحة النفسية واضطرابات التعلم لدى الشباب الأكثر هشاشة.