دراسة لمعهد الجزيرة للدراسات تؤكد أن عمود «شوف تشوف» كان وراء رفع نسبة مبيعات وقراء ثلاث جرائد منذ 2003 وإلى اليوم
مع
كشفت دراسة حديثة لمركز الجزيرة للدراسات التابع لشبكة الجزيرة القطرية، معطيات دقيقة حول واقع الصحافة المكتوبة والإلكترونية بالمغرب. وأشار التقرير، الذي حمل عنوان «حالة الصحافة الورقية والإلكترونية في المغرب.. اقتصاد سياسي بامتياز»، والذي ركز على واقع الصحافة المكتوبة في المغرب ما بين سنتي 2008 و2014، إلى أن الصحافة العربية المطبوعة والإلكترونية شهدت توسعاً غير مسبوق خلال السنوات الممتدة بين تسعينات القرن الماضي ومطلع الألفية، مبينا أن صحيفتين ورقيتين جسدتا التطور الذي طال الصحافة الناطقة بالعربية، وهما جريدة «المساء» وجريدة «الأخبار». وأشار التقرير إلى أن كلتا الصحيفتين نجحت خلال عامين في بناء قاعدة معتبرة من المتابعين والقرَّاء بسبب وفرة قراء العمود اليومي «شوف تشوف» لكاتبه رشيد نيني، الذي يكتبه بمزيج من العربية الفصحى واللهجة المغربية».
وفي السياق نفسه، أشار تقرير مركز الجزيرة إلى أن عمود «شوف تشوف» أدى إلى زيادة المبيعات في أول يوم شارك به في صحيفة «الصباح»، ثم استمر الكاتب في إصدارين آخرين شارك في إنشائهما وتطويرهما، وهما «المساء» و«الأخبار». وأوضح مركز الجزيرة أن «العمود نجح في شجب ممارسات الفساد والظلم الاجتماعي، بما في ذلك ما يطول الدوائر الحكومية، فضلاً عن نشر العديد من حالات «السبق الصحفي»، فنال من كل ذلك حظوة كبيرة»، توضح الدراسة، التي وصفت رشيد نيني بـ«الظاهرة الحقيقية، ومن كتَّاب الرأي المشاهير في الصحافة العربية ممن اجتذبوا آلاف القرَّاء إلى صفحاتهم في أوقات عديدة»، مبينة أن الصحافة الناطقة بالفرنسية «تفتقر إلى هذه الظاهرة، على الرغم من أن الصحيفة اليومية «الرسمية» تحظى باستقرار نسبي منذ مطلع الألفية».
وفي المقابل، كشف التقرير الأوضاع الهشة التي تعرفها الصحافة الوطنية، مرتكزا على تقارير إحصائية بينت أن توزيع المطبوعات في العام 2008 لم يتجاوز 10 نسخ لكل 1000 مواطن، كما أن إجمالي مبيعات الصحف البالغ عددها 36 صحيفة في المغرب انخفض انخفاضاً مطرداً من 87.4 مليون نسخة إلى 61.9 مليون نسخة بين عامي 2009 و2014، وذلك وفق بيانات المكتب المغربي لمراقبة توزيع الصحف (OJD)، كما انخفض إجمالي معدل توزيع الصحف اليومية من 250.296 نسخة في 2009 إلى 175.760 نسخة في 2014، وهو الواقع الذي اختلف لدى الصحافة الإلكترونية في تلك الفترة، حيث إن تلك المنصات الجديدة «تماماً» حققت نجاحاً لا مراء فيه من حيث عدد الزوار الذي يفوق المنصات المرتبطة بالأخبار المطبوعة بكثير. وأظهر الاستطلاع الذي أجري في سنة 2015 أن 67 في المائة من المستجوبين أفادوا بأنهم يقرؤون الصحافة الرقمية، وذلك في مقابل 17 في المائة فقط يقرؤون الصحافة الورقية، و26 في المائة يقرؤون الصحافة الرقمية والورقية معاً.
من جانب آخر، بينت دراسة مركز الجزيرة هيمنة الصحافة الوطنية على ما سواها، وأشارت الدراسة إلى أنه، بالرغم من وجود إصدارات جهوية (تمثل نحو 23.7 في المائة من الإصدارات الورقية في 2005)، فإنها تعاني من إشكالية الاستمرار، فيما يظل القطاع، والحال هذه، متركزاً بشدة في العاصمة الاقتصادية للبلاد، الدار البيضاء، تليها الرباط، وإنْ بدرجة أقل، أما نسبة الصحفيين العاملين في الصحافة الجهوية الحاملين بطاقة صحفية مهنية سارية فلم تتجاوز 5.4 في المائة في العام 2005. كما أوضحت الدراسة أن قطاع الصحافة المغربي يستند بالأساس إلى الصحف اليومية، مع محدودية نسبية في توزيع المجلات