الوالي اليعقوبي يجر العمدة الصديقي إلى القضاء
مع
انتقلت عدوى تصاميم البناء المزورة إلى العاصمة الرباط، حيث أحال محمد اليعقوبي، والي الجهة، ملفات ثقيلة على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالمدينة نفسها، يطلب منه فتح بحث قضائي بخصوص هذه الملفات، ومنها الترخيص ببناء فندق في ملكية مستثمر مقرب من حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه عمدة المدينة، محمد الصديقي.
وأصدر اليعقوبي قرارات تقضي بسحب رخص للبناء منحها مجلس الرباط، الذي يترأسه النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، محمد الصديقي، بناء على تصاميم بناء مزورة، ومن بينها رخصة بناء فندق بحي أكدال، بعدما وصل هذا الملف إلى القضاء. وكشفت المصادر وجود رخص أخرى منحتها موظفة توصف بـ"المرأة الحديدية" داخل مجلس المدينة، وذلك بالاعتماد على تصاميم مشكوك في صحتها، لكونها تتضمن معطيات وبيانات مخالفة للتصاميم الأصلية التي يتم بموجبها الحصول على رخص البناء، حيث يتم إدخال تعديلات على التصاميم للحصول على رخص لتسوية الوضعية، وهي الطريقة نفسها التي كان معمولا بها بمجلس مدينة فاس في عهد العمدة السابق، حميد شباط، حيث أحيلت تصاميم مزورة على غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف، ويتابع في الملف حوالي 20 شخصا.
وأحال الوالي على الوكيل العام كل الوثائق المرتبطة بهذا الملف، وطلب منه البحث في الوقائع المرتبطة به، واتخاذ المتعين بشأنها سيما أن المشتكي يشير إلى مسألة التزوير في وثائق رسمية التي رسم لها القانون حماية خاصة ورتب على المزور فيها عقوبات جنائية. كما توصل وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، وكذلك الوالي زينب العدوي، المفتش العام للإدارة الترابية بالوزارة، بكل وثائق هذا الملف. وأشارت الشكاية إلى أنه بالرجوع إلى الرخصة وتصميم البناء المصادق عليهما من طرف الجهات المختصة، فقد تم الحصول عليهما باستعمال وثائق مزورة وبطرق تدليسية بالتواطؤ مع بعض مسؤولي الإدارة، ما دفع بلجنة مختلطة عاينت ورش البناء إلى رفع تقرير إلى عمدة الرباط، محمد الصديقي، القيادي بحزب العدالة والتنمية، الذي قرر سحب رخصة البناء، لكن الشركة نفسها تقدمت بطلب جديد للحصول على الرخصة، وبعد الاطلاع على الطلب، تبين أنه مجرد تعديل للتصميم السابق، دون الأخذ بعين الاعتبار لقرار إلغاء الرخصة من طرف العمدة. وتحدثت الشكاية عن تواطؤ مسؤولة كبيرة بقسم التعمير والبناء، التي صرحت لباقي أعضاء اللجنة الذين قاموا باستفسارها عن سبب توقيعها على الموافقة، بأنها تعمل على تطبيق تعليمات العمدة بالتساهل مع صاحب الفندق المقرب من حزب العدالة والتنمية.
وأوضح الوالي، في رسالة موجهة إلى النيابة العامة، أنه في إطار دراسة الشكايات المحالة على هذه المصالح في مجال ضبط ميدان التعمير، توصلت مصالح الولاية، بتاريخ 4 غشت 2017، بشكاية بواسطة نوفل الشرقاوي، المحامي بهيئة الرباط، مفادها كون إحدى الشركات شرعت في بناء فندق من أربعة طوابق فوق عقار يتواجد بحي أكدال الراقي وسط العاصمة، في خرق سافر للقواعد المنظمة لمجال التعمير، بناء على رخصة مسلمة من طرف جماعة الرباط بتاريخ 7 يوليوز 2017، وقرر الوالي تشكيل لجنة مختلطة انتقلت إلى الورش موضوع الشكاية بتاريخ 17 غشت 2017، حيث عاينت مجموعة من الخروقات، أبرزها عدم إدلاء المسؤول عن الورش لأعضاء اللجنة بدفتر الورش وكذا التصريح بافتتاح الورش. وبطلب من المشتكي الذي يملك شقة بعمارة خلف ورش البناء، قامت اللجنة بولوج الشقة وقياس مسافة الارتداد القانوني التي تفصل بين العقار المتواجد بالجهة الخلفية وهي 6 أمتار، في حين أن التصميم المرفق بملف طلب الترخيص والمنجز من طرف المهندس الطوبوغرافي يشير إلى أن المسافة بالفناء هي 9,31 أمتار، وبناء عليه تم سحب الرخصة بمقتضى قرار رئيس جماعة الرباط، تحت عدد 845/17 الساري المفعول ابتداء من يوم 18 غشت 2017، إلا أنه بتاريخ 28 دجنبر 2017 تقدمت الشركة من جديد بطلب يرمي إلى تغيير التصميم المرخص له استجابة ضمنية لملاحظات اللجنة، ولتصحيح الخطأ الذي تضمنه التصميم الطوبوغرافي، غير معتبرة لقرار سحب الرخصة سالف الذكر، الذي أصبحت معه الرخصة المؤرخة في 7 يوليوز 2017 هي والعدم سواء.
وبتاريخ 11 ماي 2018، تقدم المحامي بشكاية جديدة حول الضرر المحتمل إزاء بناء الفندق بتلك المواصفات التعميرية للبناية المجاورة له، ومن ضمن مرفقات شكايته محضر معاينة منجز من طرف المفوض القضائي، تثبت عملية الشروع في إنجاز الورش، وكذا استقراء للوحة الإشهارية للورش التي تضمنت مراجع للرخصة الجديد المسلمة بتاريخ 3 أبريل 2018. وفي هذا الصدد، كلف الوالي لجنة مختلطة انتقلت إلى محل الورش بتاريخ 25 أبريل الماضي، وأنجزت محضرا تضمن العديد من الملاحظات، كون الأشغال جارية بالورش، وتتضمن اللوحة الإشارة إلى رخصة للبناء مؤرخة بتاريخ 3 أبريل، وتم الإدلاء للجنة من طرف المكلف بالورش، برخصة بناء تحمل تاريخ 17 أكتوبر 2018، وتصميم مرخص يحمل طلب بناء على مستوى فقرة تقديم المشروع المرفقة بالتصميم، غير أن اللجنة لاحظت كون الرخصة تحمل عنوان رخصة بناء، كتبت كلمة "الرخصة" بالآلة الكاتبة بينما كتبت كلمة "بناء" بخط اليد موضوعا عليه طابع الجماعة. ويحمل التصميم المرخص كلمة "تصميم البناء" ملحقة بأصل الوثيقة، وبناء عليه أوصت اللجنة بسحب الرخصة مع إيقاف الأشغال بالورش، وبتاريخ 30 أبريل الماضي، تمت مراسلة جماعة الرباط من أجل سحب الرخصة.